لا حديث في العائلات التونسية هذه الأيام إلا عن مسلسل «حبك درباني» الذي تبثه قناة «نسمة» منذ أسبوعين تقريبا حتى انه كاد يغطي من ناحية كثرة الشغف والاهتمام على مسلسل «قطوسة الرماد» الذي تبثه نفس القناة والذي اصبح يعاني من كثرة التفاصيل المملة رغم أن قناة «نسمة» عندما دبلجت أجزاءه الأولى عملت على التكثيف والتلخيص، من ذلك أنها لخصت مثلا الجزء الأول المتكون من 120 حلقة بتخفيض حلقاته إلى 60 حلقة فقط ومع ذلك بقيت فيه بعض الأحداث المملة والمعادة والتفاصيل الصغيرة التي يمكن تجاوزها. ومسلسل «حبك درباني» المتكون من 170 حلقة موزعة على موسمين أقبلت عليه العائلات التونسية بشهادة مؤسسة ميديا سكان التي أكدت: «أن «حبك درباني» حقق نسب مشاهدة عالية بعد أربعة أيام فقط من انطلاق بثه إذ بلغت 18.5% محتلاً بذلك الصدارة أمام كل من الأخبار على الوطنية الأولى وبرنامج تونس 24/7 لقناة الحوار التونسي.» لأنه تمت تونسته وتقريبه كليا من ذهنية العائلة حتى في داخل الجمهورية وقد تم على ما يبدو حذف كل ما يمكن ان يحرج المشاهدين من افراد العائلة الواحدة من لقطات كانت مجموعة قنوات «الام بي سي» إلى وقت قريب تحذفها وتتجاوزها ولكنها منذ مدة أصبحت تسمح بها وتمررها وهو ما جعل عددا كبيرا من مشاهديها يحولون وجهتهم نحو قناة العائلة قناة «نسمة».. ويستعرض مسلسل «حبك درباني» وهو كوميدي رومنسي ذو طابع اجتماعي عائلي قصة لقاء الصدفة بين رجل وامرأة جمعهما بكاء رضيع اقلق راحة ركاب طائرة تعود من أمريكا إلى تركيا. بطلة المسلسل زينب شابة في العشرين من عمرها تفر إلى أمريكا صحبة حبيبها بلال متحديةً إرادة والدها. لكن هذا الأخير يغدر بها عندما تحمل منه ويتركها لمصيرها هي ورضيعها وعندما تعجز عن مجابهة صعوبة الحياة تقرر العودة الى اهلها في وطنها بعدما بلغ رضيعها من العمر 7 أشهر. أما البطل واسمه فاتح، وهو شاب من عائلة كبيرة وثرية فيغادر بلده هربا من زواج مرتب من قبل والدته من فتاة لا يحبها. فيلتقي فاتح في امريكا بفتاة اسمها سمر ويغرم بها إلى حد طلب الزواج منها. لكنها ترفضه فيخيب امله ويقرر العودة إلى بلده. ويشاء القدر أن تلتقي زينب بفاتح في نفس الطائرة خلال رحلة العودة ويقرران التظاهر أمام عائلتيهما بأنهما متزوجان ولهما طفل لينقطع امل والدته بتزويجه ممن اختارتها له ولتجد زينب ابا لابنها حتى لا تلفظها عائلتها ولا يقتلها والدها الصعب المراس. مشاكل كثيرة يتعرض لها فاتح وزينب وعراقيل يفرضها الاصهار على بعضهم البعض وكره متبادل بين الحماة و»الكنة» هذه المشاكل التي توتر الكل وتحرم الكل من السعادة يتم التطرق اليها بطريقة هزلية خفيفة فيها المشاهد والمواقف المضحكة والأخرى المليئة بالأحاسيس والمشاعر الصادقة.. امل البطلين والمشاهدين ان يتزوج فاتح من زينب زواجا حقيقيا رغم أن والدها عقد قرانهما غصبا وعلى طريقته الخاصة.. هذا من ناحية الجانب التركي في المسلسل اما الجانب التونسي وقد تم تمرير 16 حلقة مدبلجة إلى اللهجة التونسية العامية، فالملاحظ بلا شك هو تحسن مستوى الدبلجة بصفة جيدة وتحسن مستوى الربط الدقيق بين توقيت خروج الكلمات من افواه الممثلين الاتراك وتعويضها بنجاح بالأصوات الناطقة باللهجة التونسية أي النجاج في تزامن العمليتين وهو ما تعثرت فيه نسمة خلال دبلجتها لأولى مسلسلاتها. تعابير الجسد وسرعة الحركة وبطؤها وتغير ملامح الوجوه (التكشير المفاجئ، الفرح والغضب) تزامن بنجاح مع الاصوات التونسية الواصلة الى المشاهد التونسي.. هنالك ايضا نجاح وتحسن في مستوى اختيار الكلمة المناسبة للوضعية المناسبة للموقف وللتكشيرة كما ان الدبلجة لم تكن ترجمة حرفية للسيناريو التركي بل ادخلت عليها بعض البهارات التونسية مما يتداوله الشباب من مصطلحات جديدة فمع الدبلجة كان هنالك اقتباس وارتجال ظهر خاصة في كلام شقيق ابن عمة البطلة زينب عندما قال (اشبيني تقولش عليّ وليد النهدي الي هذا يسبني ويتعدى) جملة شاخ عليها شباب الفايسبوك. وهذا يعني ان دبلجة مسلسل «حبك درباني» أحسن واقرب إلى ذوق المشاهد التونسي وأكثر حذقا وصنعة من المسلسلات الثلاثة التي دبلجتها «نسمة» وهي على التوالي» قلوب الرمان» و«بين نارين» و«قطوسة الرماد» ويعني ذلك نجاح اغلب الممثلين التونسيين في التمثيل والدبلجة لا فقط إيمان الصرار التي تؤدي دور زينب أو أمين بليش الذي يؤدي دور فاتح.