منير الطرودي كان بطلا في «الفوسكة» وزهرة الاجنف حلمت بامتحان «الباك» فتحقق حلمها زهيرة بن عمّار كان الامتحان يخيفها وسفيان سفطة اعدّ الفلسفة وهو يعزف تونس الاسبوعي: تعيش العائلات التونسية هذه الايام على ايقاع الامتحانات في حالة من الاستنفار القصوى تفرض ضرورة توفير الهدوء والراحة للابناء ليجتازوا امتحانات : «الكاتريام، او السيزيام او النوفيام او الباك» بسلام هذا علاوة على الطلبة الذين يوجدون في خضم الامتحانات الجامعية فالامتحانات لها اجواء خاصة ولها استعدادات وطقوس تعيش على وقعها النفوس والبيوت فالكل يعتبر الامتحانات امرا حيويا في الحياة ولن تشرّع الابواب الا اذا اجتازها المرء بسلام، وقد حاولنا ان نبحث في الامتحانات من زاوية نظر الفنانين كيف كانوا ينظرون اليها؟ ماهي قيمتها في حياتهم وهل لها طقوس خاصة لديهم؟ حلم يجلب 18 من عشرين تعتبر الفنانة زهرة الاجنف من الاصوات النسائية المميزة لما تختزله من معرفة بالتراث الموسيقى التونسي الاصيل الذي يغوص في روح مناطق عديدة من تراب الجمهورية سألناها عن علاقتها بالامتحانات فأجابت بتلقائيتها المعهودة «اهم ما كان لي في تلك الفترة هو العائلة لان التعليم والنجاح بالنسبة اليها امران مقدسان ورغم اهمية هذين العنصرين الا ان الجو كان عابقا باريحية كبيرة ولم نكن نشعر انا واخوتي باي ضرب من ضروب الخوف، وقد غُرس فينا مبدأ اساسي يتمثل في ان النجاح يعود اليك دون غيرك لقد كنا جميعا من المتميزين في الدراسة وآمنا ان الحياة لا تتوقف على الامتحانات واعتبر ان هذه العناصر في حد ذاتها وهي نفسانية بالاساس تمثل نسبة 50% من التفوق» سألت زهرة عن المراجعة كيف كانت فاجابت «كنا نراجع في شكل مجموعات خاصة في ما يتعلق بمواد مثل الفلسفة والعربية وعلى فكرة كنت انتمي الى شعبة الاداب وكنا ننجز التحاليل والمواضيع بصورة مشتركة وكان المستوى راقيا جدا وكنا نشجع بعضنا ونسعى الى حل كل الاشكاليات وتناول جميع الاطروحات واذا عجزنا مرة فاننا نحس بالذنب لقد كان الوعي الذاتي هاما جدا بالنسبة الينا اما عن بقية المواد فقد كنت اعدها بمفردي خاصة تلك التي تستوجب الكثير من التركيز» وعن الطرائف التي تذكرها زهرة والتي تعلقت بفترة الامتحان فتقول «ذات ليلة من ليالي «الباك» نمت نوما عميقا وحلمت بموضوع التفكير الاسلامي لقد تعلقت القضية بالقضاء والقدر ولما استفقت في الصباح قابلت اصحابي وحدثتهم عن حلمي فتهكموا مني خاصة واني سردت عليهم كل جزئيات الموضوع وانغرست في نفسي قناعة مفادها اني صادقة وان الحلم سوف يتحقق وفعلا يوم امتحان هذه المادة كان نفس الموضوع وتحصلت على 18 من 20 انها احلام ويعتبرها بعضهم شطحات آخر وقت ولكنها تتحول في احيان عديدة الى حقائق ملموسة». كنت موهوبا في «الفوسكة» الفنان منير الطرودي اختار نمطا موسيقيا خاصا به يميزه عن الاخرين وتمسك بخطه الفني وجعله قاعدة لا يحيد عنها ابدا له مع الامتحانات صولات وجولات يحدثنا عن بعضها «الامتحان يا اخي «غصرة» كبيرة، انا منذ البداية ضد فكرة الامتحانات ومن طبعي لا اريد ان يمتحنني احد، ايام الامتحان هي من اعسر الفترات لقد كانت فترة عصيبة جدا «اذ كنت على امتداد الامتحانات التي اجتزتها اشعر دائما بآلام في البطن لم اكن مرتاحا ابدا واعتقد ان كلّ من في نفسه بوادر فنان كان يكره الامتحانات الفنان حساس و«الغصرات» حتى وان كانت بسيطة فهي تؤثر فيه تأثيرا كبيرا وعموما اعرف العديد من الفنانين المشهورين الذين لم يتوفقوا في حياتهم المدرسية» اما عن فترات التحضير فيقول منير «في البدايات كنت استعد للامتحانات بطريقة فردية وبعد ذلك واثناء اعداد امتحانات التخرج كنت اجتمع مع الاصدقاء لوضع اللمسات الاخيرة لقد كنت احبذ طريقة الحفظ الجماعي واعتبر ان احسن فترة للمراجعة هي صباحا خاصة في فترة مبكرة جدا انا ضد المراجعة ليلا، كنت استفيق في الساعة الخامسة صباحا وانطلق في المراجعة» وعن الطرائف التي صاحبت الامتحانات يقول منير الطرودي «لقد كنت بطلا في «التفسكية» ولي طرق مختلفة في ذلك ولم تكن تفشل كنت موهوبا في «الفوسكة» ولم يكن الاساتذة المراقبون يتفطنون الى ذلك». الامتحان