مخاطر الارهاب" "انتشار الاسلحة الكيمائية والبيولوجية" "الهجرة غير المشروعة" "الجريمة المنظمة" "التحديات الامنية" مصطلحات لم تخل من أي من المداخلات التي تخللت اشغال ملتقى الحوار المتوسطي لمنظمة حلف شمال الاطلسي الذي نظمه المعهد الديبلوماسي للتكوين والدراسات بالتعاون مع قسم الديبلوماسية العامة بمنظمة حلف الاطلسي والذي اختتم اشغاله بالامس على وقع المزيد من التساؤلات ونقاط الاستفهام حول الدور الجديد الذي تبحث عنه منظمة الحلف الاطلسي في حوض المتوسط بين محاضرات الاكاديميين وحسابات العسكريين وردود السياسيين واخصائيي العلاقات العامة كل يبحث من موقعه عن تبرير موقفه ودعم رؤيته. واذا كان اللقاء وهو الاول من نوعه والذي استمر يومين قد انتهى فان ما اثاره من جدل ومن تساؤلات قد لا تنتهي في وقت قريب حيث يبقى الحوار بين المتوسط والحلف الاطلسي وبعد نحو عشر سنوات على انطلاق المبادرة كحوار سياسي بين الجانبين قائما في انتظار ان تزول بعض المخاوف وتتضح الشكوك حول الاهداف من هذه الشراكة التي يسعى اليها الحلف الاطلسي كمنظمة امنية وعسكرية في اهدافها وما يمكن ان تضيفه لامن واستقرار ورفاهية منطقة حوض المتوسط وتطلعات شعوبها لاسيما وان مبادرات ذات صبغة اقتصادية وسياسية اجتماعية وثقافية سابقة ظلت دون مستوى الطموحات والرهانات التي رسمت عليها فيما يتعلق بقضايا مصيرية كالهجرة والبطالة وغيرها. وقد عكست مختلف التدخلات وردود الفعل نظرة لا تخلو من الشكوك في اهداف الحلف الاطلسي برغم حرص المتحدثين باسمه عن توجيه رسالة تطمين الى الحاضرين عن دور مغاير للحلف الاطلسي المنظمة العسكرية التي انشئت قبل ستين عاما لاحتواء الخطر السوفياتي وبين دورها الامني الجديد في عالم ما بعد الحرب الباردة وما افرزته من تحولات متسارعة في ظل مخاطر العولمة التي حولت العالم الى قرية كونية متشابكة المصالح حينا ومتضاربة حينا آخر. وفي اختتامه اشغال هذا الملتقى شدد السيد حاتم بن سالم كاتب الدولة المكلف بالشؤون الاوروبية على ان الامل القائم ان يخدم الحوار المتوسطي الامن الاقليمي ويساعد على التزام اكبر للدول الاعضاء في الحلف لتقليص انعدام التوازن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي المتفاقم بين الضفتين واشار بن سالم الى ضرورة ان تكون منظمة الحلف الاطلسي متفتحة على التطلعات الجيوستراتيجية للمنطقة ومستعدة الاستماع الى شركائها وحريصة على تغيير الصورة التي ارتبطت بها كمنظمة عسكرية من اجل المصالح الامنية في المنطقة وفي العالم. واعتبر السيد حاتم بن سالم في مداخلته الختامية ان هذا الحوار لا يمكن ان يكون من جانب واحد وان عسكرة الحدود وظهور مسالة الارهاب كمعطى دائم في العلاقات الدولية السياسة الانفرادية حول الهجرة والتردد في تقبل الاختلافات الثقافية لا يمكن الا ان تساعد على انتشار الصورة السلبية والمواقف غير المثمرة، كما اعتبر السيد حاتم بن سالم ان المبادئ التي يمكن ان تثير الراي العام هي التي تسعى لحماية الكرامة الانسانية والتعايش السلمي بين الامم والتضامن الدولي ولاحظ ان الحوار المتوسطي يجب ان ياخذ بعين الاعتبار التحديات التي افرزتها العولمة وان يندرج في صيغة جيوسياسية واقتصادية وثقافية وبيئية من اجل التاسيس لمفهوم جديد