اسدل الستار صباح امس السبت على اشغال الندوة العلمية الدولية عن "المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي: دراسة حالات" التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس ايام 12 و13 و14 أكتوبر الجاري وقد خصصت جلسات يومها الأخير لموضوع الجندر والفعل في الشأن العام . وقد حاضرت في هذا المحور، الباحثة التونسية منية الرقيق استاذة علم الاجتماع والمشرفة على مجموعة البحث حول "الدراسات النسائية"، واكدت على تحول المرأة التونسية من كائن تابع ونتاج آلي للحتميات الاجتماعية المختلفة بما في ذلك الاستهلاك الجنسي الى كائن مبدع لمصيره وواع بذاته عبر مختلف اشكال الفعل الجماعي المتفرد ضمن سياقات صنع الفاعل الاجتماعي وبلورة مشروع تحرر الذات لدى المرأة التونسية. ومن خلال الاستماع الى حكاية بناء التحرر الذاتي للمرأة التونسية لاحظت منية الرقيق اننا بصدد مرحلة قلب القيم الازدواجية السائدة لتضعنا امام استراتيجية للفعل ثنائية الابعاد، العمل على تغيير القوانين والسياسة والافكار السائدة والعمل على تغيير العلاقة مع الذات وإعادة بنائها من ناحية ثانية ليصبح الانتقال الديمقراطي بعد ان ارتبط بمسالة الدفاع عن حقوق المرأة بنضالها من اجل الحرية والاستقلال، لا نلمس فيه وعيا كافيا بالمسالة لا تتعلق بإثبات وجود الفاعل النسائي بل بتحريره ضمن تحرير المجتمع، وهنا تطرح كل المسؤولية على الطبقة السياسية الحاكمة بشقيها الديني والليبرالي التي لا تعترف بحقوق كاملة للمرأة ككائن انساني بالدرجة الأولى ضمن الفردية الكونية. وبالتالي كل فكر يدافع عن تحرر المرأة ينخرط بالضرورة في مسار التغيير الديمقراطي الذي لا يمكن تحقيقه الا عبر مزيد ارتفاع نسبة الديمقراطية في المجتمع التونسي عموما اذ تقاس نسبة حرية المجتمعات بنسبة حرية المرأة. قضية الإجهاض مظهر من مظاهر التحول الديمقراطي في المغرب ورات الأستاذة حدي الحرشاني في مداخلتها عن التمكين السياسي للمرأة التونسية ان التطورات الهامة في الوعي والفعل الإنساني بما يلائم المدنية والتحضر بتونس لم تمنع من مشاهدة سيادة الاقصاء والتهميش في التعامل مع المرأة التي مازالت عاجزة عن المشاركة السياسية فعليا وفق ما تنص عليه التشريعات الوطنية والدولية ويعتبر هذا من ابرز التحديات الراهنة التي تواجه الجهود الرامية لتحسين واقع المرأة في مجتمعنا. واشارت الأستاذة حدي الى ان التمكين السياسي للمرأة يساعد على نجاح الدولة في تحقيق التقدم المرجو وقالت: «أظهرت متابعتنا الميدانية للواقع السياسي بتونس بان المرأة تواجه عدة معوقات ورغم تضاؤلها في فترة ما بعد 2011 الا انها لم تزول ورغم ان المرأة في تونس اليوم كما هو الحال في كثير من الدول العربية اصبح لها الحق في الانتخاب والترشح للانتخابات والمجهودات المبذولة من لدن مؤسسات المجتمع المدني المختلفة بهدف الإصلاح وترسيخ مبدأ الديمقراطية، مازالت تواجه عديد التحديات والمعوقات التي من شانها الحد من التمكين السياسي للمرأة». وحاضرت الباحثة المغربية سلمى بن سعيد في موضوع الحرية الجنسية للمرأة المغربية بين الحق في المساواة والالتزام بالقيم المجتمعية ولاحظت ان المرأة المغربية ناضلت وتحصلت على بعض المكتسبات وشكلت بذلك خطوة اعتبرتها جبارة في تاريخ انهاء النزاع في موضوع المساواة بين الجنسين.. غير ان هذه المساواة اقتضت تعديلات وتغييرات لذهنية الميز التي تفسد العلاقة بين الجنسين وهذه المعركة القانونية استدعت معركة موازية في عمق المجتمع تشمل التعليم والاعلام والشارع والتمثلات والمتخيل الجماعي . وقالت: « ولعل هذا ما تمثل مؤخرا في النقاش المجتمعي المحتدم الذي شهده المغرب سنة 2015 فيما يخص قضية الإجهاض التي تعد مظهرا من مظاهر التحول الديمقراطي الذي يعيشه المجتمع المغربي والذي لازال يتأرجح بين القيم التقليدية والحداثية ويبحث عن نفسه. بروز صورة ذهنية محايدة وتتجه قليلا نحو الايجاب في الاردن وتناول الباحث بشار عبد الرحمان من اليمن دور مواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل الصورة الذهنية للمرأة الأردنية العاملة بمنظمات المجتمع المدني لدى النخبة الاكاديمية وطرح أسئلة درجة الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للحصول على المعلومات المتعلقة بأنشطة منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة والتأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية الناجمة جراء ذلك وحاول القاء الضوء على المعوقات الاجتماعية والثقافية التي تحول دون وصول المرأة الأردنية لمراكز قيادية في اطار العمل المدني غير الحكومي المرتبط بقضايا المرأة من وجهة نظر المستجوبين في الدراسة الميدانية التي انطلق منها العمل. ولاحظ بشار عبد الرحمان بروز صورة ذهنية محايدة وتتجه قليلا نحو الايجاب عن منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة لدى النخبة الاكاديمية الأردنية وقال : «رأى المستجوبون ان أنشطتها مستقلة وانها جادة في معالجة قضايا المرأة ثم انها تقوم بإصلاحات مهمة في المجتمع واداؤها حقيقي وفي المقابل وجدت ان الصورة الذهنية لدى المبحوثين عن المرأة العاملة بها سلبية حيث رأوا انها امرأة فاشلة ، وغير مستوعبة لطبيعة النشاط المدني وغير مؤهلة علميا وضعيفة الأفق وخبراتها وحضورها ضعيف فضلا عن انها شخصية عادية وغير مؤثرة وهنا نشير الى ان النخبة الاكاديمية ثقتها ضعيفة في أداء المرأة وغير مؤهلة لان تكون قيادية على راس العمل المدني.