شباب المستقبل؟ في أحد الفضاءات العمومية اجتمع ستة شبان وكان واضحا من خلال أحاديثهم أن خمسة منهم يعملون في إحدى البلديات وأن سادسهم يعمل بمصلحة أخرى تابعة لنفس الوزارة. ولمدة نصف ساعة تقريبا ظلوا يتحدثون في موضوع واحد وهو: ما هي أحسن طريقة للهروب من العمل أو كيف يمكن للموظف أن يعمل أقل ما يمكن من الوقت وما شابه ذلك؟ المصيبة أنهم طافوا على كل «الحلول» الممكنة قبل أن ينصحهم أقدمهم في العمل حيث قال: «بعد أربعة سنين أمرضوا قد ما تحبّوا certifiat-médical وديما يمشي.. واسألوا مجرّب..» فهل هذا هو الشباب الذي سيأخذ المشعل في يوم من الايام؟ إن عزاءنا الوحيد هو أن الكثير من الشبان يحبّون العمل ولا يوافقون على هذا الهراء.. لكن الخوف كله أن يستشري هذا التفكبر في عقول الشباب وعندئذ ليس لنا ما نقول الاّ لا حول ولا قوة إلا بالله!! «بالعاني»!! طوال الرحلة على إحدى الصفراوات (حافلة صفراء طبعا فلا يذهبن بكم الظن بعيدا) ظل السائق يضغط على الفرامل من حين الى آخر وظل الراكبون يتلاطمون على بعضهم البعض كأمواج البحر.. ولئن عبّر بعضهم عن احتجاجه علنا فإن البعض الآخر شتم السائق ولعنه في سرّه ألف مرة.. ورغم أن الامر لا يبدو عاديا باستثناء مرة واحدة حاول فيها السائق أن يتفادى الاصطدام بسيارة توقفت فجأة أمامه فإن الادهى من ذلك أن «عشيره» (الخلاص) اعطى التفسير الصحيح للحكاية.. فقد سألته احدى الفتيات: «علاش صاحبك يعمل هكة» وكان واضحا أنها تعرف «الخلاص» ويعرفها جيدا قال لها: «هو يعمل بالعاني.. شوف وسط الكار فارغ والعباد لتالي.. donc هو يعمل فران ساك باش يجبدهم للوسط»؟ لا فضّ فوك أيها العبقري..أنت وصاحبك حمادي.. حمادي! على ذكر اسم حمادي، هل تعلمون أن كل سائقي الحافلات الصفراء وقابضيها يحملون نفس الاسم وهو حمادي؟ خمسة آلاف بشر اسمهم جميعا حمادي!! قد تقولون إني غبيّ والاسم مستعار فأقول أعرف هذا جيدا. فأنا حريف منذ 1976 اي عندما كانت الصفراء زرقاء ومنذ كانت أغلى تذكرة 85 مليما.. لكن هل تعرفون أنتم ما سرّ هذا الاسم (حمادي)؟ لقد فعلوا ذلك منذ سنوات بدعوى حماية العاملين في الشركة من «أخطار» الركاب فأصبح كل من يرتدي كسوة زرقاء يحمل اسم حمادي.. لكن هذا التفكير أدّى الى علاقة متوترة على الدوام بين «حمادي» وبين الحرفاء ولم يتفطن مسؤولو الشركة الى أنه كان عليهم أن يخلقوا جوا من العلاقة الحميمة مع الحرفاء عوض إخفاء الاسماء. وعندما أتحدث عن العلاقة الحميمة فإن الامثلة موجودة وأبرزها تلك الالفة التي نشأت بين بعض السواق والقابضين وبين عاملين وعاملات يصعدون معهم الحافلات يوميا نحو منطقة الشرقية فقلل ذلك كثيرا من الصدامات والمشاحنات التي مازالت تحدث، للأسف على أغلب الخطوط الاخرى. رصد: جمال