للامن العالمي اساسه العدالة والاحترام والسيادة ... وقد تضمنت كلمة السيد حاتم بن سالم اشارة مهمة حول التزام مجموعة الثماني في القارة الافريقية على سبيل المثال حيث اشار الى ان سنة 2006 شهدت انفاق اكثر من 1400 مليار دولار على التسلح مشيرا الى ان نصف هدا المبلغ كان يمكن ان يوفر الكثير لافريقيا وان يساعد على خلق عشرات الملايين من فرص العمل للعاطلين وخاصة ان تمنح الامل من اجل حياة افضل لملايين البشر. وكان العميد محمد غربال مدير التعاون والعلاقات الدولية بوزارة الدفاع الوطني تساءل في مداخلته عن نوع الامن الذي يحتاجه المتوسط وما اذ كان الحلف الاطلسي بامكانه ضمان هذا الامن وقدم العميد غربال مقاربة حول مفهوم الامن في مختلف صيغة الانسانية والامنية والغذائية والاقتصادية قبل وبعد مرحلة الحرب الباردة .باتريك هاردين الكاتب العام المساعد بمنظمة الحلف الاطلسي استهل مداخلته بانطلاق رحلته من بروكسيل الى تونس عبر نيس مذكرا بان المدة الزمنية الفاصلة بين تونس ونيس اقل من المدة الفاصلة بين نيس وبروكسيل بما يؤكد اهمية الفضاء التواصلي مع حوض المتوسط على حد تعبيره وقد شدد على ان منظمة الحلف الاطلسي لا تبحث عن ملء فراغ وليست في منافسة مع أية منظمة اخرى مشددا في نفس الوقت على ان الحلف لا يعتمد التمييز في التعاطي مع الشركاء مذكرا بان الحلف ادرك انه تاخر كثيرا في التعامل مع المنطقة كشريك من اجل السلام مضيفا ان معهد روما للدفاع سيكون فرصة لتكوين وتبادل المعلومات والخبرات بين دول المنطقة واعتبر ان التحديات والمخاطر حقيقية فيما يتعلق بنقل الطاقة عبر المتوسط سواء بالنسبة للدول المنتجة للطاقة او للدول المستوردة لها وحاجتها لتامين نقل احتياجاتها واوضح ان الحلف الاطلسي ليس منظمة اقتصادية او تنموية وانه لا يملي قرارات ولا يفرض أي نوع من الاصلاحات مشيرا الى انه لا يمكن معالجة قضايا القرن الواحد والعشرين بمنظار القرن التاسع عشر ورفض ان يكون الفقر من الاسباب التي كانت وراء انتشار الارهاب معتبرا ان غياب العدالة والشعور بالاهانة من الاسباب التي تساعد على انتشار الارهاب ، وقد اتخذ السيد جون فورني الكاتب العام المساعد للديبلوماسية العامة في الحلف الاطلسي منحى اكثر بساطة في خطابه في محاولة لتقريب صورة الحلف واهدافه لدى الحضور واعترف بان تقديم صورة ايجابية عن منظمة كانت ولا تزال تعتبر ذات صبغة عسكرية وينظر لها في اجزاء كثيرة من العالم على انها اليد العسكرية للادارة الامريكية يعد امرا صعبا وهو ما يدعو حسب رايه الى تكرار مثل هذه اللقاءات وتكثيف الحوارات والاستفادة من دروس العثرات التي يمكن مواجهتها واعتبر ان الاستماع للاخر شرط اساسي وانه على المتحدث ان يعرف متى يجب ان يتوقف عن الحديث ليمنح الفرصة للاخر للتعبير عن رايه واحتياجاته وان في ذلك جزء من محاولة تصحيح صورة الحلف لدى الراي العام مضيفا بان الحوار السياسي منطلق للتعاون الملموس واحترام الاختلافات التاريخية بين الثقافات والاديان واعتبر جون فورني ان الشراكة مع الحلف الاطلسي لا تتناقض مع الشراكة مع منظمات اخرى وان استراتيجية الحلف الجديدة تستوجب التنقل الى دول المتوسط والاقتراب اكثر من الراي العام هناك ذلك ان مثل هذا اللقاء لم يكن بالامر الممكن قبل سنوات...