تونس الصباح: حتى ولو كان حاملا للجنسية الفرنسية فان لا احد بامكانه ان ينكر على المخرج السينمائي المقيم بفرنسا عبد اللطيف كشيش مخرج شريط «الكسكسي والبوري» اصوله التونسية.. بل لا احد بامكانه ايضا ان يومي مجرد الايماء بان لاحق لهذا المخرج الشاب في ان «يعلن» على طريقه وبأي شكل من الاشكال عن انه من اصل تونسي.. وسيبقى.. فهذا حق شخصي مقدس اكتسبه تاريخيا ولا يمكن لاحد ان ينازعه فيه.. واما عندما يتعلق الامر بأفلام هذا المخرج باعتبارها مادة ابداعية وثقافية فانه من المفروض منطقيا ان تكون حاملة في جانب منها على الاقل لما يفيد بانها «تونسية» الانتماء (لغة وثقافة) خاصة اذا ما اريد لها ان تكون مرشحة رسميا لتمثيل تونس في محفل ثقافي عالمي او مهرجان دولي متخصص. مهرجان روتردام السينمائي الانباء الواردة من كواليس مهرجان روتردام السينمائي الدولي في دورته الجديدة التي تنعقد من 18 جوان الجاري الى غاية يوم 22 منه حملت الينا خبرين، احدهما يمكن ان نقول عنه بانه سار والثاني مخيب للامال ثقافيا وذلك حتى لا نقول مزعج! اما عن الاول السار فيتعلق باختيار المخرجة التونسية سلمى بكار لتكون عضوا في لجنة تحكيم احدى مسابقات هذه الدورة وهو بلاشك تكريم لافقط لهذه المخرجة التونسية المناضلة من اجل سينما تونسية ذات مذاق فني تونسي حميمي ينتصر للمرأة ولحقوقها بوضعها انسانا وليست مجرد «سلعة» او «متاع». ولكن ايضا للسينما التونسية ذاتها.. على اعتبار انها سينما تقدمية ومستنيرة في مجمل خطاباتها الفنية.. وما من شك في ان شريطي «حبيبة مسيكة» و«خشخاش» لسلمى بكار هما عينة معبرة عن هذه السينما التونسية الشجاعة والجريئة.. اما الخبر الثاني والمخيب للامال فانه ذلك الذي يعلن عن ترشيح شريط «الكسكسي والبوري» للمخرج عبد اللطيف كشيش ليكون ممثلا للسينما التونسية في مسابقة الافلام الطويلة في هذه الدورة الجديدة من مهرجان روتردام السينمائي الدولي.. اما لماذا هو مخيب للامال في رأينا فلسببين على الاقل : * الاول: يتعلق بالضعف الفني الذي بدا عليه هذا الشريط الذي شاهده قطاع من الجمهور التونسي عندما تم عرضه مؤخرا للعموم بقاعة «افريكا» وبقاعات اخرى.. جل الذين شاهدوا هذا الشريط بما فيهم بعض النقاد لم يروا فيه اكثر من مجرد شريط عادي مغلق بكم كبير ومبالغ فيه من «بهارات» الفرجة الفلكلورية والاثارة الجنسية.. * اما السبب الثاني وهو الاهم في رأينا فيتمثل في ان هذا الشريط الذي اريد له ان يكون ممثلا للسينما التونسية في مهرجان روتردام السينمائي الدولي هو ناطق في اغلبه باللغة الفرنسية! باستثناء بعض التلهات القليلة والمتفرقة بالدارجة ينطقها من حين لاخر بلكنة غريبة بعض ابطال الشريط! والسؤال هنا هو: لماذا شريط سينمائي ناطق بالفرنسية لتمثيل تونس (ثقافة وحضارة) في تظاهرة سينمائية دولية؟ ومن هي الجهة التي تكون رشحت هذا الشريط ليكون ممثلا رسميا للسينما التونسية.. اهي سلطة الاشراف ممثلة في وزارة الثقافة والمحافظة على التراث ام جهة اخرى خاصة؟ واذا كان الامر كذلك هل يجوز لجهة ما ان تتقدم بترشحها لتظاهرة دولية باسم بلد بأسره بما يعنيه من ثقافة وحضارة وتاريخ وسمعة وشعب وتقاليد واعراف؟! نحن فقط نسأل ونبسط المسألة ولا نريد حتى مجرد التعليق على الظاهرة! فقط، نريد ان نشير الى ان مصر يمثلها في هذه التظاهرة السينمائية الدولية شرط «هي فوضى» ليوسف شاهين وهواحدث انتاجات هذا المخرج الكبير.. ولكم ان تقارنوا ان شئتم بين قيمة الحضور الثقافي المصري في هذه التظاهرة وقيمة الحضور التونسي بشريط «الكسكسي والبوري»!