يشهد النزاع بين قناتي الحوار التونسي و"قرطاج" تطورات جديدة فبعد إعلان القناة الأولى عن شرائها لحقوق بث مسلسل "السلطانة قسم 2" في موسمه الثاني حصريا في تونس حيث ينطلق بث هذا المسلسل التركي على قناة الحوار التونسي يوم 6 نوفمبر وهذا يعد سابقة في تاريخ المشهد السمعي البصري ولو أن البعض وصف المشهد بالفضيحة. وقد بررت مصادر مطلعة أن شراء قناة «الفهري» للعمل حصريا يعود لعدم إيفاء قناة «قرطاج +» بالتزاماتها المّادية مع الشركة المالكة لحقوق التوزيع في الوقت المتفق عليه ممّا نتج عنه إلغاء العقد مع الشركة التونسية الوسيط بينها وبين الشركة اللبنانية الام. ومع حصولها على عقد «قسم 2» من الشركة اللبنانية دون اللجوء لوسيط تعتبر قناة «الحوار التونسي» المالكة الوحيدة لحقوق بث المسلسل التركي حصريا في تونس. من جهة أخرى، وحسب مصادر مقربة من القناة الثانية في طرف النزاع فإن «قرطاج +» متمسكة ببث المسلسل في موعده يوم الأربعاء غرة نوفمبر باعتبارها صاحبة الحق ويربطها عقد بالشركة الأم الموزعة في دول العربية وكذلك الشركة الموجودة في تونس المالكة لحقوق التوزيع والتي تعاقدت معها «قرطاج+ « على مجموعة من المسلسلات وليس «قسم2» فقط. وقد قررت «قرطاج +» الالتجاء للقضاء في قضيتين واحدة ضد الشركة الموجودة في تونس وأخرى ضد الشركة الأم في لبنان وسيعقد مدير هذه القناة صحبة المحامين المنوبين في القضية ندوة صحفية بداية الاسبوع الحالي يحضرها لكشف الملف برمته علما وأن «الهايكا» ستدعو ممثلي القناتين كما أن الغرفة الوطنية لأصحاب المؤسسات الإعلامية تتابع المسألة ونفس الشيء بالنسبة للمجلس الأعلى للمنافسة الذي دخل على الخط. وأضافت مصادر مطلعة أن هذا الملف له صبغة تجارية وكذلك أخلاقية ومن الضروري إيجاد ميثاق يلزم المؤسسات الإعلامية باحترام العقود والقوانين فمناخ المنافسة يقتضي وجود حد أدنى من المعاملات خاصة ان الهياكل المهنية ترفض سيطرة قناة بعينها على المشهد السمعي البصري في تونس. هذا الصراع حول مسلسل تركي لم يحقق النجاح في بلاده الأم واحتل مراتب متدنية في نسب المشاهدة، اعتبرت بمثابة «الفضيحة « للشركة المنتجة في تركيا خاصة وأنها نفس الشركة، التي أنتجت «حريم السلطان» ورصدت ميزانية ضحمة لمسلسل «قسم» حتى أنها دفعت أجرا خياليا للنجمة بيرين سات لتجسد شخصية «قسم» ومع ذلك لم تنقذ نجومية «بيرين» العمل وفشل في جذب المشاهدين الأتراك. ومع تصوير الجزء الثاني من «السلطانة قسم» والذي رفضت بيرين سات تجسيد بطولته استعان المنتج التركي «تيمور ساوجي» بالنجمة نورغول يشيلتشاي ومع ذلك ظل الشعب التركيا مقاطعا لهذا العمل من منطلق أنه يشوه التاريخ الحقيقي لفترة مهمة من حقبة الإمبراطورية العثمانية وأن تصويره لحياة الجارية اليونانية أنا ستازيا التي قدمت هدية للسلطان أحمد الأول ثم تزوجته وأنجبت السلطانين مراد وإبراهيم الأول وهي حسب المعطيات التاريخية أول سلطانة تحكم فعليا وتجلس على عرش الإمبراطورية العثمانية سنة 1617 بسبب صغر سن ابنها الوريث الشرعي للسلطنة لم يكن وافيا للحقائق المؤرخة. رحيل عدد من الشخصيات وظهور أخرى.. تغير قناة عرض المسلسل من «ستار تي في» إلى قناة «فوكس» والبحث عن اسم جديد للجزء الثاني إذ كان العنوان المقترح هو «القرن العظيم عهد السلطان مراد» بعيدا عن اسم «قسم».. كل هذه العوامل تؤكد أن المسلسل لم يتمكن من تحقيق نسب المتابعة المطلوبة في البلد الأم ممّا أدى لتخلي عديد المستشهرين على المسلسل. وصار توزيعه الخارجي الحل الأمثل من خلال دبلجته وبيعه للقنوات العربية وعرضه في أكثر من بلد. ولئن يرى بعض صناع الدراما العربية والفاعلين في قطاعاتها المسلسلات التركية «عدوا» ينافسهم في سوق فنية ضيقة نسبيا على مستوى التسويق إلا أن عامل دبلجة هذه المسلسلات هو مجرد تعلة يعتمدها هؤلاء أيضا لتبرير رداءة انتاجاتهم. فالأعمال السورية لم تعرف تراجعا مع ظهور الدبلجة ولولا الوضع السياسي غير المستقر في هذا البلد الشقيق لما عرفت هذه الدراما تقلصا على مستوى انتاجاتها أمّا من يردد في تونس أن دبلجة الأعمال التركية يسيء للدراما في بلادنا فهل نحن نملك حقا دراما وهل هناك إرادة سياسية وثقافية لتطوير هذا المجال؟ فكيف نطالب قناة خاصة بإنتاج أعمال درامية في غياب مستهشهرين يدعمون هذه الأعمال خارج شهر رمضان في المقابل يقبلون على الأعمال التركية المدبلجة ونخص هنا المقترحة على قناة نسمة بأصوات ممثلين تونسيين والتي فتحت مجالا وفرصا للممثل التونسي حتى يقدم أعمالا بعيدا عن رمضان فالكثير من الممثلين السوريين حظوا بشهرة بعد عملهم في دبلجة أصوات أبطال الأعمال التركية حتى أن أصواته أصبحت شرطا لدبلجة أصوات أكثر نجوم تركيا شعبية. غياب صناعة درامية تونسية سبق كثيرا ظهور «موضة المسلسلات التركية» وسيظل متواصلا مع تهميش الدولة لهذا القطاع القادر على الترويج لتونس ثقافيا وسياحيا على غرار تركيا وسوريا وغيرها من الدول التي تعتمد الدراما لتسويق حضارتها لصالح سياحتها. فلماذا تتصارع القنوات التونسية على هذا المسلسل «الفاشل فنيا وجماهيريا» حسب النقاد الأتراك؟ ! وهل ان تحقيق الجزء الأول لنسب مشاهدة عالية على قناة «نسمة «وتمكنه من منحها المرتبة الأولى في 13 سبتمبر المنقضي بنسبة 30.1 بالمائة وتفوقها على غيرها من القنوات التونسية جعل من «قسم 2» القاطرة التي من شانها ان ترفع نسب المشاهدة لهذه القناة او تلك..