موسم الحبوب..البنك الوطني الفلاحي يرفع من قيمة التمويلات    حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك قرب إحدى المؤسسات التربوية..    العدوان الصهيوني على غزة: النيابة العامة الإسبانية تفتح تحقيقا حول انتهاكات حقوق الإنسان..#خبر_عاجل    عاجل: كل معاملاتك في السجل الوطني للمؤسسات تولي إلكترونية قريبًا.. شوف التفاصيل    عاجل/ تفاصيل جديدة عن حادثة وفاة امرأة اضرمت النار في جسدها بأحد المعاهد..    قبلي: انطلاق التحضيرات الاولية لانجاز مشروع الزراعات الجيوحرارية بمنطقة الشارب    عاجل : وزير النقل يضع مهلة ب15يوما لضبط روزنامة برامج عمل    عاجل: أسباب إرتفاع اسعار لحوم الدجاج في تونس    الحماية المدنية: 537 تدخلا منها 124 لاطفاء الحرائق خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    تونس تقفز 3 مراكز في تصنيف الفيفا بعد تأهلها لمونديال 2026... وهذا هو الترتيب    الملعب التونسي يفسخ عقد الياس الجلاصي    كرة السلة - شبيبة القيروان تتعاقد مع النيجيري فرانسيس ازوليبي    اللاعب التونسي نادر الغندري في موقف محرج مع مشجّع روسي ...شنية الحكاية ؟    الغنوشي: '' البشائر تتأكد شيئا فشيئا خصوصاً بالشمال والوسط الأسبوع القادم.. وكان كتب جاي بارشا خير''    اجتماع بمعهد باستور حول تعزيز جودة وموثوقية مختبرات التشخيص البيولوجي    علاش لثتك منتفخة؟ الأسباب والنصائح اللي لازم تعرفها    عاجل: ليبيا تفرض فحوصات إجبارية لكل عامل أجنبي بعد اكتشاف حالات مرضية    "يخدعني ويخلق المشاكل".. المعركة الكلامية تحتدم بين ترامب ونتنياهو    تونس تشارك في بطولة العالم للتجديف أكابر بالصين بخمسة رياضيين    سليانة: رفع 372 مخالفة اقتصادية منذ شهر أوت الماضي    عاجل/ غرق 61 مهاجرا غير شرعي اثر غرق قارب "حرقة" قبالة هذه السواحل..    عاجل/ مجلس الأمن الدولي يصوّت على مشروع قرار جديد بشأن غزة..    رابطة ابطال اوروبا : ثنائية كين تقود بايرن للفوز 3-1 على تشيلسي    عاجل/ بطاقة ايداع بالسجن ضد رئيس هذا الفريق الرياضي..    اللجنة الأولمبية الدولية تدعو المبدعين لتصميم ميداليات أولمبياد الشباب داكار 2026    توقّف العبور في راس جدير؟ السلطات الليبية تكشف الحقيقة!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    عاجل: بذور جديدة وتطبيقات ذكية لمواجهة الجفاف في تونس    هام/ وزير التجهيز يشرف على جلسة عمل لمتابعة اجراءات توفير مساكن اجتماعية في إطار آلية الكراء الممللك..    200 حافلة حرارية جايين من جنيف.. تحب تعرف التفاصيل؟    وفاة الإعلامية اللبنانية يمنى شري بعد صراع مع المرض    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    مشادة بين هادي زعيم وبوسي شلبي خلال مؤتمر الإعلام العربي في بنغازي    التنسيق الثنائي في عديد المسائل ،والتوافق حول أغلب القضايا الإقليمية والدولية ابرز محاور لقاء وزير الدفاع بولي عهد الكويت    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    أول سيناتور أمريكي يسمي ما تفعله إسرائيل في غزة "إبادة جماعية"    جدال في بنغازي: شنوّا صار بين هادي زعيم والإعلامية المصرية بوسي شلبي؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    عاجل: عامر بحبّة يبشّر التونسيين...''منخفض جوي كبير باش يضرب تونس في آخر سبتمبر''    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    فرنسا على صفيح ساخن: مليون عامل إلى الشارع لمواجهة سياسات ماكرون    اريانة: جلسة عمل اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    جريدة الزمن التونسي    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    جريدة الزمن التونسي    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلم أمريكي أم واقع قاتم؟ 170 مليون طامح، و50 ألف حالة انتحار
نشر في تونس الرقمية يوم 13 - 09 - 2025

مفارقة ظاهرة: ما تزال الولايات المتحدة الوجهة الأكثر جذبًا للراغبين في الهجرة (نحو 170 مليون بالغ حول العالم)، في وقت يسجل فيه البلد حوالي 49 ألف حالة انتحار سنويًا.
