تصالحَت الجزائر مع إسبانيا على مضض، بعد قرار مدريد الاصطفاف في معسكر المغرب، ولا سيّما في الملفّ الشائك للصحراء الغربية. وقد ألحقَت هذه القضية أضراراً بالغة بالمبادلات بين البلدين. انقضت العاصفة، فعاد الغاز الجزائري ليغذّي منازل الإسبان، و استعادت الجزائر مكانتها كقائدة في السوق المحلية. لكن سحباً أخرى تتلبّد، وليست بالهيّنة. انتباه... يتعرّض القنصل العام لإسبانيا في وهران لانتقادات حادّة من العديد من المواطنين الجزائريين بسبب تجاوزات خطيرة تتعلّق بتأشيرات شنغن. فبينما مُنحت «الفيزات» الثمينة و أُلصقت على جوازات سفر المسافرين، جرى إلغاؤها في اللحظة الأخيرة، من دون تفسير رسمي يُعتدّ به. و قد نقلت صحيفة «إل إندبندينتي» الإسبانية الوقائع في عددها الصادر أمس، الثلاثاء 21 أكتوبر. تخيّلوا الصدمة التي تعرّض لها المسافرون المرفوضون من دون سبب ظاهر. جزائريون يحملون تأشيرات سياحية سارية أُوقفوا عند الدخول إلى إسبانيا رغم حيازتهم وثائق سفر سليمة. و يُضاف إلى الصدمة عجزُ بعضهم عن شراء تذكرة جديدة للعودة إلى الجزائر، بعد تكاليف السفر و حجوزات الفنادق. وبحسب الشهادات التي جمعَتها الصحيفة الإسبانية، قصد المسافرون القنصلية الإسبانية في وهران لفهم أسباب ما حدث لهم. لكن اللغز بقي كاملاً. فقد اكتفت السلطات القنصلية بالتذرّع ب«مشكلات في الملفّ» الخاص بالمتقدّمين. أما التفاصيل فمؤجّلة. والأسوأ، على حدّ قول المسافرين، أنه لم تُوجَّه أي إشعارات رسمية بشأن إلغاء تلك التأشيرات... و يؤكّد بعضهم أنّ الإلغاء تمّ عبر الهاتف فقط، ما يثير تساؤلات قانونية حول سلامة الإجراءات. و ليس هذا «السوء المفاجئ» العقبة الوحيدة. ففي القنصلية بوهران لوحِظ منذ مطلع السنة تغييرات كبيرة : فالتأشيرات التي كانت تُمنح لإقامات مدّتها 90 يوماً وصلاحية 3 سنوات تقلّصت بشكل ملحوظ إلى 30–45 يوماً. وقد ندّد كثير من المتقدّمين بهذا المستجدّ في شروط المنح، فيما تواصل القنصلية الإسبانية التزام الصمت. و بديهيّ أنه مع مثل هذه الممارسات لا يسع الجزائريين إلا الشعور بأنّهم مستهدَفون بإجراءات تمييزية. ومن الحكمة أن تبادر السلطات الإسبانية إلى تقديم إجابات عن هذه الإشكالات قبل أن تتولّاها السلطة التنفيذية الجزائرية. فبين إجراءات تُثقل عمداً، ومنصّات مواعيد مكتظّة، ومهل انتظار طال أمدها، يعيش طالِبو التأشيرة حالة إنهاك عصبي. وقد بدأت المشكلات في قنصلية وهران مع قدوم موظّفين جدد. وتُذكّر الصحيفة الإسبانية بأنّ هذه التعطيلات تُحيل إلى فضيحة أخرى وقعت في 2023 بالقنصلية في طنجة، حيث طُرحت اتهامات بخصوص تزوير في تأ شيرات شنغن. و قيل إنّ موظّفة مغربية ضُبطت في قضيّة اتّجار بالتأشيرات، وإنّ وزارة الخارجية الإسبانية فتحت تحقيقاً. وقد أوقِف موظّفان محلّيان في القنصلية الإسبانية بطنجة عن العمل. تعليقات