تعمل سلط الاشراف على تخصيص الدين لتمويل عوامل النمو وخلق الثروة، وذلك لضمان استدامة الدين العمومي. كما يجري السعي، بنسق حثيث، لتنويع مصادر تمويل الميزانية العامة للدولة، وهو يتم بالتوازي مع بذل جهود كبرى لتحسين القدرات الإنتاجية ومزيد تطوير النظام الضريبي بما من شأنه أن يحد من عجز الميزانية. في ظل ظروف اقتصادية عالمية معقدة، تستمر تونس في إثبات قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية، مما يعكس مرونة مهمة في إدارة الدين العمومي. وتسدد البلاد ديونها معتمدة على مجموعة من العوامل الايجابية التي ساهمت في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، على الرغم من تحديات دولية عديدة. الاعتماد على التمويل الداخلي وتحسين الاستخلاص الضريبي اعتمد الاقتصاد التونسي بشكل متزايد على التمويل الداخلي مما خفف من الضغط على مصادر التمويل الخارجية. إلى جانب ذلك، أدى تحسن انتظام الاستخلاص الضريبي إلى زيادة الموارد المالية المتاحة لخزينة الدولة. هذه الخطوات انعكست إيجاباً على القدرة على تسديد الديون في اجالها، مما يوضح جهوزية الهياكل المالية لمواجهة الاحتياجات المستجدة. ويشهد شهر أوت الجاري عمليات مهمة لسداد الديون الداخلية ذلك انه من المنتظر وفق المعطيات الرسمية تسديد قروض في شكل سندات خزينة قصيرة الاجل بمبالغ تقدر بنحو 891 مليون دينار. على الجهة الخارجية، من المرتقب ان يتسم الشهر الجاري بخلاص قسط من التمويل المقدم من صندوق النقد الدولي، ضمن آلية الائتمان الموسعة بما يعادل 25.6 مليون دولار او 74.1مليون دينار بحساب الاسعار الجارية لصرف الورقة الخضراء مقابل العملة الوطنية، وهو ما يعزز الثقة في التزام الدولة تجاه المؤسسات المالية الدولية. وتؤكد هذه المؤشرات استقرار الأداء المالي للاقتصاد التونسي في المرحلة الراهنة. تدفق العملات الأجنبية وتأثيرها في خفض العبء المالي يلعب تدفق العملات الأجنبية دوراً محورياً في تعزيز قدرة الدولة على مواجهة التزاماتها الخارجية، إذ ساهمت صادرات المنتجات الفلاحية والصناعية بشكل ملحوظ في توفير موارد نقدية مهمة. يضاف إلى ذلك ارتفاع عائدات السياحة وتحويلات التونسيين العاملين في الخارج، التي تمثل دعماً مستداماً لاحتياطي النقد الخارجي. وشكلت هذه العوامل معاً سبباً في تحقيق سداد متوازن للديون دون وقوع اشكالات نقدية. وتشير البيانات الاقتصادية إلى تحسن النسق العام للنمو الاقتصادي، حيث شهدت تونس نمواً بنسبة 1.4% خلال 2024 على الرغم من الضغوط الخارجية. وقد ساهم هذا الأداء في الحفاظ على استقرار الدين العمومي، حيث بلغ إجمالي سداد الديون الخارجية في العامين الأخيرين 2.4 مليار دولار أي ما يناهز 7.4 مليار دينار تم التعقد في خصوصها على مستوى الاسواق المالية العالمية، مما يبرز قدرة الاقتصاد الوطني على الوفاء بالتزاماته المالية. في ضوء هذه المعطيات، فإن الاقتصاد التونسي يواصل مسيرة متينة في إدارة دينه العمومي، مدعوماً بإجراءات مالية حذرة ومصادر متعددة للدخل. ويبقى الحفاظ على هذا الزخم أمرًا أساسيًا لإدامة استقرار المالية العمومية وانسجام السياسة الاقتصادية مع متغيرات الأسواق العالمية.