بعد الإعلان الرسمي خلال الأسبوع المنقضي عن تفاصيل الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية ومن بينها الميزانية والتي قدّرت ب3 مليون دينار على عكس ما تتداوله كواليس المهرجان بأن ما رصد ل»جي.سي.سي» أكثر ما أعلن عنه بكثير (خاصة وأنه تم مضاعفة الجوائز المالية المسندة)، لفت انتباهنا الغياب الواضح للمستشهرين الخواص وسيطرة عدد من المؤسسات العمومية على أفيش الدعم ! ولعّل حضور «النائب الفنان» علي بنور في الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية وكما قال عنه مدير «الجي.سي.سي 2017» نجيب عياد، وجوده في الهيئة لأجل دعم الميزانية عكس - منطقيا- الحضور المسيطر للمستشهر العمومي في الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية. من الواضح كذلك أن نجيب عياد يهدف للعودة للثوابت الفنية ودعم السينما الإفريقية العربية البديلة والجادة لكن هل هذا يمنع من استغلال أساليب التسويق الحديثة لدفع المهرجان نحو مزيد من الإشعاع من خلال استضافة «نجوم» والاهتمام - ولو قليلا - ببهرج السجاد الأحمر ممّا يمنح المستشهرين الخواص الرغبة في دعم المهرجان والترفيع من ميزانيته التي وللأسف غير قادرة على إعادة أيام قرطاج السينمائية لمصاف المهرجانات الدولية الكبرى حتى لو جذبنا أهم السينمائيين افريقيا وعربيا (مخرجين – منتجين – كتاب). ولئن كنا من مساندي نجيب عياد في خياره الاحتفاء بصناع السينمائيين الحقيقيين إلا أن هذا الاحتفاء لن يعرف طريقه للواجهة دون جمالية الإطار وبهرجه المتمثل في الاستثمار الخاص وعلاقته بمسألة استضافة نجوم الفن والسينما. وبالتالي الاهتمام الدقيق بهذا الجانب لن يوقعنا في أخطاء الدورة السابقة – إذ كانت الهيئة الجديدة تخشى هذا الفخ - وسيحقق المطلوب على مستوى تسويق المهرجان دوليا. أمّا عن مسألة الأفلام المبرمجة والاهتمام أكثر بقيمتها الفنية فحقيقة لا نعتقد أن برمجة 2017 قد أحدثت طفرة في خيارات «الجي.سي.سي» فما يحسب لمهرجان قرطاج الدولي في أغلب دوراته هو المستوى الجيد من الأفلام، الذي كان وراء حفاظه على جمهوره الداعم الأبرز لنجاح هذا العرس الفني في بلادنا طيلة عقود.