اهتزت كافة جهات الجمهورية على وقع الحادثة التي جدت الأحد الماضي وتمثلت في اصطدام خافرة بحرية بأحد المراكب التي كان على متنها ما يفوق ال 90 «حارقا» لتسفر عن وفاة قرابة 8 أشخاص كانوا بمعية آخرين على متن المركب مجهول الهوية. وحول آخر المستجدات حول الحادثة أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني بلحسن الوسلاتي في اتصال مع «الصباح» أفادنا أن فرق الإنقاذ لا تزال تمشط المنطقة التي جد فيها اصطدام الخافرة بالمركب سواء من تونس أو من دول أخرى، فضلا على أنه تمت الاستعانة بفرق لغواصين أوكلت إليهم مهمة القيام بعمليات الغوص باستعمال باخرة مختصة في الغرض من اجل البحث عن المفقودين ولا زالوا بصدد البحث دون أن يسجل أي مستجد عدا الجثث الثمانية التي تم انتشالها في وقت سابق.. إلى ذلك يشار في ذات السياق أنه تم مساء أول أمس تسليم ثمانية جثث لضحايا الحادثة إلى أهاليهم بعد أن تم التعرف على هوياتهم. في نفس السياق كان أحد الناجين من الحادثة الذي حالفه الحظ في العودة من جديد إلى الحياة وهو أصيل سبالة أولاد عسكر بسيدي بوزيد افاد في تصريحات اعلامية بأنه كان ضمن مجموعة من الشباب الذين قرروا اجتياز الحدود خلسة في اتجاه ايطاليا بسبب سوء وضعياتهم الاجتماعية حيث كانوا يرغبون في البحث عن مواطن شغل لتوفير قوتهم وقوت عائلاتهم بعد أن كلوا وملوا الوضع الذي يحيونه. وأوضح الناجي من المركب أن الخافرة التابعة للجيش الوطني التحقت بهم قبل وصولهم إلى ايطاليا بحوالي سبع ساعات وقامت بمطاردتهم لمدة ساعتين ثم قامت بالاعتداء عليهم بالماء من أجل شل حركتهم. وأشار أيضا إلى أن المركب بدأ بالغرق قبل دخولهم إلى المياه الإقليمية الإيطالية بقليل مؤكدا أن الخافرة قامت بإغراقهم آنذاك ما تسبب في وفاة 8 أشخاص وخروج 38 ناجي والبقية لم يقع انتشال جثثهم إلى حد اللحظة من مجموعة متكونة من 100 شخص بحسب ما أوضحه. وفي اتصال «الصباح» مع الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع واستفساره حول هذه الاتهامات افادنا ان القضاء العسكري هو المتعهد بالملف ولا يمكنه الاجابة عن هذه النقطة. إلى ذلك كان ل»الصباح» اتصال بوالد أحد المفقودين من بئر الحفي رمزي الفريضي ويدعى حوسين وصرح أنه تلقى اتصالا هاتفيا من ابنه المفقود الاثنين قبل الماضي يبلغه من خلاله عن نيته الهجرة إلى القطر الايطالي بمعية عدد من أبناء جهته وأنه تمكن للغرض من توفير المال كما أنهم سيبيتون بمدينة قرقنة في منزل تم تسوغه وان رحلتهم ستكون أواخر الأسبوع طالبا منه العفو والسماح. وأضاف الوالد حوسين أن الاتصال بابنه انقطع منذ يوم الجمعة (قبل حصول الكارثة بيومين) حيث أن «الحراق» قام بافتكاك جميع الهواتف وأغلقهم لقطع أي اتصال بكامل المجموعة إلا أن أحد أقربائهم ممن كان رفقة ابنه تمكن من الاتصال بعائلته ليلة السبت وأعلمهم أنهم سينطلقون ليلتها أو على أقصى تقدير يوم الأحد. ويواصل الوالد المكتوي بنار الفراق سرد ما حصل حيث أفاد أنه تلقى يوم الاثنين الماضي اتصالا في حدود الواحد ظهرا من أحد أصهاره يعلمه عن الكارثة التي حلت وبان المركب الذي كان على متنه ابنه اصطدم بخافرة للجيش الوطني وأنه بحسب المعلومات المتوفرة هناك موتى ومفقودين وعلى الفور توجه إلى مدينة صفاقس لاستطلاع الأمر وفي الأثناء كان يمني النفس بان ابنه لن يكون ضمن قائمة الموتى وسيجده حيا. وبوصوله مستشفى صفاقس وبالاطلاع على قائمة الجثث تبين أن ابنه لم يكن ضمنها ما بعث في نفسه الأمل من جديد ورغم مرور أكثر من خمسة أيام على الحادثة إلى أنه إلى حد الآن لم تبلغهم أي معلومة مؤكدة عنه ما جعله يفقد الامل، ليطالب في الأخير السلطات التونسية بالتدخل العاجل والكشف عن ملابسات الحادثة خاصة في ظل تداول عديد المعطيات التي تشير بأن الخافرة قامت بإغراقهم متسائلا عن الذنب الذي اقترفوه كي يتم التعامل معهم بهذه الطريقة أي «الموت». المطالبة بفتح تحقيق جدي.. وبالتزامن مع الحادثة التي خلفت اللوعة والأسى في صفوف التونسيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عموم المواطنين وكافة مكونات المجتمع المدني والسياسي لوقفة تضامنية مع عائلات الضحايا والمفقودين في الفاجعة البحرية التي جدت مساء الأحد والتي من المنتظر أن يقع تنظيمها اليوم الخميس انطلاقا الساعة الخامسة مساء أمام المسرح البلدي بالعاصمة. وفي هذا الإطار كان ل»الصباح» اتصال بمسعود بن رمضان رئيس المنتدى الاقتصادي والاجتماعي الذي وصف ما حصل بالحادثة المؤلمة معربا عن استغرابه الشديد من طريقة تعامل السلطة مع الفاجعة التي حصلت والتي مر عليها قرابة 5 أيام دون أن تحرك ساكنا. وأفاد مسعود بن رمضان في ذات السياق أن موجات الهجرة غير الشرعية لم يقع التعامل معها في وقت سابق بشكل جدي كما لم يقع اعتبارها من المسائل الهامة التي وجب ايلاؤها الأهمية اللازمة والسعي لإيجاد حلول لها. وقد سبق وأن أشرنا إلى ارتفاع موجات الهجرة غير الشرعية لشباب متبرم ويائس فالتجأ إلى عدة حلول من بينها الاحتجاج والانتحار وكذلك «الحرقة» نتيجة ما يشعر به من يأس واحباط وهو ما أثبتته عديد التقارير التي انجزها المرصد الاجتماعي التابع للمنتدى والتي لم تحظ بالاهتمام اللازم ولم يتم التعامل معها بالشكل المطلوب. وأكد بن رمضان في الأخير على أنه من حق عائلات الضحايا والمفقودين وكذلك المواطن التونسي بشكل عام معرفة ملابسات القضية مشيرا إلى أنه في صورة ثبوت وجود أي تجاوز وجب محاسبة مقترفه داعيا إلى فتح تحقيق جدي يفضي إلى شيء ملموس ويشفي غليل كل العائلات والأهالي