تنظر اليوم محكمة التعقيب بتونس في قضية مقتل الشهيد فيصل بركات -تحت التعذيب بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1991 - ومن المنتظر ان يتم الحسم في القضية اليوم اما بإحالتها على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بنابل لتباشر النظر فيها بعد اكثر من ثماني سنوات من نشرها أمام القضاء واما بإرجاع القضية الى دائرة الاتهام لتعود عائلة الشهيد الى حلقة الانتظار مجددا وكانت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بنابل أقرت قرار ختم الأبحاث في القضية وأحالت21 متهما بينهم ثلاثة وزراء من النظام السابق وطبيبان بحالة سراح على أنظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بنابل 11 متهما منهم من أجل تهمة التعذيب الصادر من موظف عمومي الناتج عنه الموت وعشرة آخرين من أجل المشاركة في ذلك وقد قام بعض المتهمين وكذلك عائلة الشهيد بركات بتعقيب هذا القرار فنظرت محكمة التعقيب في القضية يوم 5 أكتوبر الفارط أي أيام قليلة قبل مرور الذكرى 26 لوفاة الشهيد وأجلتها الى تاريخ اليوم. وفي هذا السياق ذكر جمال بركات شقيق الشهيد فيصل بركات ل «الصباح» ان «أشد ما الم عائلة الشهيد بالإضافة الى احالة المتهمين في القضية بحالة سراح رغم «ثقل» التهم الموجهة اليهم وتحصن بعضهم بالفرار بل وتمتعهم ب «الحصانة الأمنية» ان هناك «أسماء» فاعلة في الساحة ومازالت تباشر نشاطها الى اليوم لم تتم الاستجابة لمطلبهم في توجيه الاتهام اليها رغم أنها وحسب أوراق القضية كانت بشكل من الأشكال لها يد في وفاة الشهيد بركات، وأضاف جمال بركات انه من بين الأسماء التي طالبوا بإدراجها ضمن قائمة المتهمين هم محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب والذي كان يشغل زمن القضية منصب مندوب لتونس في الأممالمتحدة وكان مكلفا بتقديم التقارير حول الانتهاكات التي تطال حقوق الانسان ولم يتعرض في تقاريره الى ما حصل من تعذيب لشقيقه وبالتالي فهو ساهم في التغطية على الجريمة. وكذلك الدكتور المنصف حمدون رئيس قسم الطب الشرعي بشارل نيكول باعتباره زمن القضية كان من بين الثلاثة أطباء الذين أكدوا ان فرضية حادث المرور واردة . وأكد جمال بركات ان «التغييرات التي تم ادخالها على الشهادة الطبية المتعلقة بمقتل شقيقه ظاهرة للعيان باعتبار انه تم محو فقرة موجودة بالشهادة الطبية كما تم تغيير تاريخ اصدارها والجهة التي أصدرتها» وأضاف بركات انه «من بين الأشخاص الذين تم استبعادهم ولم يوجه اليهم الاتهام كذلك مدير سابق لإقليم الأمن بنابل وهو يباشر عمله حاليا في احدى الولايات باعتباره عمل على تكوين «ماكينة» كاملة لتعطيل سير التحقيقات في القضية بل وكلف لجنة لمتابعة القضية وساهم في تعطيل سير الأبحاث فيها قدر الامكان وأكد انهم طالبوا طوال مراحل سير القضية ولدى التعقيب بتوجيه الاتهام لهذه الاسماء ولأطراف اخرى مازالت تباشر نشاطها الى اليوم وساندتهم في طلبهم النيابة العمومية». تخوفات وعبر جمال بركات عن تخوفه من غلق ملف القضية بعد سنوات من التعب والانتظار بسبب الضغوطات الموجودة في القضية وأكد انهم لن يستسلموا وسيناضلون الى اخر مق لكشف المورطين في قضية مقتل شقيقه معبرا عن أمله في ان تأخذ العدالة مجراها وتنكشف الحقيقة. وكان قاضي التحقيق المتعهد بالقضية أصدر بطاقات جلب في حق رئيس فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل