أثار موضوع زواج القاصرات في تونس «ضجة» وجلب انتباه الرأي العام خلال شهر ديسمبر2016 من خلال الحادثة «الشهيرة» ل»بنت 13» الطفلة «الكافيّة « التي تم الاذن بتزويجها من شاب عشريني اغتصبها فحملت منه وتم التفطن الى حملها وهي في الشهر الثالث فكان القرار القضائي «جريئا» وقضى بتزويجها من مغتصبها مما اثار ردود أفعال عديدة ومختلفة وصلت الى حد شن حملات معارضة وغيرها من منظمات حقوقية ومكونات المجتمع المدني وكانت هذه الحادثة سببا في الترفيع في سن الأهلية الجنسية أو ما يعبر عنه ب «سن الرشد الجنسي» الى 16 سنة من خلال مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة سيما وان عملية تزويج القاصرات في ارتفاع متواصل مما جعل الأمر يتحول الى ظاهرة في مجتمعنا. فقد تحول تزويج القاصرات الى ظاهرة خاصة في الأرياف ومنها ريف ولاية المهدية وفي هذا السياق ذكر جابر الغنيمي المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالمهدية ل»الصباح» أن محكمة المهدية أذنت ل104 قاصرات بالزواج خلال السنة الحالية(اي التسعة اشهر الاولى من سنة 2017) مقابل 124 سنة 2016 و182 إذن سنة 2015، وأضاف ان ظاهرة تزويج القاصرات في تراجع من سنة الى أخرى لوجود عديد العوامل التي ساهمت في ذلك منها مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال الصائفة القادمة والذي منع تزويج القاصر التي يقل سنها عن 16 عاما من مغتصبها حتى وان كان ذلك برضاها فحتى وان تمت مواقعة الأنثى برضاها وهي قاصر وعبّر الفاعل عن رغبته في الزواج بها فانه يعاقب ولا يصبح ذلك سببا من أسباب انتفاء المسؤولية او ايقاف التتبعات كما ان التوعية والتّحسيس بسلبيات هذه الظاهرة ساهمت في الحد منها نسبيا. مبررات الأذون وأكد الغنيمي ان الحالات التي تأذن فيهم المحكمة بتزويج القاصر هي في صورة الاعتداء الجنسي المتمثل في مواقعة أنثى قاصر برضاها سنها دون 18 سنة والزواج في هذه الحالة يقتضى اذنا باعتبار ان القانون الاساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة مازال لم يدخل حيز التنفيذ بعد مما يستوجب في هذه الحالة اعطاء الاذون بالزواج من قبل المحكمة كما ان زواج المجني عليها بالجاني يوقف التتبعات ضده، ويتم اعطاء الاذن بزواج القاصر كذلك مراعاة للحالة الواقعية والاجتماعية للفتاة التي تعرضت للاعتداء وخاصة في الأرياف باعتبار ان الأمر يعتبر «خطيئة» و»فضيحة « خاصة ان خبر الاعتداء ينتشر لدى متساكني المناطق الريفية والقرى ويصبح زواج الفتاة صعبا فيخيّر أهلها تزويجها من الشخص الذي اعتدى عليها. اما الحالة الثالثة التي يتم فيها تزويج القاصر عندما تكون هذه الأخيرة ناضجة و»بالغة» عقليا وجسمانيا وقابلة وقادرة على تحمل المسؤولية وأعباء العائلة وخاصة اذا ما كانت هناك رغبة منها ورغبة من الطرف الثاني في الزواج ونحن نأذن بالزواج في هذه الحالات لأننا نخشى خاصة من جريمة «الفرار بقاصر»باعتبار انه اذا لم تتم الموافقة على زواجها فان الفتاة تهرب بمعية الشاب الذي ترغب في الارتباط به وهذه الظاهرة تنتشر في الأرياف حيث هناك العديد من الفتيات القاصرات الذين هربن قصد الزواج لذلك نأذن في هذه الحالة بتزويج القاصر لمعالجة ظاهرة معينة وهي فرار القصر. أسباب رفض الأذون أما الحالات التي يقع فيها رفض الاذن بالزواج فهي اذا كان الفتاة سنها صغير جدا وغير قادرة جسمانيا على تحمل المسؤولية فأحيانا تكون هناك فتيات سنهن 17 سنة لكنهن جسمانيا غير قادرات على الزواج والانجاب وكذلك اذا كان الولي موافقا على الزواج لكن الفتاة وهي المعنية بالأمر رافضة ففي هذه الحالة لا يتم الاذن بتزويجها فهناك العديد من الحالات لأولياء يرغبن في تزويج بناتهن القصر في الأرياف نظرا لحالات الفقر والخصاصة لذلك يرغبن في التخلص من عبئهن بتزويجهن وفي هذه الحالة يتم رفض مطلب الزواج المقدم من الولي باعتبار أن الفتاة المعنية بالأمر رافضة لمبدأ الزواج. نسب مرتفعة بالأرياف وأشار الغنيمي الى أن ظاهرة تزويج القصر منتشرة في الريف أكثر من المدينة فأكثر الحالات التي ترد على المحكمة للأذون بالزواج هناك تقريبا 95 بالمائة منها من الأرياف فحالات زيجات القصر في المدينة قليلة جدا باعتبار انه يمكن معالجتها نظرا لاختلاف البيئة خاصة وانه في الريف يمكن ان يتحول الأمر الى ارتكاب جرائم شرف. الجانب القانوني.. وللإشارة فان شروط وإجراءات زواج البنت القاصرة جاءت بالفصل 5 جديد من مجلة الأحوال الشخصية والذي ينص على أن يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ منهما 18 سنة كاملة لا يمكنه أن يبرم عقد زواج دون السن المقرر ويتوقف ذلك على إذن خاص من رئيس المحكمة الابتدائية ويقع الحصول على هذا الإذن بمقتضى عريضة تقدم لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة من قبل ولي البنت القاصر والأم تتضمن موافقتهما على زواجها. فزواج البنت القاصر التي لم تبلغ سن الثامنة عشرة كاملة يتوقف على موافقة الولي والأم وإذن خاص من رئيس المحكمة الابتدائية ولا يعطى الإذن المذكور إلاّ لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزوجين وإذا امتنع الولي والأم عن الموافقة وتمسكت القاصر برغبتها في الزواج رفع الأمر إلى رئيس المحكمة الابتدائية المختصة للنظر والإذن بالزواج لا يقبل الطعن بأية وسيلة من وسائل الطعن القانونية عملا بالفصل 6 من مجلة الأحوال الشخصية أّما الفتاة التي سنّها دون 13 سنة كاملة فهي تعتبر عديمة التمييز ولا يمكنها الزواج مطلقا لأنّها لا تبرم العقود والالتزامات وتعتبر تصرفاتها باطلة عملا بالفصل 156 من مجلة الأحوال الشخصية. كما جاء بالفصل 6 من مجلة الأحوال الشخصية انه إن امتنع الولي أوالأم عن الموافقة على الزواج وتمسك القاصر برغبته لزم رفع الأمر إلى قاضي التقاديم بعد تقديم إذن لرئيس المحكمة يخص مطلب الزواج قبل السن القانونية لفئة عمرية محددة بين 15 سنة وأقل من 18 سنة (الفتاة) وفي هذه الحالة للقاضي سديد النظر بعد الاستماع لكل الأطراف وتقدير المصلحة التي ستحصل إذا ما أعطى الإذن لإبرام عقد الزواج أو الامتناع ومطالبة المعنيين بضرورة انتظار بلوغ السن القانونية ومع صدور قانون 26 جويلية 2010 تم توحيد سن الرشد لكلا المترشحين للزواج ب 18 سنة عندها أصبحت أغلب المطالب المرفوعة للمحكمة من طرف الأولياء الراغبين في إتمام عقد قران ذويهم وخاصة البنت التي لم تبلغ سن 18 سنة وذلك لعدة أسباب من أهمها العامل الاجتماعي كأن تكون البنت يتيمة أو لإتمام إجراءات إعداد ملف التحاقها بزوج المستقبل بالمهجر وتقريب الأزواج أو لتقدم أحد ميسوري الحال وحرص عائلة الفتاة على الإسراع بارتباطها به.