بدأ الجدل يتصاعد و ظهرت بوادر حالة من الهلع في بعض مناطق البلاد، بعد تداول أنباء عن وفاة ثانية في ولاية زغوان نتيجة إصابة بفيروس غرب النيل أو ما يُعرف ب«حمى غرب النيل». غير أن الوضع الحالي لا يُعد استثنائيًا و لا خطيرًا. و من أجل فهم أفضل لطبيعة هذا الفيروس و مخاطره، من المفيد العودة إلى الأساسيات المتعلقة بهذه العدوى. ما هي حمى غرب النيل ؟ حمى غرب النيل ناجمة عن فيروس يُعرف باسم «West Nile Virus»، و يُعتبر الطيور المهاجرة أو المقيمة هي المستودع الرئيسي له ، أي الكائن الذي يتكاثر فيه الفيروس بشكل طبيعي. ينتقل الفيروس إلى الإنسان عبر لدغة بعوض من نوع «Culex»، وهو نوع منتشر بكثرة في تونس. فعندما تلسع أنثى البعوض طيورًا مصابة، يمكنها نقل الفيروس إلى حيوانات أخرى أو إلى الإنسان عند لدغة جديدة. و تساهم العوامل التي تساعد على تكاثر البعوض الناقل للفيروس — مثل الأمطار الغزيرة، الريّ، تخزين المياه، تجمعات المياه الراكدة، وارتفاع درجات الحرارة — في زيادة احتمال انتشار حمى غرب النيل في المناطق التي يتواجد فيها الفيروس. كيف يمكن التعرف على المرض؟ تتشابه أعراض المرض مع العديد من الإصابات الفيروسية الأخرى، إذ تبدأ بظهور مفاجئ لحمى مرتفعة ترافقها آلام في الرأس والسعال وآلام عضلية وظهرية، بالإضافة إلى انتفاخ في الغدد اللمفاوية بالعنق. و قد تظهر أيضًا أعراض أخرى مثل الطفح الجلدي، الغثيان، آلام البطن، الإسهال، وأعراض تنفسية مختلفة. و في معظم الحالات تمر العدوى دون أن تُلاحظ، وفي بعض الحالات تُشفى تلقائيًا. أما خطورة المرض فتتمثل في الحالات النادرة (حوالي 1٪ من الإصابات) التي يصيب فيها الفيروس الجهاز العصبي المركزي، مسبّبًا التهاب الدماغ أو السحايا، وأحيانًا القلب أو الكبد أو البنكرياس. هل يوجد علاج لهذا الفيروس؟ حتى الآن، لا يوجد أي لقاح أو علاج محدد ضد فيروس غرب النيل. وتعتمد الرعاية الطبية على تخفيف الأعراض من خلال الراحة، الترطيب الجيد، وتناول الأدوية المسكّنة والخافضة للحرارة. أما الحالات الخطيرة فتتطلب الاستشفاء، وأحيانًا العناية المركزة، لمعالجة المضاعفات العصبية. كيف يمكن الوقاية من العدوى؟ تتم الوقاية من فيروس غرب النيل عبر اتخاذ تدابير الحماية من لدغات البعوض، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، ومن أبرزها: * الحد من تجمعات المياه الراكدة أو إزالتها قدر الإمكان، لأنها تشكل بيئة مثالية لتكاثر يرقات البعوض (مثل الأحواض، الدلاء، المزاريب المسدودة، الفراغات الصحية…) * ارتداء ملابس تغطي الجسم * استخدام الناموسيات أو المواد الطاردة للبعوض و يُستحسن تطبيق هذه الإجراءات خلال فصلي الصيف والخريف، حيث يكثر انتشار البعوض، وخلال فترة مرور الطيور المهاجرة عبر تونس، وهي التي قد تحمل الفيروس من مناطق أخرى من العالم. لماذا لا داعي للذعر؟ لا يوجد ما يدعو للذعر إزاء الحالات القليلة التي سُجلت مؤخرًا في تونس، فهذه العدوى ليست جديدة على البلاد، بل أصبح الفيروس شبه مستوطن فيها. و قد شهدت تونس في السابق عدة موجات من الإصابات، خصوصًا في مناطق مثل المنستير و قابس و مناطق رطبة أخرى تستقطب الطيور المهاجرة الوافدة إلى أراضينا. و رغم غياب علاج فعّال أو لقاح ضد المرض، تظلّ الوقاية ممكنة و تتطلب فقط بعض الإرادة و العزيمة. الإرادة في مكافحة البعوض عبر القضاء على أماكن تكاثره، إذ يكفي أن يجد بعوض «الكيولكس» بركة صغيرة من الماء الراكد ليحوّلها إلى مستعمرة ليرقاته. تعليقات