سنة 1991 بعد فراره من مكتب التحقيق وبطاقتي جلب في حق المخلوع ومدير المستشفى الجهوي محمد الطاهر المعموري بنابل خلال شهر أكتوبر 1991كما استنطق على ذمة القضية رئيس الفرقة المركزية الأولى للأبحاث والتفتيش بالعوينة سنة 1991وآمر الحرس حينها ومدير إدارة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالعوينة سنة 1991 ومرشد بفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل زمن الحادثة. تعذيب وقد كان فيصل بن الهادي بركات من مواليد 4 ماي 1966 بمنزل بوزلفة طالبا بكلية العلوم بتونس وقد حوكم سنة 1987 لانتمائه لجمعية غير مرخص لها وفي بداية سنة 1991 وعلى إثر ظهور الشهيد في البرنامج الوثائقى) المنظار (حول الأحداث الطلابية أصبح مطلوبا لدى الأجهزة الأمنية فتحصن بالفرار في شهر سبتمبر من نفس السنة ويوم 8 أكتوبر 1991 تم إيقافه بمدينة نابل واقتياده إلى مركز الحرس الوطني بنابل وتحديدا إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش أين تم تعذيبه أشد التعذيب إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة تحت أنظار أكثر من60 موقوفا بينهم أخوه جمال بركات ويوم 11 أكتوبر 1991 قام الوكيل محسن بن عبد الله بالإعلام عن حادث مرور ووفاة لمترجل مجهول الهوية وذلك بواسطة برقيتين عدد 63 و64 بتاريخ 11أكتوبر 1991بطريق «الغرابي» الرابطة بين منزل بوزلفة وشاطئ «سيدي الرايس» والإيهام بأن الشهيد توفي اثر حادث مرور سجل ضد مجهول وتم حفظ القضية بتاريخ 30مارس 1992لعدم التوصل للجاني ليقع بعد ذلك وتحت ضغط المجتمع المدني الدولي والجمعيات والمنظمات الحقوقية إعادة فتح البحث في القضية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية لثلاث مرات أخرى من أجل البحث والتقصي في أسباب وفاة فيصل بركات. الحقيقة وسنة 2009 تم إعادة فتح ملف القضية بعد 10 سنوات من طلب المفوضية السامية لحقوق الإنسان من الحكومة التونسية استخراج رفات الضحية فيصل بركات لعرضه على لجنة من الأطباء بحضور أحد الأطباء الدوليين الذين سبق لهم أن تدارسوا الملف لتحديد سبب الوفاة. مماطلة وخلال شهر أكتوبر الفارط وبمناسبة الذكرى 26 لوفاة الشهيد فيصل بركات قالت منظمة العفو الدولية والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب «أن السلطات القضائية التونسية تماطل على ما يبدو في تحقيقها الجنائي بشأن مقتل الشهيد فيصل بركات الذي تعرض للتعذيب حتى الموت بعد فضحه وحشية الشرطة». وحثت المنظمتان السلطات التونسية على «ضمان تقديم أفراد قوات الأمن الذين عذبوا الشهيد والمسؤولين الذين تواطؤا معهم للتستر على الجريمة إلى العدالة». وفي هذا السياق قالت «غابرييل ريتر» مديرة المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في تونس أن «المطاردة الطويلة لإخضاع المسؤولين عن مقتل فيصل بركات للمحاسبة تفضح النقائص الجوهرية التي ما زالت تشوب نظام العدالة في تونس ما بعد الثورة، وتسلط الضوء على استمرار الإفلات من العقاب الذي تتمتع به قوات الأمن عما ارتكبت من جرائم بما فيها التعذيب» ، وقالت «هبه مرايف» مديرة البحوث بمكتب تونس الإقليمي لشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن «السلطات القضائية تتلكأ في مقاضاة المتهمين ويتعين عليها تسريع وتيرة التحقيق في مقتل فيصل بركات بلا مماطلة لتبيِّن أنها جادة في إخضاع الجلادين للمحاسبة».