من بين اثنين وعشرين طفلا تونسيا، تتحفّظ عليهم قوات الردع الخاصّة الليبية منذ أشهر بسجن معيتيقة بطرابلس، عاد منذ يومين الطفل تميم الجندوبي ذو الثلاث سنوات إلى تونس والي حضن عائلة والدته وقد تسلّمه أول أمس جدّه للأم فوزي الطرابلسي بمقّر قوات الردع الخاصّة بسجن معتيقة بليبيا بحضور القنصل العام التونسيبطرابلس الليبية ومدير القنصلية التونسية ونائب مدير إدارة الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية بعد أن قبلت قوات الردع الخاصّة تسليمه. وذكرت قوات الردع الخاصّة في بيان لها أن «عملية التسليم تمت وفق الإجراءات القانونية وذلك بأمر من مكتب النائب العام وتم تسليمه إلى جده فوزي الطرابلسي بحضور وفد من الحكومة التونسية..»، وتم التعجيل بتسليم الطفل تميم الجندوبي لدواع إنسانية باعتباره يتيم الأب والأم اللذين تمت تصفيتهما في الغارة الأمريكية على وكر للدواعش التونسيين بقصر العلالقة بمدينة صبراطة الليبية في فيفري 2016. وتسلّمت قوات الردع الخاصّة الليبية بعد هذه الغارة الأمريكية عددا من النساء صحبة أبنائهن وهم في أغلبهم يمثلون عائلات المقاتلين التونسيين في ليبيا والذين كانوا يقاتلون مع «داعش ليبيا» وقد حاولت السلطات الليبية الإحاطة بهؤلاء الأطفال خاصّة نفسيا بالنظر لقسوة التجربة التي مرّوا بها في معسكر «الدواعش» أو بعد عملية القصف، حيث كان أغلب الأطفال يعانون من اضطرابات سلوكية واضحة ومن تشنّجات عصبية ومن العدوانية المفرطة،أو نوبات البكاء الحادّة والمتكّررة والارهاق واضطرابات النوم، وحالة الاكتئاب المنتشرة بين الأطفال وبعد ضغط من عائلات هؤلاء الأطفال والمنظمات الحقوقية والاعلام، توصلت السلطات التونسية مع الأطراف الليبية المعنية بهذا الملف الى عقد اتفاق يقضي بتسليم الأطفال وامهاتهم الى الجهات الرسمية التونسية وعائلات هؤلاء الأطفال وفق تصريح حصري أدلى به الناطق باسم قوات الردع الخاصّة الليبية أحمد بن سالم ل«الصباح». التسليم في غضون أيام المتحدث الرسمي باسم قوات الردع الخاصّة التي تشرف على سجن معيتيقة أحمد بن سالم وفي تصريح خصّ به «الصباح» أكّد أنه تم الاتفاق مع الجهات الرسمية التونسية لتسليم التونسيات السجينات بسجن معتيقة وبينهنّ غفران ورحمة الشيخاوي ووحيدة الرابحي وكذلك تم الاتفاق على تسليم الأطفال التونسيين بالسجن وهم اليوم 21 طفلا بعد تسليم تميم الجندوبي ابن الإرهابي وجدي الجندوبي وابن سماح الطرابلسي اللذين لقيا حتفهما في غارة مصراطة وأغلب هؤلاء الأطفال تمت تصفية آبائهم أو أمهاتهم مع «دواعش» ليبيا أو تم الزجّ بهم في السجون. وفي تصريح سابق ل»الصباح» أحمد بن سالم أكّد أنه «تم إيداع عدد من النساء والأطفال بعد الغارة الأمريكية على تنظيم «داعش» في مصراطة «مضيفا أنه «ليس هناك تعاون مطلق من الجهات التونسية في هذه القضية الإنسانية فهناك اليوم 14 امرأة و22 طفلا بسجن معيتيقة» وحول ما اذا كانت تونس وضعت شروطا لتسلم هؤلاء الأطفال بمعنى ان تتسلّمهم دون الأمهات المورّطات مع تنظيم «داعش» الارهابي في مصراطة وفي غيرها من المناطق، قال الناطق باسم قوات الردع الخاصّة «نحن جهة تنفيذية نتبع وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني ونحن سنسلّم هؤلاء الأطفال والنساء الذين في عهدتنا متى تم الاتفاق على تسليمهم مع الحكومة الليبية.» وحسب ما تيسّر لنا من معلومات فان هناك اتفاقا مبدئيا اليوم مع السلطات التونسية من خلال القنصل العام التونسي في طرابلس والجهات الليبية ممثلّة في النائب العام الليبي لتسليم تونس التونسيات السجينات وعددهن في حدود 14 امرأة وتسلّم أيضا 21 طفلا من سجن معيتيقة وأن عملية التسليم ستكون في غضون الأيام القادمة وقبل نهاية الشهر الجاري. وقد أكّدت وزارة الشؤون الخارجية في بلاغ لها بعد تسلّم الطفل تميم الجندوبي انها ستواصل جهودها بالتعاون مع السلطات الليبية المختصة للنظر في وضعيات باقي الأطفال التونسيين المتواجدين بمدينتي طرابلس ومصراطة. وسيتم خلال الأيام القادمة بالتنسيق مع السلطات القضائية الليبية، إيفاد فريق من المختصين للتثبت من هويات هؤلاء الأطفال، واستكمال إجراءات إعادتهم إلى تونس. العائلات تنتظر ومن بين الأطفال الذين تنتظر عائلاتهم في تونس تسلّمهم على أحر من الجمر نجد الطفل براء ابن السجينة بسجن معيتيقة وحيدة الرابحي التي قُتل زوجها في ليبيا وهو يقاتل صلب تنظيم «داعش» ومن المنتظر أن تتسلّمها تونس لتمثل أمام القضاء مع ابنها،وقد أكّد خال براء المنصف العبيدي، في اتصال هاتفي معه أنه سعيد بالإفراج عن الطفل تميم وينتظر عودة ابن اخته براء وأن العائلة ليس لديها مشكلة أن تمثل ابنتهم أمام القضاء التونسي وأن تدافع عن براءتها من تهمة الارهاب التي لصقت بها أمام المجتمع، وانه واثق من براءة شقيقته «التي غُرّر بها»، على حدّ تعبيره. ويقبع اليوم براء بالسجن بعد أن مرّ بمحنة حقيقية حيث وُجد مصابا برصاصة في البطن واستغرقت رحلة علاجه حوالي أربعة أشهر، وطوال هذه الفترة، كانت والدته تعتقد أنه قُتل.