على إثر احتفالية افتتاح أيام قرطاج السينمائية ليلة السبت المنقضي والتي شملت تنشيط شارع الحبيب بورقيبة من قبل الفرق الموسيقية الفلكلورية ومرور ضيوف الدورة الثامنة والعشرين على سجاد أحمر، زين بأسلوب أنيق في اتجاه «ملكة القاعات» كما يدعوها أهل السينما «الكوليزي» في سهرة نشطها باقتدار الإعلامي التونسي بهوليود رمزي ملوكي، اختتمت السهرة بفيلم «كتابة على الثلج» للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي.. «الصباح الأسبوعي» التقت بصناع العمل وأبطاله للحديث عن مشاركتهم في أيام قرطاج السينمائية وعلاقتهم بالجمهور التونسي وجديدهم الفني في الورقة التالية: الفنان السوري غسان مسعود: أعود في عمل هوليودي ضخم والحرب هزتنا من الداخل.. لم يخف النجم العالمي غسان مسعود الذي سبق أن توج بالجائزة الكبرى في الأداء بأيام قرطاج المسرحية سعادته بالعودة مجددا إلى تونس وحضور فعاليات أيام قرطاج السينمائية هذه المرة قائلا عن المهرجان في هذا السياق: «مبدئيا تعودنا منذ سنوات على ثلاث مهرجانات كبرى وهي: القاهرة السينمائي ودمشق السينمائي وأيام قرطاج السينمائية. وكل المهرجانات، جاءت بعد هذه الاحتفاليات الثلاث وهذه الفكرة تكفي للتعبير عن عراقة قرطاج». يؤدي غسان مسعود دورا مغايرا في شريط رشيد مشهراوي «كتابة على الثلج».. دور يحمل الكثير من السخرية والعبثية وعن ملامح هذه الشخصية يقول ضيف «الصباح الأسبوعي» :»ما استفزني في الدور هو أن هذه الشخصية وصلت إلى مرحلة في حياتها أصبحت تشمئز من كل ما يدور حولها ولا ينتج جديدا فهذا الرجل له تاريخ في النضال السياسي لم يحقق له النتيجة، التي يحلم بها لأجل قضيته فاعتكف العمل السياسي وجلس في بيته يلعب بالساعات وكأن الزمن بالنسبة له توقف فكان لقاؤه بشاب من مرجعية فكرية أخرى (إسلامية) وقد بدأ يعطيه دروسا سببا ليعيد بعض الرغبة في داخله للحوار والجدال فوقف يذكره بتاريخ الفدائيين». وأضاف محدثنا أن هذا العمل تجربة فريدة وصعبة للغاية وفيها تحد كبير للمخرج وللممثلين باعتبار أن المكان مغلق (10 أمتار /5 أمتار) وبالتالي فالمهمة قاسية ولكن كل الفريق آمن بالتجربة والمصالحة كانت غايتنا قائلا :»وأظن أن هذه الأيام تحدث مصالحة فلسطينية فلسطينية «. أمّا عن المباشراتية في السينما فأوضح أنه أحيانا من الضروري أن نخاطب الرأي العام وليس النخب التي لا تقبل الخطاب المباشر لكن الشارع يطلب هذا الخطاب، فعلى الفنان أن يكون إذن هنا وهناك. الممثل السوري غسان مسعود، الذي عرف النجاح العالمي بعد أن قدم بهوليود أدوارا مميزة أشهرها دور «صلاح الدين الأيوبي» في فيلم مملكة السماء «Kingdom of Heaven» وفيلم «سفر الخروج: الآلهة والملوك» للمخرج البريطاني ريدلي سكوت أكد ل«الصباح الأسبوعي» أنه عاد مؤخرا لهوليود بعد سنوات في فيلم للمخرج ذاته بعنوان «All The Money in the World» كما يستعد لتصوير عمل هوليودي ضخم سيرى النور في الموسم المقبل مؤكدا أن السينما مثل الموسيقى لها بعد كوني وأهلا وسهلا بكل الأفلام والثقافات. وعن السينما السورية، فسّر غسان مسعود ما يمر به الفن في وطنه قائلا: «لاشك أن أي بلد يمر بأحداث سياسية تهزه من الداخل تؤثر بطبيعة الحال في الانجاز السينمائي والمسرحي وربما بعد الحرب سنجد أدبا آخر وشعرا آخر وسينما مختلفة ومسرحا مغايرا.. سنتعلم من تجربتنا وما أصابنا بالتأكيد». الممثل المصري عمرو واكد: نعيش لحظة مؤذية للثقافة وحين يسود الكره يختفي الفن النجم المصري بطل فيلم «كتابة على الثلج» عمرو واكد كشف ل"الصباح الأسبوعي" عن سعادته الكبيرة بحضور أيام قرطاج السينمائية وهي فرصة انتظرها طويلا خاصة وأن التزاماته في السنوات الماضية منعته من المشاركة في المهرجان العريق والمنفتح على السينما الإفريقية