يبدو أن وزارة التربية وعلى رأسها وزيرها ناجي جلول تعيش هذه الأيام ترنّحا وتعثرا ينمّ عن أنها في موقع ضعف ناتج عن عدم القدرة على الأخذ بزمام الأمور وقلة الخبرة في إدارة الأزمات لا سيما أمام تعنّت النقابة العامة للتعليم الثانوي وتشبثها بتحقيق مطالبها المتمثلة أساسا في الزيادة في أجور المدرّسين. وتراوحت تصريحات ومواقف ناجي جلول من الإصرار والصمود من خلال التأكيد على ضرورة إقتطاع أيام الإضراب في البداية إلى الخضوع شيئا فشيئا إلى إملاءات النقابيين حيث نفى اليوم الثلاثاء 3 مارس 2015 وجود أي نية في خصم أيام الإضراب من أجور المدرسين، وذلك في ختام جلسة استماع صلب لجنة التعليم بمجلس الشعب. كما أقر الوزير بوجود سوء تفاهم مع النقابة العامة للتعليم الثانوي، معلنا أن الوزارة ستصدر بلاغا ستدعو من خلاله الى استئناف الدروس بكافة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية بشكل عادي في انتظار الحسم مع الطرف النقابي حول موعد إجراء امتحانات الثلاثي الثاني. ما صرح به جلول يتعارض تماما مع قاعدة العمل المنجز المنصوص عليها بالفصل 13 من قانون الوظيفة العمومية والفصل 41 من مجلة المحاسبة العمومية. وبناءً على ما أسلفنا فإن صرف مرتبات المدرسين المضربين كاملة دون اقتطاع ايام الإضراب يعد خطأ تصرّف يستوجب عقوبات ادارية وجزائية على معنى القانون عدد 74 لسنة 1985 المتعلق بتحديد اخطاء التصرف التي ترتكب ازاء الدولة والمؤسسات العمومية الإدارية والجماعات المحلية والمشاريع العمومية وضبط العقوبات المنطبقة عليها وبإحداث دائرة الزجر المالي حتى وإن كان الإضراب شرعيا. وفي السياق ذاته فإنه طالما ان القاعدة في المحاسبة العمومية هي استحقاق الأجر بمقدار العمل المنجز فإن عدم إنجاز اي عمل خلال الإضراب يبرر اقتطاع المبالغ الموافقة لفترة التوقف عن العمل وهي قاعدة محاسبية لا تعد عقوبة إدارية ولا يمكن أن تعد تعطيلا لممارسة حق الإضراب باعتبارها توازن بين فصلين من الدستور يتعلق الاول باقرار حق الإضراب في حين يتعلق الفصل الثاني بحسن التصرف في الأموال العمومية والحرص على عدم إهدارها وضمان استمرارية المرفق العام. وللتذكير فقد سبق وأن أكد الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي، أن التصريحات الاعلامية لوزير التربية ناجي جلول التى تحدث فيها عن الاقتطاع من أجور الاساتذة ستزيد حتما من حالة الاحتقان والتصعيد وفق تعبيره.