غول.. من الوجوه المسرحية الكبيرة في تونس الفنانة زهيرة بن عمّار، سألناها عن علاقتها بالامتحانات فقالت «فترة الابتدائي لا اتذكرها، اما عن مرحلة تعليمي الثانوي فان ابناء اخوتي واخواتي وبقية صغار العائلة يذكّرونني بهذه الفترة وهم يعيدونني الى مراحل جميلة من ايام القراية انا ألخص ايام الامتحانات في قاعدتين اساسيتين: «الغصرة» والدلال وابدأ بالعنصر الثاني ففي العائلة كثير من الدلال، اذ ان العائلة توفر كل الضروريات وحتى الكماليات وما الاحظه في هذا المستوى ان العائلة اثناء السنة كان فيها الكثير من الكبسْ ثم بعد ذلك يكثر الدلال و«مدّان الساقين » فمثلا لم اكن اقوم باي شأن من الشؤون المنزلية وفي مرحلة الاستعداد للامتحانات تتعدد الخرجات خاصة في نهاية الاسبوع فالعائلة تؤكد على ضرورة الترويح عن النفس، واتذكر انه اثناء مدة المراجعة كان يسمح لنا بمشاهدة بعض الافلام حسب الظروف اذ كنت من رواد دار الثقافة ابن رشيق واتذكر التأثير الثقافي الذي كان للمرحوم خالد التلاتلي علينا في تلك الفترة كما كنت خلالها اجد متنفسا للتخلص من الضغوطات من خلال جولة عبر المغازات اختار فيها ما يطيب لي من الملابس لاشتريها وكانت العائلة تعتبر هذا الامر بمثابة التشجيع الذي سيحفزني على مزيد المراجعة» وسألنا زهيرة عن الخوف من الامتحان فقالت «كان الخوف يتملّكني دائما هي رهبة وشد اعصاب ولم يكن خوفي من كثرة الدروس وتراكمها بل هو ضغط الامتحان يدخلني في دوامة من الاضطراب، كما كان حديث اساتذتي واصدقائي عن المناظرات يشوش تفكيري في كلمة الامتحان «غول» ولكن رغم كل ذلك اعتبر ان كل من يجتهد على امتداد السنة فلابد ان يكلّل عمله بالتوفيق مع وجود بعض الاستثناءات بطبيعة الحال» وعن المراجعة تذكر زهيرة «افضل ان اعد بمفردي او مع صديق او صديقة واذا تعدى العدد الثلاثة يصبح عدما وقد كانت امي تساعدني كثيرا اثناء المراجعة» اما عن طرائف الامتحانات فتقول زهيرة «اتذكر ذات مرة ليلة احد الامتحانات انني جهزت ملابسي ولما استيقظت في الصباح لم اجدها حيث لبستها اختي وشعرت بالاضطراب وبكيت طويلا خوفا من ان لا اكون حاضرة في الوقت» الانعزال اثناء الامتحان هو احد الاصوات الشابة علاقته بالامتحانات ليست بعيدة اذ حين هاتفناه كان يستعد لاجراء احد الاختبارات يقول هيثم هلال «انني اعيش في هذه اللحظة الامتحانات واسعى دائما خلال هذه الفترة ان اتوقف عن كل نشاط فني وان اركز على الامتحانات، فانا اسعى الى الانعزال تماما عن الناس وارى ان تنظيم الوقت هام جدا حتى يضمن الانسان اكبر حظوظ النجاح وغالبا ما اراجع بمفردي» سألته عن علاقته بالخوف فقال «لا اشعر بالخوف بتاتا لانني احد من كل ذلك بواسطة الموسيقى». «ضربة» موسيقى و«ضربة» ديكارت المبدع سفيان سفطة هو احد الموسيقيين الشبان الذين تمكنوا في فترة وجيزة من نحت مسيرة فيها الكثير من الاضافة آخر عروضه كان بفضاء النجمة الزهراء وحاز على اعجاب كل الجمهور دخلنا معه اروقة الامتحانات وكانت هذه ابرز ذكرياته «اعتبرها فترة خاصة جدا كل حياتي تتغير، انام قليلا جدا واستيقظ باكرا لاضع اللمسات الاخيرة وكنت اتذكر انني لا اتجاوز احيانا ثلاث ساعات من النوم ومن خاصياتي انني لم اكن منظما البتة واترك الامر دائما للحظات الاخيرة ولكني لم ادخل ابدا قاعة الامتحان خالي الذهن.. امر ايضا باضطرابات عديدة ولكنني اجد في الموسيقى خير عنصر يعيد التوازن الى ذاتي فامارسها يوميا بمعدل ساعتين حتى احدّ من الضغط» استفسرنا سفيان عن الطرائف فقال «خلال امتحان البكالوريا كنت سأمتحن في مادة الفلسفة من الغد وقد جاءتني فرصة للعمل فحملت معي كراسي وجذاذاتي ووضعتها اثناء العرض على لوحة «النوتة» وكنت اعزف وفي نفس الوقت اراجع شواهد لديكارت ولفلاسفة آخرين ولم تكن العائلة على علم بذلك اذ كانوا يعتقدون انني اراجع في منزل احد اصدقائي ومن الغد اجريت الامتحان ومرت الامور بسلام» واضاف سفيان «لم اكن «قراي» ولكنني كنت انجح دائما ولكن ليس بتميز في المعهد الاعلى للموسيقى تغيرت الامور واصبحت اجتاز الامتحانات بملاحظات مشرفة جدا» تحقيق: نبيل الباسطي للتعليق على هذا الموضوع: