يتولى المنتج نجيب عياد إدارة أيام قرطاج السينمائية خلال دورتيها 28 و29 وقد كشفت الندوة الصحفية عن برمجة تدعو للحفاظ على خصوصيات المهرجان وأسس البدايات ولعّل معرفة نجيب عياد العميقة بكل تفاصيل «الأيام» وتاريخها منذ سبعينات القرن الماضي عكست خيارات تناصر الروح النضالية للسينما كما وصفها ضيف «الصباح الأسبوعي» في هذا الحوار. نجيب عياد حدثنا عن تصوره وتشبثه بالمقاييس الجمالية والجودة التقنية والنفس النضالي في الكتابة السينمائية للأعمال المبرمجة وهي مقاييس التزمت بها اللجنة المستقلة لاختيار الأفلام حسب قوله. كما حدد مدير أيام قرطاج السينمائية، أولوياته وأهمها دعم الفيلم العربي الإفريقي وخلق تواصل بين صناع هذه السينما، منتقدا في حواره معنا مسألة الاستعراض في المهرجانات وأشار الى اهمية دعم شباب السينما والترفيع في قيمة الجوائز التي بدورها سترفع من قيمة التانيت وغيرها من القضايا الفنية في الحديث التالي : ● بداية لماذا وافقت الآن على تولي إدارة أيام قرطاج السينمائية رغم أن المهمة سبق عرضها عليك أكثر من مرة؟ - لم أقبل سابقا لأنه في الحقيقة أغلب العروض تقترح علي قبل انطلاق المهرجان بفترة قليلة وهذا يمنعني من اعداد تصورات كما يجب ولم أشعر كذلك أني قادر على الإضافة في ذاك الوقت.. أمّا موافقتي على إدارة الدورة 28 فيعود لشعوري بان المهرجان بدأ ينساق في اتجاه بعيد عن أسسه.. صحيح أنه أصبح أكبر على مستوى الحجم لكن هناك انحراف عن التصورات العامّة والأهداف. كما أني – وبحكم السن- عشت مع المهرجان منذ بداية السبعينات وأعرف بداياته وفترة ازدهاره كما مراحل تراجعه، أعتقد أني مدرك أكثر من غيري لكيفية إدارته في المرحلة الراهنة. ● وهل شجعك هامش الحرية الذي أصبح قائما في السنوات الأخيرة، على قبول المهمة؟ - شخصيا لا أعتبر هامش الحرية المتوفر في الراهن له تأثير على أيام قرطاج السينمائية طيلة تاريخ تنظيمها فالنفس الخاص بهذا المهرجان كان يدور في فلك الحريات والاستقلالية حتى حين كان ينظم من قبل الإدارة ووجودي فيه قبل سنة 2011 أو بعد لن يغير في تصوراتي وخياراتي. ● تحدثت كثيرا عن أهمية العودة للثوابت فما هي أبرز أسسها من منظورك والتي تعتقد أن «الأيام» حادت عنها؟ - علينا أن نتفق جميعا قبل كل شيء أن أيام قرطاج السينمائية هي منصة لدعم الأفلام العربية والإفريقية حتى تأخذ حيزا أكبر على المستوى العالمي كما أنها مهرجان يعني ثلاث قارات فمن بداية السبعينات أصبح اكتشاف السينما الآسيوية واللاتينية هدفا من أهدف «الجي.سي.سي» وبالتالي هو مهرجان نضالي وليس لعرض الأفلام والاحتفال فحسب لهذا نسعى لإعادة الانسجام لأهداف المهرجان بمعنى ان تواكب التطورات في مجال تنظيم المهرجان لكن دون الانسياق بعيدا عن ثوابت تجربتنا السينمائية التي تقدم فنا نضاليا بديلا يحمل الكثير من الحرية والجمالية يتماشى وجمهور «قرطاج السينمائي». ● اشتكى بعض السينمائيين الأفارقة سابقا من التهميش فأين موقع سينما القارة السمراء في الدورة 28؟ - برز تهميش السينما الإفريقية خاصة في العقد الأخير وذلك يعود لسبب موضوعي من ناحية وهو تراجع الانتاج السينمائي في هذه البلدان خلال 15 سنة الأخيرة مقارنة بارتفاع الانتاج الكمي للسينما المغاربية والعربية غير أن هذا لا ينفي السبب الذاتي وهو غياب الاجتهاد في البحث عن أعمال افريقية قيمّة وقد تمكنا في هذه الدورة من برمجة أفلام جيدة من مختلف بلدان القارة (إفريقيا الفرنكوفونية والناطقة باللغتين الانقليزية والبرتغالية) وذلك من حسن حظنا خاصة وأن الانتاج هذا الموسم غزير نسبيا. ونتطلع في هذه الدورة إلى تدعيم التواصل بين التجارب العربية والإفريقية وهذا الهدف من أولوياتي الكبرى في المهرجان. ● يلوم البعض سعي الأفلام التونسية للمشاركة في مهرجانات دولية على حساب «الجي سي سي» فكيف كان تعاملكم مع فيلم «تونس الليل» المبرمج في القاهرة السينمائي نوفمبر القادم؟ - مشاركة فيلم تونسي في مهرجانات دولية على غرار برلين والبندقية يسعدنا وندعمه وليس دورنا افتكاك الفيلم، رغم أن منح الدعم المقدمة من صناديق الدعم الأجنبية للفيلم التونسي، لا تتجاوز أحيانا 15 ألف دينار وهو مبلغ مضحك ورغم أنه في مقدورنا إجبار الأفلام التونسية المدعمة من وزارة الثقافة أن يكون العرض الأول العربي الإفريقي في أيام قرطاج السينمائية لكن بصفة خاصة في هذه الدورة ونظرا للعدد الهائل من الأفلام المنتجة في تونس (37 فيلما طويلا و41 فيلما قصيرا) شجعنا «تونس الليل» على سبيل الذكر للمشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي خاصة وأن برمجته ستكون في المسابقة الدولية وهي إضافة بالنسبة إلينا ولو كان الفيلم في المسابقة العربية فقط لكان تصرفنا مختلفا لذلك وافقت وطلبت فقط مراسلة لتكون المسألة واضحة ورسمية. ومع ذلك أؤكد أن جل المخرجين التونسيين يفضلون المشاركة في ايام قرطاج لأهمية المهرجان وجمهوره وصعوبة المسابقة والصيت، الذي تمنحه للمتنافس على جوائزها. ● تحوير في المسابقات والترفيع في قيمة جوائزها.. هل يدخل ذلك في اطار محاولة إعادة المهرجان إلى واجهة المهرجانات الكبرى؟ - لا أعتقد أن التانيت فقد قيمته ولا نخوض منافسة على هذا المستوى نحن نسعى لدعم قيمة الجائزة وهي مسألة مبدئية بالنسبة لي فليس من المنطقي في سنة 2017 أن تكون الجائزة الأولى قيمتها 20 ألف دينار وقد قررنا مضاعفة الجوائز خاصة أن القيمة تعتبر مهمة للأفلام التونسية والمغاربية وهذه خطوة أولى نحو الترفيع أكثر في السنوات القادمة أمّا بالنسبة لإحداث مسابقة الفيلم الوثائقي القصير فأعتبر أن الغيث يبدأ بقطرة وعادة الشباب يبدأ بشريط قصير بإنتاج ذاتي ومع رجوع مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل كذلك وتطور الانتاج الكلي للأفلام التونسية من المنتظر أن تكون البرمجة التونسية أفضل والمنافسة أقوى في الدورات القادمة. ● إعادة فتح سينما الأفريكا ودعم بقية القاعات مّاديا هل سيذلل من مشاكل «الأيام» على مستوى ظروف عرض الأفلام؟ - المهرجان ليس دولة أو مؤسسة تعنى بالقاعات لكن تقليديا أيام قرطاج السينمائية عادة ما تساعد القاعات بتوفير الدعم الذي يمكن من القيام ببعض الإصلاحات وشراء قطع الغيار وعودة قاعة الأفريكا أسعدتني وسعيت لفتحها لأنها لم تغلق لظروف اقتصادية على غرار أغلب القاعات وإنمّا لأسباب سياسية فرضت على صاحب قاعة غلقها بعد حادثة الهجوم والاعتداء على ممتلكاتها وتجهيزاتها وأعتقد أن نوعية هذه الهجمات لم تعد ممكنة. فتح قاعة الأفريكا رسالة تؤكد أنه لا مكان للتطرف مجددا وأن البلاد آمنة. ● أيام قليلة تفصلنا عن الافتتاح فهل حقا انتم مستعدون للاستغناء عن بهرج السجاد الأحمر ودور هذا النوع من الاستعراض في تسويق المهرجانات؟ - هذا الموضوع لا يقلقني وسيكون السجاد الأحمر خمس مرات أطول وأعرض من الدورات السابقة.. سيغادر الضيوف الفندق على القدمين في اتجاه الكوليزي ونفس الشيء في الاختتام (المسرح البلدي) وستكون هناك احتفالية استثنائية. والسجاد الأحمر ليس للنجمات فقط وشخصيا لا أؤمن بفكرة النجومية وإذ تحدثت عن النجم من منظوري فهو المخرج صاحب العمل الفني فصناع الأفلام هم الأهم في أيام قرطاج السينمائية منذ تأسيسه فحين نتكلم عن تاريخ المهرجان نذكر صامبي عصمان، توفيق صالح، يوسف شاهين، شادي عبد السلام وغيرهم من المخرجين وهذا ليس استنقاصا من قيمة الممثلات والممثلين وسيكونون موجودين لكن لا يصنعون السجاد الأحمر.. الافتتاح سيكون لأصحاب الأفلام وصناعه وأبطاله وبعض ضيوف الشرف الذين يضيفون لا لمجرد الاستعراض.