أعلنت السلطات القضائية المغربية عن محاكمة 2480 شخصًا تم إيقافهم خلال المظاهرات التي شهدتها عدة مدن مغربية في أواخر سبتمبر الماضي، والتي قادها شباب من حركة "جيل Z 212" احتجاجًا على تدهور الخدمات العمومية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، وعلى تفشي الفساد. محاكمات تحت شعار "العدالة" أكد القاضي حسن فرحان، ممثل النيابة العامة المغربية، أن المحاكمات جرت وفق "شروط المحاكمة العادلة"، نافيًا وجود أي ضغوط أو اعترافات قسرية. وأوضح أن نحو 3300 شخص تم الإفراج عنهم، فيما تمت إحالة القاصرين المشاركين في الاحتجاجات إلى أوليائهم. اتهامات خطيرة وأحكام مخففة بحسب النيابة العامة، فإن المتهمين أُدينوا بأفعال وُصفت بأنها خطيرة تمس أمن المواطنين والممتلكات والنظام العام. وقد صدرت بحقهم أحكام بالسجن تتراوح بين سنتين وخمس عشرة سنة، وهي أقل من الحد الأقصى القانوني (30 سنة)، مراعاةً للوضع الاجتماعي للمدانين، حسب السلطات. وأضافت النيابة أن الأدلة المادية التي تم جمعها كانت "كافية"، وأن حقوق الدفاع حُفظت بالكامل، بما في ذلك حق الاستعانة بمحامٍ وإبلاغ العائلات. جذور احتجاجات اجتماعية انطلقت شرارة المظاهرات يومي 28 و29 سبتمبر في عدة مدن مغربية، إثر وفاة ثماني نساء في مستشفى عمومي بمدينة أكادير خلال أقل من شهر، وهو ما فجّر موجة غضب واسعة بين الشباب بسبب تدهور الخدمات الصحية وتفاقم الفوارق الاجتماعية. ودعا حينها حراك "جيل Z 212"، المستوحى من جيل الإنترنت والشبكات الاجتماعية، إلى النزول إلى الشارع للمطالبة بإصلاح شامل لمنظومتي التعليم والصحة، وبمحاربة جادة للفساد المستشري في المؤسسات العمومية. الحكومة ترد بخطة إصلاح اجتماعي ردًا على الأزمة، أعلنت الحكومة المغربية عن تسريع تنفيذ مشاريع اجتماعية كبرى في قطاعي الصحة والتعليم، معتبرة إياهما أولوية وطنية. ويتضمن مشروع ميزانية سنة 2026 تخصيص ما يقارب 14 مليار دولار لدعم هذين القطاعين، إلى جانب إحداث أكثر من 27 ألف موطن شغل لتعزيز عملية الإصلاح. وتهدف هذه الإجراءات إلى تهدئة الاحتقان الاجتماعي وإظهار تجاوب الدولة مع مطالب الشباب، رغم استمرار الانتقادات بشأن النهج الأمني المعتمد خلال الاحتجاجات وصرامة الأحكام الصادرة ضد بعض المشاركين. ورغم تأكيد السلطات على "نزاهة المحاكمات"، يبقى حراك جيل Z 212 تجسيدًا لحالة احتقان اجتماعي متصاعد ورسالة واضحة من الشباب المغربي المطالب ب التغيير والإصلاح العميق. تعليقات