والمغاير كما وصفه. وعبر محدثنا عن انبهاره الشديد بالجمهور التونسي وعشقه للسينما وهذا يمتع الفنان الباحث عن مجال مفتوح ليشاهد الناس أعماله. وعن مشاركته في فيلم لرشيد مشهراوي بكل ما يحمله من مضامين فكرية وسياسية، بين بطل «لوسي» أنه لم يتردد للحظة في قبول العمل مع المخرج الفلسطيني معتبرا المباشراتية في أعمال مشهراوي خيار وأنه كفنان يؤمن أن الفن موهبة ورؤية يمكن أن تؤثر في فرد واحد فيؤثر في بقية العالم قائلا: «الجمهور يأخذ قراراته ويحدد الرسالة التي يريدها وأنا لست أستاذ جامعة لأقيده بمضمون معين أو أفرض عليه توجهاتي.» وعن ندرة التبادل الثقافي والسينمائي والانتاج المشترك بين صناع الفن والثقافة العرب أكد عمرو واكد أن فيلم «كتابة على الثلج» يناقش هذه الأفكار عن الانقسام والصراع بين أبناء الأمة الواحدة قائلا: «نحن نحترف إيذاء بعضنا ونقطع علاقاتنا ونقوم بحملات تشويه.. نحن نعيش لحظة مؤذية للثقافة ولو ساد الكره سيختفي الفن». مخرج «كتابة على الثلج» رشيد مشهراوي: الشفاء من الجرح يتطلب الضغط عليه وهذه منطلقاتي الفنية أكد السينمائي الفلسطيني رشيد مشهراوي بأنه فخور لاختيار «كتابة على الثلج» في افتتاح أيام قرطاج السينمائية وهذا فخر للسينما الفلسطينية والعربية من منظوره مضيفا أن علاقته الممتدة مع قرطاج تتجاوز عشرين سنة وعن إهدائه الفيلم لروح الراحل سمير فريد قال محدثنا: «منذ أن كنت أصور أفلامي القصيرة كان سمير فريد مستشاري الفني يقرأ السيناريوهات ويشاهد الفيلم إثر مونتاجه الأول واستمرت هذه العلاقة الفنية والشخصية ثلاثين سنة ورحيله قبل خروج الفيلم جعلني أهدي «كتابة على الثلج» لروحه دون تفكير..» وعن الرسائل الفنية والسياسية في أعماله الفنية وأحدثها «كتابة على الثلج» تحدث مشهراوي ل«الصباح الأسبوعي» عن منطلقاته الفنية فهو يعتقد أنه بصفته فلسطيني عربي سواء في ما يتعلق بالاحتلال الفلسطيني أو في ما يتعلق بالانقسام الفلسطيني (منذ عشر سنوات) يجب أن تقال الأشياء وتلمس وبشكل مباشر دون اعتماد الرمز فالشفاء من الجرح يتطلب لمسه والضغط عليه. ووصف مخرج «كتابة على الثلج» تعامله مع ممثلين من جنسيات عربية مختلفة بالتجربة الجديدة فبغض النظر على شهرتهم وأسمائهم أكد أن ما يعنينه كثيرا هو مستواهم الفكري والثقافي وانتماؤهم السياسي قائلا : «كانت التجربة تحد خاصة، وأن نقدم فيلما بخمسة ممثلين في مكان واحد أمر يحتاج إلى تفكير كبير في حركة الكاميرا والمونتاج وأحداث الفيلم تدور في ليلة واحدة وبالتالي تقيدك تقنيات عديدة لا يمكن أن تغير في السيناريو فلو كان هناك تصوير خارجي لكان بإمكاننا الحذف أو الإضافة على عكس هذا العمل الذي احتاج لكثير من الدقة.» الممثلة الفلسطينية عرين العمري: «كتابة على الثلج» منح المساحة للممثل عرين العمري الممثلة الفلسطينية الحاضرة بقوة في أعمال رشيد مشهراوي حدثتنا عن وجودها في أيام قرطاج السينمائية وأنها ابنة هذا المهرجان حيث شاركت في الكثير من دوراته كما كانت حاضرة في تونس من خلال أيم قرطاج المسرحية وعن علاقتها الفنية برشيد مشهراوي قالت :» قدمنا أكثر من ثمانية أفلام طويلة إلى جانب الأشرطة القصيرة والوثائقية فأنا قادمة من المسرح وفيلم «حتى إشعار آخر» هو أول تجاربي السينمائية الطويلة مع رشيد مشهراوي ثم استمر المشوار إلى أحدث أعمالنا فيلم كتابة على الثلج الذي شدني كثيرا على مستوى السيناريو (كتبه ابراهيم المزيان من فلسطين) فهناك مساحة للممثل حتى يعطي أكثر ونال الممثل حقه وسعيدة لأني كنت ممثلة فقط ولست منتجة منفذة وكنت في تفرغ تام وصفاء ذهني وجسدي لتقديم دوري في عمل يحكي عن القصف الأخير لغزة وصور في مدينة طبرقةالتونسية.. لقد كان الطاقم الفلسطينيوالتونسي عائلة واحدة في هذا الفيلم».