القرية الزرقاء والبيضاء المعلّقة على منحدرات خليج تونس تخطو خطوة حاسمة نحو اعتراف عالمي. فمن المقرر أن يُقدَّم ملف ترشيحها للإدراج على قائمة التراث العالمي لليونسكو في باريس خلال شهر جويلية 2026. المسار بلغ مرحلة متقدمة بالفعل: إذ أُحيلت أول مقترحات الترشيح في فيفري 2025 تحت عنوان: «قرية سيدي بوسعيد: مركز إلهام ثقافي وروحي في البحر الأبيض المتوسط»، فيما أُنجز الملف النهائي بتاريخ 28 جانفي 2025، وهو جاهز ليُعرض على لجنة التراث العالمي في عام 2026. تنسيق مؤسساتي محكم في وزارة الشؤون الثقافية، انعقدت جلسة عمل موسّعة جمعت وزيرة الثقافة أمينة الصرّافي، ووالي تونس عماد بوقريص، والمعهد الوطني للتراث، ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، والمركز العربي والمتوسطي للموسيقى، إضافة إلى بلدية سيدي بوسعيد والفريق العلمي المكلف بالملف الفني. وقد أشادت ممثلة المجلس الدولي للمعالم والمواقع (إيكوموس)، سامية شرقي، بجودة التنسيق بين مختلف المؤسسات. اليونسكو لا تعتمد الارتجال: فالعملية تخضع لمعايير صارمة. وقد شدد المتدخلون على ضرورة توثيق الأصالة والقيمة العالمية الاستثنائية للموقع، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للتقييم. الوزيرة ذكّرت بأن سيدي بوسعيد تجمع بين تراث معماري وآخر موسيقي، وهو ما يشكّل قلب المرافعة العلمية المقدمة. لماذا سيدي بوسعيد؟ بعيدًا عن صورة البطاقة البريدية، تستند سيدي بوسعيد إلى: * تاريخ عريق يمتد إلى القرن الثامن عشر؛ * طراز معماري مميّز (الأبيض والأزرق)، أزقة منحدرة، وأبواب مزخرفة؛ * إطلالات فريدة على قرطاج، وخليج تونس، والرأس الطيب، وجزر زمبرا وزمبرتة؛ * حماية قديمة: إذ تتمتع القرية بصفة موقع محمي منذ عام 1915؛ * خصوبة ثقافية: فهي منذ أكثر من قرن مصدر إلهام للفنانين والكتّاب والرحالة الذين افتتنوا بنورها وهالتها الصوفية. رهانات بالنسبة لتونس تهدف عملية الإدراج إلى تحقيق أثر مزدوج: * تراثي: تعزيز حفظ الموقع وإدارته (صيانة النسيج العمراني، ضبط الاستعمالات، حماية المشاهد والإطلالات). * اقتصادي وسياحي: رفع مستوى الشهرة الدولية، وإطالة الموسم السياحي عبر تشجيع سياحة ثقافية متوازنة، بما يعود بالنفع على المنظومة المحلية (الإيواء، الحرف الفنية، الوساطة الثقافية). الخطوات المقبلة (2025–2026) * استكمال الملاحق التقنية (الخرائط، الحدود والمناطق العازلة، متابعة المؤشرات) من قبل الفريق العلمي والمؤسسات الشريكة؛ * إيداع الملف رسميًا في باريس في يوليو/تموز 2026؛ * التقييم من قبل الهيئات الاستشارية، وعلى رأسها الإيكوموس، قبل قرار لجنة التراث العالمي. في ختام هذا المسار، قد تتمكن سيدي بوسعيد من تحويل اعترافها الوطني الراسخ إلى وسم عالمي، يعزز متطلبات الحفظ الصارمة ويمنحها إشعاعًا دائمًا. تعليقات