ترأست رئيسة الحكومة، سارة الزعفراني زنزري، يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025، بمقر قصر القصبة، مجلسًا وزاريًا خُصص لمناقشة مشروع الحصيلة الاقتصادية لسنة 2026. خطوة وُصفت بالمفصلية، إذ تمثل المنطلق الفعلي لخطة التنمية 2026-2030، بما ينسجم مع رؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد. في كلمتها الافتتاحية، أكدت رئيسة الحكومة أن الحصيلة الاقتصادية ليست مجرد إسقاطات محاسبية، بل هي بمثابة خارطة طريق وطنية ترمي إلى التوفيق بين مطلبين أساسيين: العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي. وشددت على أن هذا الوثيقة تجسد المبادئ الدستورية للسيادة والإنصاف، مع تكريس خيار الاعتماد أولًا على الموارد الذاتية. أولويات المشروع الاقتصادي 2026 قدّم وزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبد الحفيظ، مضمون المشروع الذي ارتكز على جملة من الأولويات: تثبيت المكاسب الاجتماعية: عبر الحفاظ على القدرة الشرائية للفئات الأكثر هشاشة، مكافحة البطالة، تعزيز منظومة التغطية الاجتماعية، وتوسيع النفاذ إلى السكن. ومن بين الإجراءات البارزة، إقرار صيغة "الكراء-البيع" التي تتيح للمستفيدين اقتناء مساكنهم عبر أقساط كراء تتماشى مع مداخيلهم. كما ستضع الدولة على ذمة البرنامج محفظة من الأراضي العمومية تُمنح بأسعار رمزية أو تفضيلية لدعم بناء المساكن الاجتماعية وإحداث مقاسم سكنية ميسّرة. تحسين الخدمات العمومية: حيث تم تصنيف قطاعات الصحة والتعليم والنقل كأولويات عاجلة تستوجب التدخل للاقتراب أكثر من المواطن والارتقاء بجودة الخدمات. تحديث البنية التحتية: من خلال تجديد وتطوير أسطول النقل، بالتوازي مع تسريع تنفيذ المشاريع العمومية التي غالبًا ما تتعطل بسبب البطء الإداري أو نقص التمويل. تحفيز الاقتصاد والاستثمار: تسعى الحكومة إلى تعزيز الاستثمار العمومي، تنويع مصادر التمويل، وإعطاء أولوية خاصة للطاقات المتجددة، وإدماج الاقتصاد الموازي، إضافة إلى دفع التنمية المتوازنة بين الجهات. وستُبنى خيارات الاستثمار على نتائج المجالس المحلية والجهوية لتعكس الحاجات الفعلية للمناطق. إصلاح سوق الشغل شدد المجلس أيضًا على ضرورة إصلاح سوق العمل عبر مقاومة الهشاشة والممارسات غير العادلة في المناولة، بالتوازي مع إطلاق انتدابات جديدة في الوظيفة العمومية، ومواصلة تسوية وضعيات عمال الحضائر. مصادقة نهائية قبل البرلمان وفي ختام الأشغال، تقرر إحالة النسخة النهائية من مشروع الحصيلة الاقتصادية لسنة 2026 على أنظار مجلس الوزراء، تمهيدًا لعرضها أمام البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. هذا المشروع، الذي يُقدَّم كعقد للانتقال الاجتماعي-الاقتصادي، يهدف إلى إرساء أسس تونس جديدة تتقدّم فيها التضامن الاجتماعي والنهضة الاقتصادية جنبًا إلى جنب، بما يعيد الثقة للمواطنين والمستثمرين في قدرة البلاد على كتابة صفحة جديدة من مسارها التنموي. تعليقات