هو يفعل ما يشاء، متجاوزًا كل القوانين و الاتفاقيات الدولية. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بطل العالم بلا منازع في انتهاك قرارات الأممالمتحدة، يعود مجددًا إلى الواجهة... و لكن بالسوء طبعًا. فقد تجرّأ على زيارة قواته المتمركزة في المنطقة المنزوعة السلاح على الحدود مع سوريا، في الجولان. و نذكّر بأن هذه المنطقة قانونيًا هي أرض سورية، وُضعت تحت إشراف الأممالمتحدة لتهدئة أطماع "الدولة العبرية". لكن منذ سقوط بشار الأسد، أقامت إسرائيل قواعدها هناك، ما أثار غضب دمشق. و جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء أن نتنياهو «زار يوم (الأربعاء) المنطقة العازلة في سوريا، برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس و وزير الخارجية غدعون ساعر و رئيس الأركان إيال زمير، ورئيس الشاباك دافيد زيني» إضافة إلى مسؤولين آخرين. السلطات السورية اشتاطت غضبًا. فقد ندّد بيان لوزارة الخارجية السورية «بأشد العبارات بهذه الزيارة غير الشرعية (...)، التي تعتبرها انتهاكًا خطيرًا لسيادتها و وحدة أراضيها». و اعتبرت دمشق الخطوة «محاولة جديدة» من إسرائيل «لفرض أمر واقع يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة». و تُظهر الصور التي وزعها مكتبه الإعلامي أن نتنياهو لم يكن مرتاحًا تمامًا، رغم محاولته الابتسام. و قال: «هنا نُولي أهمية كبرى لقدراتنا الدفاعية و الهجومية و لحماية حلفائنا الدروز». بعدها توجّه إلى أحد مواقع الجيش الإسرائيلي، قبل عقد «اجتماع أمني» و جلسة أسئلة مع الجنود. المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن «هذه الزيارة العلنية مقلقة للغاية (...) و ندعو إسرائيل إلى احترام اتفاق فصل القوات لعام 1974»، الذي نصّ على إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان، وفق ما صرّح به ستيفان دوجاريك أمام الصحفيين. مستعمر في سوريا... كما في الضفة الغربية هكذا يتصرّف نتنياهو كالمستعمر في سوريا، تمامًا كما يفعل في الضفة الغربية و بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة. يأخذ و ينتزع و يتمدّد و يقتل إذا اقتضى الأمر. لكن ماذا يستطيع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشّرع، أن يفعل أمام هذا المفترس الإسرائيلي؟ لا شيء تقريبًا... إن لم نقل لا شيء على الإطلاق. فالجيش الإسرائيلي يضرب حيث يريد و متى يريد و يجبر الجنود السوريين حتى على التراجع و الانسحاب من مناطق واسعة ليفسح الطريق أمام قواته. و كل ذلك يتم تحت العين الحانية للراعي الأمريكي، دونالد ترامب. هو نفسه الذي قام بليّ ذراع الشّرع لكي يلتزم الصمت، بل و يتنصّل إلى حدّ محاربة رفاقه السابقين. و تتردد كذلك أحاديث عن محاولة إقناع دمشق بالانضمام إلى اتفاقات أبراهام – أي التطبيع مع إسرائيل – على خطى المغرب و الإمارات و البحرين و ربما قريبًا السعودية. صحيح أن الأمر غير محسوم بعد، لكن لا يجوز الاستهانة بقدرة ترامب على الضغط و الإقناع و قد بدأ يسجل لنفسه سجلًا طويلًا من "الإنجازات" في هذا الملف. الصديق الأكبر لإسرائيل لن يردع نتنياهو كل ذلك ليقال إن «أفضل صديق لإسرائيل عرفته البيت الأبيض» لن يردع نتنياهو أبدًا، أو على الأقل ليس بالشكل الذي تتمناه ضحايا هذا الأخير. و قد أظهر الرئيس الأمريكي موقفه بوضوح حين سمح لتساحال بضرب قطر بذريعة تعقّب «إرهابيي» حماس... كما تجدر الإشارة إلى أنه في اليوم نفسه الذي زار فيه جنوده في المنطقة العازلة بسوريا، قصف نتنياهو جنوبلبنان، في إطار ملاحقته «أشباح» حزب الله المتخيّلة. كلها ذرائع لبثّ الرعب في المنطقة و فرض نفسه سيدًا مطلقًا على الجغرافيا و صرف الأنظار عن مسعاه الدائم لتأجيل ساعة الحساب أمام العدالة. و نذكّر أيضًا أن ترامب نفسه – الخبير في ملفات الفساد – تجرّأ على المطالبة علنًا بعفو عن حليفه «بيبي». أما "الطعنة الصغيرة" الوحيدة التي وجّهها الجمهوري لهذا التحالف فكانت قراره بالموافقة على بيع مقاتلات F-35 و هي آلة دمار كان الكيان الإسرائيلي يحتكرها في المنطقة... و يمكن القول إن ذلك كان التنازل «التضحيّي» الوحيد الذي اضطر نتنياهو إلى قبوله، مقابل كل الفظائع التي تغضّ واشنطن الطرف عنها... بل و تشجع عليها أحيانًا. اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح. يرجى ترك هذا الحقل فارغا تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك. تعليقات