أثار مشروع قانون زجر الاعتداءات على أفراد القوات المسلحة جدلا واسعا في الأوساط السياسية والحقوقية والقضائية على خلفية ما تضمنته بعض فصوله من إخلالات وهنات وصفت ب«المفتوحة على كل التأويلات» و«الخطيرة» على الحريات، إضافة إلى تشريعه لعودة دولة البوليس وفق تقدير بعضهم. وبين متحفظ ورافض ومؤيد للمشروع شرط إدخال بعض التعديلات بعدد من فصوله.. رصدت «التونسية» مواقف وتقييمات سياسيين وحقوقيين وقضاة وخرجت بالملف التالي: الأحزاب:سحب مشروع القانون ومراجعته التونسية (تونس) اعتبر الأمين العام لحزب المسار الاجتماعي الديمقراطي سمير الطيب أن مشروع قانون زجر الاعتداءات على رجال الأمن والقوات الحاملة للسلاح قد يؤدي إلى نتائج عكسية مضيفا أن هذا القانون لا يصلح لأنه سينحو بعملية المصالحة بين الأمنيين والمواطنين التي تحققت خلال السنوات الأخيرة نحو عودة منظومة الخوف ملاحظا في الأثناء أن القانون المذكور «عوّض بن علي» وفق كلامه. احترازات وأوضح الطيب أن أغلب النقابات الأمنية أعلنت احترازها على تمرير قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة مبينا في ذات الصدد أن قانونا زجريا بهذا الشكل يجب أن يسحب. وأعقب في المقابل أن حزبه يطالب بحماية الأمنيين والعسكريين وتحسين أوضاعهم الاجتماعية وكذلك إعادة النظر في القانون الأساسي المنظم للسلك وذلك لضمان حقوق قواتنا المسلحة وعائلاتها في الحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب موضحا أن قانون زجر الاعتداء عليها لا يصلح لتونس 2015 ولا يجب أن يمر بنسخته الحالية مشيرا إلى أنه يمكن إلحاق بعض فصول هذا القانون بقانون مكافحة الإرهاب وفق كلامه. قانون يستوجب المراجعة أما قيادي «الجبهة الشعبية» و نائبها بالبرلمان زياد الأخضر، فقد أوضح أن القانون يستلزم المراجعة الشاملة مؤكدا أن «الجبهة» مع تفعيل هذا القانون من أجل ضمان حماية الأمنيين في ظل مناخ عام يتسم بسيطرة ظواهر الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة ملاحظا أن هذا الأمر يجب أن لا يكون مدعاة لتمرير قانون ذي صبغة مطلقة وضبابية من حيث المفاهيم إضافة إلى أنه مفتوح على التأويل حسب تعبيره. وأضاف زياد الأخضر أن «الجبهة الشعبية» مع تجريم الإعتداء على حاملي السلاح وضمان حمايتهم ولكن لا بد أن يكون قانون زجر الاعتداء عليهم متوازنا ويراعي المصلحة الفردية والعامة وكذلك حقوق المواطنين حسب تعبيره. القانون لم يعرض بعد على لجان التشريع من جانبه قال نائب حركة «نداء تونس» بالبرلمان محمد الطرودي إن قانون زجر الاعتداء على قوات الأمن والجيش هو مبادرة تشريعية من رئاسة الحكومة باسم جميع القطاعات المتدخلة في الغرض مبينا أنه لا يمكن إبداء موقف محدد من هذا المشروع لأنه ببساطة لم يعرض بعد على لجان التشريع العام والحقوق والحريات والعلاقات الخارجية وتنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس الشعب. تعويضات شهداء الأمن والجيش تعادل تعويضات حوادث الشغل واعتبر الطرودي أن المنظومة التشريعية برمتها في حاجة الى تغييرات ومراجعة مؤكدا أن قيمة التعويضات المالية المرصودة لشهداء القوات المسلحة الذين سقطوا في الحرب على الإرهاب شبيهة بتعويضات حوادث الشغل العادية. وأشار الطرودي إلى أن عون الأمن مواطن تونسي قبل كل شيء وأنه يجب أن تتم حمايته أثناء أدائه لواجبه المهني مشددا على ضرورة مراجعة المنظومة التشريعية برمتها. الحديث عن عودة دولة القمع مزايدات سياسية وأكد نائب «نداء تونس» أن الحديث عن عودة المنظومة القمعية والدولة البوليسية الذي تطلقه بعض الأحزاب ليس سوى مزايدات سياسية لأن البلاد مازالت تسير وفق المنظومة التشريعية الكاملة لنظام بن علي ومن بينها قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003. وأضاف نائب «نداء تونس» أن حزبه سيعمل على ضمان الحماية الكاملة لحاملي السلاح مع منعهم في المقابل من ممارسة التعسف على المواطن باسم القانون. وأنهى محدثنا كلامه بأن بلادنا تتجه نحو تفعيل قانون 2003 الخاص بمكافحة الإرهاب الصادر في عهد بن علي مع إجراء بعض التعديلات الخاصة بالحريات على عدد من فصوله. سحب القانون حزب «الاتحاد الوطني الحر» وفي شخص قياديه و نائبه بالبرلمان طارق الفتيتي طالب بضرورة سحب مشروع قانون زجر الاعتداءات على الوحدات المسلحة لأنه وانطلاقا من المواصفات التي تم ذكرها من الصعب أن يمر هذا القانون على المصادقة من طرف نواب مجلس الشعب. قانون مبهم وأكد طارق الفتيتي أن القانون المذكور مبهم ومفتوح على التأويل ويشرع لعودة دولة البوليس ومنظومة الإستبداد موضحا أن حزبه مع حماية الأمنيين والعسكريين وكذلك مع ضرورة ضمان الحماية لمقراتهم وعائلاتهم مضيفا أن حاملي السلاح هم في الجدار الأول وفي موقع المواجهة وأن ذلك يتطلب توفير الحماية اللازمة لهم مستدركا أن هذا الأمر لا يشرع لتمرير القانون المذكور لأنه سيعيد منظومة الدولة البوليسية كما يمثل خطرا على الحريات ومن بينها حرية الإعلام حسب تعبيره. وشدد الفتيتي على ضرورة سحب قانون زجر الاعتداءات على قوات الأمن والجيش واستبداله بقانون آخر يستجيب لتطلعات التونسيين. المشروع مازال قيد النقاش من جهته، أفاد الأمين العام لحركة «النهضة» علي العريض بأن القانون آنف الذكر مازال قيد النقاش بل أن النقاش حوله مازال في بدايته مبينا أنه لأجل هذه الأسباب فإنه لا يمكن رفضه كليا أو قبوله بدون إجراء تعديلات على بعض فصوله. وأضاف العريض أن مشروع قانون زجر الاعتداءات ضد حاملي السلاح هام شرط ضرورة جمعه بين حماية رجال الأمن وتفعيل نجاعة تدخلهم وبين حماية منظومة حقوق الإنسان كاملة. بدوره اعتبر نائب حركة «آفاق تونس» بالبرلمان مهدي الرباعي أن بعض فصول القانون غير واضحة وتتحمل تعدد التأويلات مضيفا أنه لا بد من توضيح بعض المصطلحات والمفاهيم الواردة فيه. وتابع بأن الإخلالات التي تضمنها مشروع قانون زجر الاعتداءات على الوحدات المسلحة تستوجب ضرورة مراجعته من طرف الحكومة قبل إحالته على مجلس الشعب. وشدد في سياق متصل على أن نص القانون المذكور غير واضح مطالبا بمراجعته.