تونس الصباح: أعلنت اللجنة المنظمة للدورة الجديدة (24) لمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي التي ستنتظم في الفترة ما بين 26 الى 30 أوت الجاري أن 11 دولة متوسطية ستتنافس على الفوز بجوائز المهرجان المختلفة من بينها اربع دول عربية هي المغرب ومصر ولبنان والجزائر.. فيما سيكون للسينما التونسية حضور خارج اطار المسابقة الرسمية شأنها في ذلك شأن سوريا والعراق. ليلة السينما السورية ولئن يبدو ادراج مشاركة السينما السورية خارج اطار المسابقة الرسمية مفهوما ومبررا على اعتبار ان الدورة الجديدة لمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي اختارت ان تحتفي بالسينما السورية وان تقيم لها «ليلة» خاصة يعرض خلالها مجموعة من الافلام السورية فان غياب السينما التونسية عن قائمة الافلام المشاركة في المسابقة الرسمية يبدو مفاجئا وغير مفهوم نظرا لا فقط لتوافر عدد من الافلام التونسيةالجديدة، نسبيا والجاهزة والمؤهلة لان تكون حاضرة في اطار المسابقة الرسمية في هذه الدورة الجديد من مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي وانما ايضا لأن السينما التونسية ظلت لسنوات عديدة دائمة الحضور ضمن المسابقات الرسمية لمهرجانات سينمائية دولية مختلفة بعضها، بل جلها يفوق مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عراقة وشهرة. لماذا؟! من هنا يبدو سؤال لماذا تغيب السينما التونسية عن المسابقة الرسمية للدورة (24) الجديدة من مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي جديرا بالطرح ووجيها. وما من شك في ان الاجابة عن هذا السؤال لا يمكن الا ان تحيل ضمنيا على جانب الخفوت الذي لحق ببريق السينما التونسية في السنوات القليلة الاخيرة والذي بموجبه لم تعد تبدو كواحدة من السينماءات العربية والافريقية الواعدة والمثيرة التي تمتلك خصوصية خطابها الفني والثقافي.. والواقع ان الناظر في قائمة احدث الافلام التونسية سيجد اما انها افلام اضحت تكرر خطابها «الايديولوجي» والثقافي بشكل او بآخر وانها لم تعد بالتالي تحمل في ذاتها عنصر «المفاجأة»والادهاش بمعناهما الفني والثقافي (افلام نوري بوزيد ومفيدة التلاتلي وسلمى بكار نموذجا). او أنها افلام تبدو كأنها بلا هوية ثقافية وفنية (افلام لمخرجين شبان يحملون الجنسية التونسية واحيانا المزدوجة التونسية والفرنسية ويعيشون في المهجر مثل عبد اللطيف كشيش ورجاء لعماري ونوفل صاحب الطابع..) اللافت هنا ان سلطة الاشراف ممثلة في وزارة الثقافة والمحافظة على التراث تبدو وكأنها «مغرمة» خاصة بهذا الفريق الاخير من السينمائيين «التونسيين» فهي كثيرا ما تلبي طلباتهم وتبجلهم وترشح افلامهم الناطق بعضها بالفرنسية! لتمثيل تونس في المهرجانات والتظاهرات السينمائية الاقليمية والدولية! طبعا، وحتى لا نكون كمن يتحامل على المشهد السينمائي الوطني لا بد ان نذكر بان ضمن هذا المشهد السينمائي التونسي هناك ايضا افلام يحاول اصحابها ان يكونوا قريبين في خطابهم الثقافي والفني من قضايا الانسان التونسي اجتماعيا ونفسيا وحضاريا (افلام الناصر خمير وفاضل الجعايبي مثالا) ولكن مثل هذه الافلام تبدو وكأنها غير مرحب بها.. فهي غالبا لا يقع ترشيحها رسميا لتمثل تونس في التظاهرات السينمائية الدولية.. وتقدم عليها افلام اخرى ومن «نوع» اخر مثل افلام نوري بوزيد وعبد اللطيف كشيش! عودة لمهرجان الاسكندرية لذلك ربما اصبحت ادارات بعض التظاهرات والمهرجانات السينمائية العربية والدولية لا تتردد في رفض ترشحات الافلام التونسية للمسابقات الرسمية. ولذلك ربما تكون ايضا لجنة تنظيم الدورة (24) الجديدة لمهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي قد قررت بان تكون المشاركة التونسية في هذا المهرجان خارج اطار المسابقة الرسمية. فمن أين للسينما التونسية وهي على ما هي عليه ان تكون مشاركتها في مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي في اطار المسابقة الرسمية ونحن نقرأ مثلا ان دولة مثل فرنسا ستكون حاضرة ضمن المسابقة الرسمية لنفس المهرجان بشريط عنوانه «ممثلات» للمخرجة والممثلة الفرنسية فاليريا بروني تادسكي وهي شقيقة كارلا بروني زوجة الرئيس نيكولا ساركوزي وقد نالت به جائزة التحكيم في مهرجان «كان» السينمائي الدولي في دورته الاخيرة وجائزة سيزار لاحسن ممثلة دور ثان. او ونحن نقرأ ايضا ان اليونان ستكون حاضرة ضمن نفس المسابقة الرسمية بشريط عنوانه «تصحيح» الحاصل على جائزة افضل سيناريو بمهرجان برلين في دورته الاخيرة.. وان الجزائر تشارك ضمن المسابقة الرسمية بشريط عنوانه «قيل ذات يوم» وهو شريط تم عرضه في الدورة الاخيرة لمهرجان «كان» السينمائي الدولي. يبدو اننا في حاجة اكيدة لان نراجع انفسنا سينمائيا بعيدا عن اوهام الرضا وأحلام اليقظة!