في آخر المطاف ، آلت الجائزة إلى شخصية بارزة في النضال من أجل الديمقراطية، المعارِضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو و استحقّتها عن جدارة. فهي على الأقل مدافِعة حقيقية عن قضية كبرى، على عكس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي، في اللحظات الأخيرة — قبل أيام من تسليم الجائزة — ليَّ ذراع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل «سلام» صوري في غزة. لقد كافح ترامب حتى اللحظة الأخيرة لينال هذا الوسام الرفيع و ها هو باراك أوباما، الذي نال الجائزة عام 2009 — دون أن يفعل ما يُذكر ليستحقها — يثأر رمزياً. و مع ذلك، رفع أنصار الجمهوري أصواتهم، حتى إن مجرم الحرب نتنياهو أساء إلى ترامب أكثر مما نفعه. حتى الرئيس المصري دخل على الخط ، و هو ما لا يحسب له. لكننا نعلم أن عالمنا ليس مثالياً و العزاء أن بعض القيم الكونية ما تزال راسخة و قد احتفت بها لجنة نوبل هذا الجمعة 10 أكتوبر. خلال إعلان الفائز بالجائزة في النرويج ، عرضت اللجنة، كما تقتضي التقاليد، العناصر التي تفسِّر قرارها لصالح زعيمة المعارضة الفنزويلية ، المطاردة من قِبل الحاكم المستبد نيكولاس مادورو إلى حدّ أن السيدة، البالغة 58 عاماً، تعيش متخفية. و قد مجّد المحكِّمون «عملها الدؤوب دفاعاً عن الحقوق الديمقراطية للشعب الفنزويلي و كفاحها من أجل انتقال عادل و سلمي من الديكتاتورية إلى الديمقراطية». و لدى سؤاله عن حملة ترامب غير المسبوقة و المستفزّة ، التي شابتها الترهيبات و التهديدات المبطّنة، ردّ رئيس اللجنة يورغن فاتنه فريدنِس بالقول : «في التاريخ الطويل لجائزة نوبل للسلام ، شهدت اللجنة كل أنواع الحملات و التوتّر الإعلامي. نتلقى كل عام آلافاً و آلافاً من الرسائل. (...) هذه اللجنة تتداول في قاعة تملؤها صورُ الحائزين على الجائزة و هي قاعة مفعمة بالشجاعة و النزاهة. نحن نبني خيارنا فقط على عمل و إرادة ألفريد نوبل». و هكذا، انتهى الأمر. و لا يبقى سوى أن نرجو ألّا تطيح الهزيمة الرمزية — و هي رمزية بالغة الدلالة — التي مُني بها الرئيس الأمريكي أمام العالم أجمع بمعنوياته إلى حدّ أن يتخلى عن القليل الذي يفعله من أجل السلام. نأمل ذلك... تعليقات