الجلوس في حوض الاستحمام، الاسترخاء، مشاهدة فيديو على الهاتف بينما يشحن... صورة مألوفة للكثيرين. لكن في فرنسا، كما في دول أخرى، تسبّبت هذه العادة في وفاة عدد من الأشخاص، من بينهم مراهقون. وفي سنة 2025، عادت السلطات الفرنسية للتذكير: مجرّد وجود هاتف متصل بالكهرباء قرب حوض الاستحمام يمثّل خطرًا حقيقيًا ومباشرًا. وهذا التحذير لا يهمّ الفرنسيين فقط، بل يعني أيضًا العائلات التونسية، حيث أصبح استعمال الهاتف داخل كل غرف المنزل، بما في ذلك الحمّام، أمرًا شائعًا. خطر قاتل يختفي خلف عمل بسيط المديرية العامة للمنافسة والاستهلاك ومكافحة الغش في فرنسا (DGCCRF) دقت ناقوس الخطر مرارًا، مؤكّدة تسجيل حالات وفاة بسبب الصعق الكهربائي داخل الحمّامات، لأن الهاتف كان في طور الشحن. هذه ليست حوادث نادرة أو غريبة، بل تتكرّر وبصورة خاصة لدى الشباب والأطفال. وفي العالم، ترتفع سنويًا حصيلة الوفيات بالصعق الكهربائي داخل المنازل، إضافة إلى حالات عديدة من "الصدمة الكهربائية" غير المميتة، ويرتبط جزء من هذه الحالات باستعمال أجهزة كهربائية داخل محيط رطب. مؤخرًا، اهتزّت الصحافة الفرنسية على وفاة تلميذة داخل حمّامها، بعد أن لامس هاتفها المتّصل بالكهرباء الماء. السيناريو معروف... لكنه يتكرر. لماذا يتحوّل الهاتف إلى قاتل داخل الماء؟ الكثيرون يظنون أنّ الهاتف «آمن» لأنه يعمل بجهد منخفض. هذا صحيح... فقط عندما لا يكون موصولًا بالشاحن. المشكلة ليست في الهاتف نفسه، بل في الشاحن المتصل مباشرة بتيار 230 فولت. ما إن يكون الهاتف في طور الشحن، حتى يصبح متصلًا بالكهرباء. لو سقط الهاتف في الماء، أو كان الكابل تالفًا، أو لمس الشخص الشاحن ويداه أو قدماه مبللتان، يتحول جسمه إلى ناقل للتيار. ومع وجود الماء، ينتقل التيار بسهولة وقد يوقف القلب في ثانية واحدة. وحتى إن كان الهاتف «مقاومًا للماء»، فهذا لا يحمي مستخدمه من الكهرباء: العزل يحمي الجهاز... لا الجسد. الضحايا غالبًا من فئة الشباب الأغلبية الساحقة من هذه الحالات تخصّ مراهقين وشباب، بل وأطفال يشاهدون الفيديوهات داخل الحمّام. الهاتف موضوع قرب الحوض، ومربوط بوصلة كهرباء تمتد من غرفة أخرى... حركة بسيطة، ينزلق الهاتف أو الكابل، فتقع المأساة. الحمّام: منطقة عالية الخطورة في الأصل، لا يجب أن يكون هناك مقبس كهربائي فوق الحوض. لكن في المنازل القديمة أو غير المجهزة، الأمر يحدث. والأسوأ: البعض يجلب «مطوّل » أو «متعدد القوابس» إلى داخل الحمّام. هذا بالضبط ما يؤدي إلى الكارثة. وفي تونس، كثير من الحمّامات لا تحتوي على أجهزة الحماية التفاضلية 30 ميلي أمبير، وهي الأجهزة القادرة على قطع التيار عند أول تسريب. غيابها يضاعف مخاطر الصعق. قواعد بسيطة تمنع الحادث السلطات الفرنسية تقدّم 3 قواعد ذهبية، وهي صالحة أيضًا في تونس: 1 لا تشحن الهاتف داخل الحمّام. 2 لا تستعمل أي جهاز متصل بالكهرباء داخل الماء أو قربه. 3 لا تلمس الشاحن أو الكابل ويداك أو قدماك مبتللتان. ويُضاف إلى ذلك: تجنّب استعمال «المطول» داخل الحمّام قدر الإمكان، وتركيب جهاز تفاضلي 30 mA إن أمكن. ما يجب أن يقوله الأهالي لأبنائهم لأن الضحايا غالبًا من الشباب، يجب توضيح الفكرة لهم ببساطة: * يمكنك استعمال الهاتف في الحمّام إذا لم يكن موصولًا بالكهرباء وكان بعيدًا عن الماء. * لا تجلب أبداً «مطول» إلى الحمّام. * إذا كانت بطارية الهاتف منخفضة، اشحنه قبل أو بعد الحمّام... وليس داخله. الأهم: يجب تدمير فكرة أن «الشاحن الصغير لا يقتل». فمجرّد وجود الكهرباء بجانب الماء = خطر موت. لماذا نعيد هذا التحذير في 2025؟ لأن استعمال الهاتف يتوسع أسرع من ثقافة السلامة الكهربائية. نأخذ الهاتف إلى كل مكان، ونشحنه باستمرار، ونشتري أحيانًا شواحن رخيصة وغير مطابقة للمعايير. النتيجة: مع كل حالة وفاة، يتكرر نفس التعليق: «كان يمكن تجنّب ذلك.» المعادلة واضحة: الماء + الكهرباء + هاتف في طور الشحن = خطر قاتل الرسالة بسيطة: لا نشحن الهاتف داخل الحمّام. ليس لأنها مبالغة... بل لأنها مسألة حياة أو موت. تعليقات