خلافًا لما هو شائع، فإن التحديات المرتبطة بالموسم القياسي لإنتاج الزيتون 2025-2026 لا تخص تونس وحدها،فالمنتجون الإسبان، الذين يُعدّون الرواد العالميين في هذا القطاع، يواجهون بدورهم صعوبات مشابهة، مما يخلق وضعًا متناقضًا تكون فيه وفرة الإنتاج مصدرًا لمشاكل ترويجية متنوعة على المستوى الدولي. وقد أعلنت وزارة الزراعة الإسبانية مؤخرًا عن آلية جديدة تسمح بسحب كميات محددة من زيت الزيتون مؤقتًا من السوق خلال موسم 2025-2026، وذلك بهدف منع انهيار الأسعار في حال حدوث فائض في العرض. توفّر هذه القاعدة للمنتجين أداة رسمية لإدارة فترات الركود في واحد من أكثر الأسواق الزراعية تقلبًا، فعندما يتجاوز العرض الطلب، يمكن تخزين جزء من الإنتاج مؤقتًا لتخفيف الضغط على الأسعار والحفاظ على مداخيل المزارعين. مجابهة عمليات المضاربة وبنشر هذا القرار قبل انطلاق الموسم، يقدم أكبر منتج للزيتون في العالم رسالة واضحة لجميع المتدخلين في القطاع، سواء في تخطيط الإنتاج أو التصرف في المخزونات أو استراتيجيات التسويق لتاكيد جهود مكافحة المضاربة وتحقيق استقرار السوق. ومن المتوقع أن تحدّ هذه الإجراءات من أنشطة المضاربة، ذلك انه من المنتظر ان تُحدّد بشكل واضح متى وكيف يمكن سحب الزيت مؤقتًا من التداول، مما سيساهم في تقليص تقلبات الأسعار وتعزيز استقرار السوق. ويمثل هذا الاستقرار قصير المدى خبرًا إيجابيًا للناشطين التونسيين في القطاع، إذ يضمن انطلاق الموسم في ظروف أكثر استقرارًا ووضوحًا. أما بالنسبة إلى المستهلك المحلي، فإن ذلك يؤكد التوقعات بخصوص أسعار زيت الزيتون في حدود معقولة، وهو مستوى تجمع التقديرات على اهميته منذ مدة طويلة، حين كانت التوقعات تتحدث عن سعر أحادي الرقم. توقعات واعدة في ذات السياق، أفادت مؤخرا رئيسة الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين نجاح السعيدي بأن سعر بيع اللتر الواحد من زيت الزيتون سيتراوح مبدئيا بين 12 و12.4 دينارا، مشيرة إلى أن هذا السعر قابل للتراجع أو الارتفاع تبعا للمقاييس والأسعار العالمية. وأضافت أن صابة زيت الزيتون لهذا الموسم من المنتظر أن تتراوح بين 460 و500 ألف طن، مع تسجيل تحسن في دعم الدولة للقطاع. ودعت السعيدي إلى إحداث شركة قابضة بإشراف الدولة تُعنى بتنظيم قطاع الزيتون ومتابعة مختلف مراحل الإنتاج والتسويق مبينة أن السنوات الأخيرة شهدت توجها متزايدا نحو التصدير، خاصة إلى الولاياتالمتحدة، غير أن عمليات التصدير نحو السوق الأمريكية تم تأجيلها حاليا بسبب فرض ضرائب جديدة. يشار الى ان عدد أشجار الزيتون في تونس يُقدّر بنحو 107 ملايين شجرة موزعة على مساحة تقارب مليوني هكتار، ما يجعلها من أكبر دول العالم من حيث المساحة المزروعة بالزيتون.ويمثل زيت الزيتون شريانًا رئيسيًا للاقتصاد الوطني، إذ يدرّ ما يعادل 40% من إجمالي الصادرات الغذائية، ويُصدّر إلى أكثر من 50 وجهة دولية. ويضم القطاع نحو 1750 معصرة و15 وحدة تكرير و14 وحدة لاستخراج زيت الثفل، إلى جانب 35 وحدة تعبئة ومعالجة. وتغطي غراسات الزيتون حوالي 2 مليون هكتار، ما يجعل تونس الثانية عالميًا بعد إسبانيا في المساحة المزروعة، وواحدة من أكبر أربع دول منتجة لزيت الزيتون.ويمثل القطاع مصدر رزق مباشر وغير مباشر لأكثر من مليون تونسي، ويوفر نحو 34 مليون يوم عمل سنويًا، أي ما يعادل 20% من إجمالي التشغيل في القطاع الفلاحي. تعليقات