إنّ الاعتداء “الجبان” على عبد الفتاح مورو ليس بالحالة المعزولة، ولكنّه امتداد للفكر الإرهابي الذي يزحف إلى فكر المجتمع التونسي. فمثل هذه الاعتداءات تحصل يوميا في زوايا شوارعنا. حراس الضمائر الجدد وأصحاب الحق والحكمة لا يفوّتون أي فرصة ليرجعوا “هؤلاء” للطريق الصحيح وليتّهمون “الآخرين” بال”الكفر” أما البقية فمآلهم ال”جحيم” لأنهم يفكّرون بطريقة مختلفة ويدافعون عن أفكار مختلفة. وهؤلاء المعتدون يعبّرون ،بابتهاج، عن لغة العنف ويشهرون سيوفهم كحجة وكان عبد الفتاح مورو ضحية لمثل هذه الممارسات. باسم الإسلام، يستخدمون العصا ليصمت “المرتدون” المزعوم أنّهم “مذنبون” لا لشيء إلا لأنّهم يفكّرون بطريقة مختلفة. وممّا يثير القلق تعدد الهجمات ضد أهل الفن وتجاهل الحكومة بهذا الخصوص حيث لم تأخذ أي اجراء لإدانة المذنبين ومعاقبتهم فهي تقتصر على إصدار بيانات مختفية وراء حجاب التواطؤ رغم الخوف الذى اعترى فئة من الشعب التونسي من ممارسات المحسوبين على التيار السلفي التي تكون أحيانا دموية. فنحن نستطيع أن نضاعف وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات في حال تهاون الحكومة. إنّ التفكير بطريقة مختلفة يعتبر اليوم بدعة ويعرّض صاحبه للتصفية البدنية حتى ولو كان ينتمي لنفس الحركة الإيديولوجية، وهذا هو أسوأ تهديد لديمقراطية البلاد !!! باعتباره يمنع النقاش ويحث على التفرقة. فعقول هؤلاء محصّنة ضد المعرفة والثقافة والحوار. لكن لماذا كل هذا العداء ضد العلم والمعرفة ؟ هذا ما يذكرنا بأب الكيمياء الحديثة أنطوان لورون الذي أتهم أنه ضد الثورة وتمت ادانته من قبل المحكمة الثورية في جيلوتين سنة 1794 وعندما طلب من المحكمة أن تمهله خمسة عشر يوما ليستكمل تجربة هامة للعلوم وللإنسانية أجابه القاضي ” لسنا بحاجة للعلماء”. وفي خلاصة القول يمكن أن نقول إنّ “الجمهورية ليست بحاجة للمفكرين”، نظرا للاعتداءات المتكرّرة على رجال الفن ورموز الثقافة واحتقار المعرفة في مرحلة ما بعد الثورة.