ثمانية أشهر مرت على ما عرفت بحادثة «لغز» قنطرة الملاّسين.. مرت تلك الفترة دون أن تفكّ «شيفرة» هذا اللغز المحيّر، ثمانية جثث لرضّع تقبع الى حد اليوم بغرفة الاموات بمستشفى شارل نيكول تنتظر كشف اللغز وإذنا بالدفن. «يا قاتل الروح وين تروح» مثل شعبي انطبق على الايادي الخفية التي ازهقت ارواح الابرياء قبل ان ترى اعينهم النور.. جثة جنين في «سطل» وضعه شخص قدم على متن سيارته السوداء الفاخرة وضع «السطل» في ركن بجهة باب سعدون ثم غادر مطمئن البال ظنا منه أنه لم يره احد.. ولكن من سوء حظه ان «عين كاميرا» كانت مثبتة في «النهج» التقطته وهو يفعل فعلته وقادت الصور التي التقطها رجال الامن الى الكشف عن هويته ليتضح أن من وضع «السطل» طبيب ادى القسم على ان يخلص لمهنته ولكنه لم يفعل. طبيب اول للصحة العمومية بقسم الولادات بمستشفى عزيزة عثمانة في الخمسين من عمره هو من وضع جثتي مولودين حديثي الولادة في سطل بعد محاصرته بالادلة وصور الكاميرا لم يجد سبيلا للانكار وخرّ معترفا بانه يمارس نشاطه المشبوه منذ ما يزيد عن سنة حريفاته طالبات جامعيات حملن سفاحا وقررن إجهاض الاجنة الذين تجاوزوا الوقت القانوني للإجهاض اي الذين اعمارهم تجاوزت ثلاثة أشهر بمقابل مالي يتم تحديده حسب عمر الجنين ولا يكتفي الطبيب بالإجهاض وإنما التخلص من الجنين من مهامه أيضا. ووفق ما كشفته الابحاث فإن الطبيب اعترف بانه ليس هو فقط من يقوم بهذه «الفضاعات» وهناك اطباء «يتمعّشون» من اجهاض الفتيات الحوامل سفاحا الهاربات من «الفضيحة». عملية الإجهاض وفق ما كشفته التحريات الأولية تتم بمنزل بحي الخضراء ومنازل اخرى يتم تسوغها من قبل الفتيات ثم يتم التخلص لاحقا من الجنين واما المعدات الطبية التي تتم بها عملية «قتل» الجنين فقد وقع حجزها في سيارة المشتبه به. «الصباح» كان لها اتصال بالناطق الرسمي باسم محكمة تونس 2 معز بن سالم الذي أفادنا أن التحقيقات جارية حول الجثث الثمانية التي عثر عليها منذ شهر مارس الفارط بقنطرة الملاسين. وتعهد بها احد قضاة التحقيق بمحكمة تونس 2 في حين تعهدت المحكمة الابتدائية تونس 1 بقضية الجنينين اللذين تم العثور عليهما بباب سعدون بالعاصمة باعتبارها مرجع النظر مشيرا الى أن التحقيقات سوف تتم مع الطبيب المشتبه به من قبل محكمة تونس 2 حول المواليد الذين عثر عليهم تحت قنطرة الملاّسين، كما انه تم العثور على أجنّة بجهة المنار. وسوف تكشف التحقيقات اذا ما كان هو من يقف وراء «لغز قنطرة الملاسين» ام ان هناك اياد اخرى تقف وراء «اللغز». وقد كشفت الابحاث ان من بين الفتيات طالبات يدرسن بالعاصمة والساحل. وأفادنا معز بن سالم أنه من خلال المكالمات التي اجراها الطبيب المذكور مع الفتيات والنساء اللواتي ساعدهن على الإجهاض سوف يتم تحديد هوياتهن وتتبعهن قضائيا باعتبارهن يتحملن المسؤولية الجزائية. ووفق معز بن سالم فإن الفصل تتبع الطبيب والمشتبه بهن سيتم وفق الفصل 214 من القانون الجزائي وتصل عقوبة الطبيب الى 5 أعوام سجنا و10 آلاف دينار خطية مالية عن كل عملية إجهاض في حين تصل عقوبة كل واحد من النساء اللواتي أجهضن حملهن الى سنتين سجنا والف دينار خطية مالية. وينص الفصل 214 (نقح بالقانون عدد 24 لسنة 1965 المؤرخ في غرة جويلية 1965 وبالمرسوم عدد 2 لسنة 1973 المؤرخ في 26 سبتمبر 1973 المصادق عليه بالقانون عدد 53 لسنة 1973 المؤرخ في 19 نوفمبر 1973) على أن كل من تولى أو حاول أن يتولى إسقاط حمل ظاهر أو محتمل بواسطة أطعمة أو مشروبات أو أدوية أو أية وسيلة أخرى سواء كان ذلك برضاء الحامل أو دونه يعاقب بخمسة أعوام سجنا وبخطية قدرها عشرة آلاف دينار أو بإحدى العقوبتين. وتعاقب بعامين سجنا وبخطية قدرها ألفا دينار أو بإحدى العقوبتين المرأة التي أسقطت حملها أو حاولت ذلك أو رضيت باستعمال ما أشير به عليها أو وقع مدها به لهذا الغرض. يرخص في إبطال الحمل خلال الثلاثة أشهر الأولى منه من طرف طبيب مباشر لمهنته بصفة قانونية في مؤسسة استشفائية أو صحية أو في مصحة مرخص فيها. كما يرخص فيه بعد الثلاثة أشهر إن خشي من مواصلة الحمل أن تتسبب في انهيار صحة الأم أو توازنها العصبي أو كان يتوقع أن يصاب الوليد بمرض أو آفة خطيرة وفي هذه الحالة يجب أن يتم ذلك في مؤسسة مرخص فيها. إن إبطال الحمل المشار إليه بالفقرة السابقة يجب إجراؤه بعد الاستظهار لدى الطبيب الذي سيتولى ذلك بتقرير من الطبيب الذي يباشر المعالجة.