أثار مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة ردود أفعال متباينة في الساحة السياسية والإعلامية والحقوقية حيث نادى العديد بسحبه نهائيا و التخلي عنه، حيث وصفه العديد بالقانون المشرّع لعودة دولة البوليس و مذبحة لحرية الصحافة و التعبير. ورغم تعالي الاصوات الرافضة لهذا المشروع إلا انّ مجلس الشعب لم يتخذ قرارا بشأنه واكتفى بإبقاف النظر فيه مما دفع بعض الأحزاب بالتمسك بتمريره و المصادقة عليه معتبرة أنّ القوات المسلحة من حقها أن يضمن لها القانون الظروف الملائمة لعملها. والمثير للجدل أن مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة لقي ردود فعل متباينة ففي حين رأى فيه البعض إضرارا بأهم مكسب جاءت به الثورة وهو حرية التعبير رأى فيه البعض الاخر مشروع قانون معتدل يهدف الى حماية الأمنيين الذين عانوا الأمرين ما بعد الثورة من الاعتداءات المختلفة عليهم وعلى مقرات عملهم ما جعل مردوديتهم تتراجع. و من جهته أكّد الناطق الرسمي باسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي شكري حمادة في تصريح لتونس الرقمية أنّ مشروع قانون زجر الإعتداء على القوات المسلحة يعتبر قطيعة جديدة بين الأمنيين و الشعب التونسي مشيرا إلى انه يمس من الحريات العامة و الخاصة بالإضافة إلى انه سيشرّع لتصادم جديد مع المؤسسة الإعلامية . و أفاد محدثنا انّ النقابة طالبت بقانون يحمي الأمنيين مشرا في ذات السياق إلى انه لم يتم تشريك النقابة سواء في المشروع الاوّل و لا في المشروع الثاني . و اوضح حمادة في ذات السياق بانّ هذا المشروع لا يحمي رجالات المؤسسة الامنية بل سيجعل من عائلات الأمنيين في قطيعة مع مؤسسات المجمتع المدني مضيفا انهم لم يطالبوا بقانون خاص وإنما بوضع فصل او فصلين يجرّم الإعتداءات التي تطال الامنيين وهو أمر كاف على حد تعبيره . ورصدت تونس الرقمية عددا من مواقف القوى السياسية التي تتصدر المشهد السياسي في البلاد على غرار حركة النهضة ونداء تونس و الجبهة الشعبية حيث تباينت المواقف و الٍأراء فمنهم من نادى بالتمسك بالقانون و ضرورة تمريره على جلسة عامة في مداولات مجلس النواب من أجل المصادقة عليه و منهم من إعترض على فصول منه و طالب بتنقيحها و منهم من إعتبره تشريعا لعودة الديكتاروية و دولة البوليس و إعتداء على الحريات العامة. و قال نور الدين البحيري عضو مجلس الشعب عن حركة النهضة في تصريح خص به تونس الرقمية انّ موقف الحزب يتمثل في مساندة هذا المشروع من خلال التعجيل في إصداره مع توفير الخدمات اللازمة للأمنيين و العسكريين و عائلاتهم حتى يتمكنوا من القيام بواجبهم و ذلك في إطار إحترام الدستور و مبادئ الحريات العامة بحد تعبيره. و أضاف البحيري بأنّه في خضم التجاذبات التي وقعت فور ورود هذا المشروع على لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب غير مبرر معتبرا أنّه من واجب التونسيين توفير الحماية للامنيين و العسكريين و لعائلاتهم أيضا لأنّ من واجب الدولة تجاههم طمئنتهم على حياتهم و مستقبلهم بإعتبارهم رأس الحربة في مقاومة الإرهاب. في المقابل كان لرئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح في مجلس نواب الشعب جلال غديرة موقفا مغايرا حيث يرى ان القانون أفرط في الحرص على حماية الأمنيين والعسكريين وسن عقوبات مبالغ فيها و ليست متجانسة مع القانون الجنائي العام في تونس …". كما شدّد على "دور الإعلام وحرية الصحافة" باعتبارها رافدا من روافد الديمقراطية معتبرا انّ القانون في صيغته الحالية يتطلب المزيد من التوضيح و التدقيق في المفاهيم المدرجة فيه على غرار "التحقير " و الإعتداء " و حماية المعطيات السرية " مشيرا إلى انّ القانون الجنائي العام به نصوص لا بأس بها يمكن الرجوع إليها من خلال تعديل النص الأصلي . و قال غديرة أنّ حركة نداء تونس تساند مبدأ صدور قانون يحمي أكثر الأمنيين خاصة في هذه الفترة التي تمر بها تونس في مكافحة الإرهاب و العصابات الإجرامية بإعتبار انّ الوضع يتطلب نصوص حمائية أكثر . و إعتبر النائب في مجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي ،ان مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح مدخلا كبيرا لعودة الاستبداد ورجوع دولة البوليس. واوضح الهمامي في ذات السياق ،أن رفض الجبهة لمشروع القانون لا يعني أنها غير متمسكة بقانون حماية الأمنيين، لكنها تؤكد حاجة عامة الشعب التونسي إلى حماية قانونية. كما اشار الهمامي إلى أنّ هذا المشروع يتعارض من ناحية شكله ومضمونه مع أحكام الدستور وخاصة باب الحقوق والحريات معتبراً انه غير دستوري. وأردف حديثه بالإشارة إلى ان القليل الذي حققته الثورة، والمتمثل في الحريات سيقع ، من خلال هذا المشروع، القضاء عليه نهائياً والعودة إلى المربع الأول قبل 14 جانفي 2011. كما انتقد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح ، معتبرا أنه مجرد نقد قوات الأمن سيصبح جريمة بهذا القانون. ووصف مشروع القانون بغير الدستوري مشيرا إلى أن جل فصوله مخالفة للدستور وتحديدا الفصلين 31 و32، كما انتقد استخدام العبارات العقاب التي تكررت موضحا انّ هذا القانون لا يشرع إلا لمعاقبة الناس و ليس لحماية الأمنيين. وقال بن موسى إن الروح الزجرية بلغت أقصاها في الفصل الرابع وهي تؤسس للإفلات من العقاب وعدم تساوي المواطنين أمام القانون، حسب تصريحه ووصف المشروع بالخطير وخاصة في ما يتعلق بحرية التعبير و التظاهر.