كيف يمكن فهم هذا التوتر بين الجاذبية الاقتصادية الكلية والمعاناة الفردية؟ قراءة تحليلية بالأرقام ومن زوايا متعددة: الاقتصاد، الصحة النفسية، المجتمع والسياسات العامة.
الأرقام الأساسية (معطيات سريعة)
* الوجهة الأولى للمهاجرين المحتملين: نحو خُمس الراغبين في الهجرة عالميًا يضعون الولايات المتحدة كخيار أول، أي ما يقارب 170 مليون بالغ.
* الانتحارات في الولايات المتحدة (2023): 49,316 وفاة، بمعدل معدل 14.7 لكل 100 ألف نسمة؛ الأسلحة النارية متورطة في أكثر من 50% من الحالات (≈ 27,300 وفاة).
* السياق العالمي: أكثر من 720 ألف وفاة بالانتحار سنويًا حول العالم (2021)، ما يجعلها قضية صحة عامة عالمية.
* الرفاه الذاتي: الولايات المتحدة في المرتبة 23 في تقرير السعادة العالمي 2024 (متوسط 2021-2023)، مع تراجع ملحوظ بين فئة الشباب.
لماذا تبقى أمريكا جذابة؟
القوة الاقتصادية ومستويات الأجور، عمق سوق العمل، منظومة الابتكار (التكنولوجيا، التكنولوجيا الحيوية، الذكاء الاصطناعي)، الجامعات المرموقة، إلى جانب فكرة "المصعد الاجتماعي" وشبكات الجاليات الراسخة، كلها تشكل "حزمة جذب" فريدة.
بالنسبة للملايين، تبدو معادلة "المخاطرة + العمل = الحراك الاجتماعي" أكثر واقعية في الولايات المتحدة مقارنة بغيرها. مؤشرات نوايا الهجرة تؤكد مكانة البلد الرمزية والاقتصادية في المخيال العالمي.
ما تكشفه بيانات الصحة النفسية الأمريكية
1) الوحدة والعزلة الاجتماعية: محدد عابر للشرائح
زيادة الانتحارات ترتبط بتصاعد الوحدة والعزلة، كما أوضح تقرير الجراح العام الأميركي: نقص الروابط الاجتماعية يرفع خطر الوفاة المبكرة بقدر يعادل تدخين 15 سيجارة يوميًا، ويزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب (≈ +29%) والسكتة الدماغية (≈ +32%).
العزلة المزمنة تغذي الاكتئاب والقلق وأمراضًا أخرى، مع تكلفة بشرية واقتصادية مرتفعة.
2) الأسلحة النارية: عامل فتك حاسم
البنية المادية لوسيلة الانتحار مهمة بقدر المعاناة النفسية. عام 2023، أكثر من نصف حالات الانتحار تضمنت سلاحًا ناريًا (≈ 27,300 حالة، أي ≈ 55%)، وهو مستوى قياسي.
منذ 2022، أصبحت الأسلحة النارية الوسيلة الأولى لانتحار النساء (معدل 2.0 لكل 100 ألف)، وتبقى مهيمنة بفارق كبير لدى الرجال (13.5 لكل 100 ألف).
سهولة الوصول إلى وسيلة قاتلة تحول الأزمات القصيرة غالبًا إلى نهايات نهائية، ما يجعل سياسات تقييد الوصول (التخزين، الأقفال، الإبعاد المؤقت) بالغة الأهمية.
3) فروقات واضحة بحسب الجنس والعمر والأصل والمكان
* الجنس: عام 2023، معدل انتحار الرجال يقارب 4 أضعاف النساء (22.8 مقابل 5.9 لكل 100 ألف). الرجال يشكلون نحو 80% من الحالات رغم أنهم نصف السكان.
* العمر: من تجاوزوا 85 عامًا يسجلون أعلى معدل. عام 2021، بلغ معدل الرجال في هذه الفئة نحو 56 لكل 100 ألف.
* الأصل: الأميركيون الأصليون/سكان ألاسكا غير المنتمين للاتينيين يسجلون أعلى المعدلات، يليهم البيض غير المنتمين للاتينيين. الفوارق تعكس عوامل بنيوية (فقر، عنف، ضعف خدمات صحية، عزلة جغرافية).
