نشرت فرنسا ثلاث طائرات مقاتلة من طراز «رافال» من أجل «المساهمة في حماية الأجواء البولندية»، وفي شكل أوسع، حماية أوروبا الشرقية في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو). أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا القرار مساء الخميس، بعد يوم من تعهده «لرئيس الوزراء البولندي دونالد توسك» على خلفية توغلات لطائرات مسيّرة روسية في الأجواء البولندية. وأوضح ماكرون أنه أجرى أيضاً محادثات مع الأمين العام لحلف الناتو مارك روتّه ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، مؤكداً: «لن نرضخ أمام التهديدات المتصاعدة من روسيا». مهام جوية مشتركة ودور رادع ستشارك المقاتلات الفرنسية عملياً في مهام شرطة الأجواء والدفاع الجوي (دوريات، تحديد هوية، اعتراض) ضمن المنظومة المتكاملة للحلف. ويهدف هذا الانتشار إلى تعزيز وضعية الردع والحماية على الحدود الشرقية للناتو، بالتنسيق مع القدرات البولندية والحليفة (رادارات، مراقبة جوية، أنظمة دفاع جوي أرضية وطائرات استطلاع). وقد تم اختيار صيغة النشر — ثلاث طائرات رافال — لتأمين قدرة دائمة على القيام بدوريات مع إمكانية التناوب، مع الحفاظ على جاهزية عالية للتدخل في حال رُصدت تهديدات سواء من مسيّرات بطيئة أو طائرات سريعة. ويأتي هذا القرار في سياق توتر متزايد على الجبهة الشرقية للحلف، إذ كانت وارسو قد أشارت مؤخراً إلى مسارات طائرات مسيّرة قادمة من الساحة الأوكرانية. كما يندرج في إطار سلسلة من الانتشارات الدفاعية للحلفاء منذ 2022، الهادفة إلى طمأنة الدول المجاورة، وردع الخروقات، وتقليص خطر التصعيد من خلال وجود مرئي لكنه يظل محض دفاعي. تحليل – الرمز والتداعيات المحتملة رسالة سياسية قوية يجسد الخيار الفرنسي التضامن الأطلسي والتقارب الاستراتيجي الفرنسي–البولندي: باريس تُظهر جاهزيتها العملياتية وانسجامها مع نهج الصرامة تجاه موسكو، في الوقت الذي تنسّق فيه عن قرب مع لندن ومقر الحلف. تأثير رادع مع مخاطرة مضبوطة وجود مقاتلات حديثة يزيد من كلفة انتهاك المجال الجوي لأي طرف معادٍ. في المقابل، فإن تزايد تحليق المسيّرات منخفضة البصمة يفرض يقظة أكبر: فالمخاطرة الأساسية ليست مواجهة مباشرة، بل حادث عرضي (حطام، التباس، مسارات متداخلة). إدراج المهمة في إطار إجراءات الناتو (تحديد الهوية، الإنذارات، التناسب) يحدّ من هذا الخطر. أثر على القدرات ورسالة أوروبية بالنسبة للقوات الجوية والفضائية الفرنسية، يكمن التحدي في استدامة الانتشار (فنيون، ذخائر جو–جو، لوجستيك) من دون التأثير على التزامات أخرى. أما على الصعيد الأوروبي، فيعيد هذا الانتشار التذكير بأن الدفاع الجوي الموحّد يبقى خط الحماية الأول للقارة، وأنه يتطلب استثمارات متواصلة (أجهزة استشعار، قابلية التشغيل البيني، ذخائر، أنظمة مضادة للمسيّرات). خلاصة إن إرسال ثلاث مقاتلات «رافال» — بانتشار مدروس، قابل للتراجع، ودفاعي الطابع — يحمل دلالة رمزية تفوق حجمه: فهو يغلق السماء شرقاً، يعزز مصداقية تماسك الحلفاء، ويهدف إلى ردع محاولات اختبار الحدود. أما التطورات المقبلة فستعتمد على حجم الضغط الروسي عبر المسيّرات وعلى قدرة الحلفاء على الحفاظ على نهج متوقع ومتوازن لتفادي أي تصعيد غير مرغوب فيه. تعليقات