تسجل ميزانية وزارة الشؤون الثقافية في مشروع ميزانية الدولة 2018 في انتظار مناقشته قبل نهاية العام الجاري، ارتفاعا طفيفا مقارنة بميزانية نفس الوزارة في عام 2017، إذ تبلغ 264505 مليون دينار بعد أن كانت ميزانية العام الماضية في حدود 257650 مليون دينار. فيما كانت ميزانية 2016 في حدود 228086 مليون دينار. يأتي ذلك في وقت يتطلع فيه الجميع إلى مضاعفة ميزانية وزارة الشؤون الثقافية لاسيما في ظل تعدد الأهداف والمهام المنوطة بعهدة «الثقافي» سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بقطع النظر عن الدور الثقافي الفني والفكري وتشابك المصالح مع بقية الوزارات وهياكل الدولة على أكثر من صعيد آخر فضلا عن متطلبات دعم ترويج الإنتاج الثقافي التونسي بمختلف مجالاته. كما لا تقل الأهداف والتوجهات الثقافية على المستوى الداخلي، أهمية عن مثلها من المطامح الخارجية، وذلك من خلال نشر الفعل الثقافي في كامل ربوع البلاد واستقطاب المواهب واحتضانها تعد من بين أبرز الأهداف التي تتطلب ودعم المشاريع الجادة بما يوسع دائرة النشاط الثقافي ويمكن من استقطاب الأطفال والشباب، فإن سياسة هذه الوزارة مدعوة للعمل على حسن الاستثمار «الثقافي» من خلال توجيه النفقات في مستوى التنمية والتصرف بما يحافظ على ضمان تطور الإبداع ومضاعفة الإنتاج وقيمته كميا ونوعيا. وتتوزع ميزانية العام القادم بين 70000 مليون دينار كنفقات تنمية ليسجل هذا المجال تراجعا مقارنة بالمبلغ الذي تم رصده لنفس الغرض في ميزانية 2017 والذي كان في حدود 72 مليارا و800 مليون. أما نفقات التصرف الخاصة التي تم تحديدها في ميزانية العام المقبل فستكون في حدود 194505 مليون دينار. الاستثمارات المباشرة والتمويل العمومي ولئن تم ضبط الخطوط العريضة لأهم توجهات وزارة الشؤون الثقافية وتحديد الأهداف حسب القطاعات الثقافية المختلفة، فإن أكبر رصيد من الميزانية سيخصص لإحداث متحفين جهويين الأول بولاية سليانة بقيمة جملية في حدود سبعة مليارات والثاني بسيدي بوزيد بميزانية في حدود أربعة مليارات. ليأتي تمويل قطاع السينما والإنتاج السمعي البصري في المرتبة الثانية من حيث قيمة الميزانية المرصودة لتصبح القيمة الجملية المخصصة لدعم الإنتاج السينمائي في حدود ستة مليارات بزيادة بمليارين عن الميزانية التي كانت مخصصة لذلك في العام الماضي، لنجد في المرتبة التي تليه الميزانية المرصودة لبرنامجي مدن الفنون ومدن الحضارات وتهيئة وتوسيع وبناء دور الثقافة بكامل جهات الجمهورية بتخصيص ما قيمته خمسة مليارات لكل واحد من هذه المشاريع المرسومة. وسيتم تخصيص ما يقارب 18 مليارا من هذه الميزانية لفائدة المشاريع والأهداف التي تتم تحت سقف التمويل العمومي لتشمل عديد القطاعات على غرار تمويل برنامج التراث الثقافي والوطني وبرنامجي مدن الحضارات والفنون آنف الذكر وتمويل قطاع السينما فضلا عن تعزيز إجراءات السلامة والحماية للمواقع الأثرية والمتاحف وتنظيم دراسة اجتماعية واقتصادية. وسوف لن يتم الاكتفاء في التصرف في هذه الميزانية بالمشاريع الجديدة التي وضعتها الوزارة في برنامجها الموسع تحت عناوين مختلفة، بل سيكون النصيب الأكبر منها موجها لمواصلة عديد المشاريع العالقة أو المتواصلة على غرار مواصلة أشغال وتجهيز مدينة الثقافة بتونس ومواصلة تجهيز قاعات عروض دور الثقافة بالآلات الرقمية وتهيئة المكتبات العمومية ومسارح الهواء الطلق بعدة جهات كما هو الشأن بالنسبة لمراكز الفنون الدرامية والركحية ومدارس الموسيقى والرقص ومواصلة ترقيم المخزون السمعي البصري الذي يتواصل بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد. للكتاب نصيب وأهم ما يشد في البرنامج الموجه لوزارة الشؤون الثقافية 2018 هو حيز الاهتمام الذي وضعته الوزارة للكتاب على أكثر من صعيد نذكر على سبيل المثال تخصيص أكثر من مليارين ونصف لاقتناء الكتب التونسية ودعم الإبداع الأدبي وتخصيص 2,7 مليار لفائدة كتب للمطالعة فضلا عن تخصيص ميزانيات أخرى في إطار مشروع رقمنة التراث المكتوب ولاقتناء جهاز تعقيم الكتب وتركيز منظومة للطاقة الشمسية لفائدة مقر المكتبة الوطنية. من جهة أخرى سيكون نصيب الفنون التشكيلية من هذه الميزانية مليار يخصص في إطار مشروع نقلة وحفظ وصيانة مخزون الأعمال الفنية التشكيلية فيما يخصص 1,7 مليار من مليماتنا لتجهيز قاعات العروض بالآلات الرقمية. ولعل ما يشد في قراءة الخطوط العريضة لأهداف وتوجهات هذه الميزانية هو تغييب المسرح والموسيقى بصفة خاصة من برنامج الوزارة فيما اكتفت بمشروع وحيد تقريبا في الفنون التشكيلية.