* الشباب: الانتحار ثاني سبب للوفاة بين الفئة 10–34 عامًا. المؤشرات مقلقة خصوصًا لدى بعض الأقليات.
* الأقاليم: المقاطعات الريفية تسجل معدلات أعلى ونموًا أسرع (+46% بين 2000–2020 مقابل +27% في المدن)، مع تحديات وصول للعلاج وانتشار أكبر للأسلحة.
4) تركيز على فئات محددة: المحاربون القدامى والقوات
بين قدامى المحاربين، تبلغ نسبة الانتحارات بالسلاح ≈ 72–74%، بعدد 6,407 حالة عام 2022.
التقارير الرسمية توصي بتشديد إجراءات السلامة (تخزين آمن، فصل، إبعاد مؤقت) وتسهيل الوصول إلى الرعاية، بما في ذلك عبر الخط الساخن 988 وخدمات وزارة شؤون المحاربين القدامى.
5) آليات و"تأثير الكوكتيل"
نادرًا ما يعود الارتفاع إلى سبب واحد:
* فردي: اضطرابات مزاجية، إدمان.
* اجتماعي: وحدة، نزاعات.
* اقتصادي: ديون، هشاشة.
* بيئي: عزلة جغرافية.
* ثقافي: معايير مرتبطة بالنوع الاجتماعي.
توفر وسيلة قاتلة + أزمة حادة + عزلة = أعلى مستوى خطر.
الحلول الفعالة تكون متعددة المستويات: تعزيز الروابط الاجتماعية، الحد من سهولة الوصول إلى الوسائل، تحسين العلاج، والوقاية الموجهة حسب الفئات (شباب، مسنون، سكان ريف، أميركيون أصليون، محاربون قدامى).
مؤشرات 2023 (بيانات نهائية)
* الوفيات بالانتحار: 49,316 (معدل 14.7 لكل 100 ألف).
* نسبة الوفيات بالأسلحة النارية: 27,300 (≈ 55%).
* نسبة الرجال/النساء: ≈ 4:1 (22.8 مقابل 5.9).
* الفئة العمرية الأكثر عرضة: 85 عامًا فأكثر.
تؤكد هذه المعطيات أن الوحدة والعزلة وسهولة الوصول إلى وسائل قاتلة تشكل محركات أساسية للظاهرة، مع تباينات واسعة بين الفئات والمناطق.
مفارقة... لكنها ظاهرية
جاذبية أميركا لا تعني خلوّ الحياة فيها من المعاناة.
على المستوى الكلي، تمنح الولايات المتحدة فرصًا اقتصادية وحراكًا اجتماعيًا يغذيان الحلم العالمي.
لكن على المستوى الفردي، يواجه جزء من السكان اضطرابات نفسية، إدمانًا، تكاليف علاج باهظة، عزلة، وسهولة وصول إلى وسائل قاتلة، وهو ما ينعكس في معدلات الانتحار.
الواقعان يتعايشان: الجاذبية تعكس الإمكانات، والانتحار يكشف الهشاشة.
وأين المهاجرون من كل هذا؟
تشير دراسات عديدة إلى "تأثير المهاجر السليم": معدلات انتحار ووفيات أدنى بين المهاجرين مقارنة بالسكان الأصليين، خصوصًا في السنوات الأولى.
لكن ضغوط الاندماج، هشاشة الوضع القانوني، التمييز والصدمات الاقتصادية قد تضعف هذه المؤشرات، خاصة لدى الأجيال الشابة أو في مناخات سياسية معادية.
بمعنى آخر، حلم الاندماج لا يحصّن من مخاطر نفسية اجتماعية خاصة.
سياق دولي لا يجب إغفاله
أكثر من 720 ألف حالة انتحار سنويًا عالميًا تؤكد أن المعاناة ليست أميركية بل كونية.
ترتيب الولايات المتحدة في مؤشر السعادة (23) يعكس أداءً نسبيًا لا قدَرًا محتوماً؛ فبلدان غنية أخرى تجمع بين جاذبية اقتصادية وتحديات نفسية اجتماعية.
المفارقة إذن لا تتعلق بأميركا وحدها، بل بميولنا إلى الخلط بين رمز جماعي (الفرصة) وتجربة فردية (الرفاه).
تعليقات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.