تأسيس ورشات للسينما بالمؤسسات التربوية ونشر ثقافة الصورة لدى الناشئة لم يعد من الكماليات وانما اصبح ضرورة بعد ان اصبح التصوير وتسجيل اللقطات الحية والنقل المباشر لغة تتعامل بها كل الشرائح العمرية والاجتماعية وبعد أن أصبحت الصورة أداة للتخاطب بين الناس وبعد أن «تسلح» كل المواطنين في تونس تقريبا بوسيلة تصوير وأهمها الهاتف وأصبح بإمكان أي كان اعداد فيلم او فيديو وعرضه ونشره على وسائل الاتصال الاجتماعي. ولان هذا التصوير المتاح لكل الناس هو سلاح ذو حدين، من ناحية هو حرية التعبير وإيصال الموقف بالصوت والصورة والإعلام عن التجاوزات بأسلوب فوري او برقي ودون منغصات ومعيقات والأخذ بناصية التكنولوجيا والاستفادة من الاختراعات والاكتشافات التي تسهل ظروف الحياة وترفه عن الناس ووو... لكن من ناحية اخرى فان سهولة استعمال وسائل التصوير واخذ اللقطات الحية دون اذن صاحبها او حتى بإذنه ونشرها بدون ضوابط وخاصة منها الاخلاقية اصبحت في ايامنا هذه كقنبلة موقوتة في يد طفل صغير الخوف كل الخوف أن يلعب بها وهو لا يعرف ما يمكن أن تؤدي إليه من كوارث إذا اساء استعمالها. ولان استعمال وسائل الاتصال الحديثة اصبح متاحا للكل ولان كل المواطنين اصبحوا مجهزين بهواتف بكاميرا قادرة على التصوير والبث وحتى المباشر فالأفضل ان يتم تأطير مستعمليها وتعليمهم اساليب حسن التعامل معها وتأهيل الاطفال والشبان وحتى الكهول لاستعمالها ولفت نظرهم الى القوانين التي تنظم هذا القطاع تفاديا للثلب وهتك الأعراض ونشر ما لا يمكن ان يغفره من تم تصويرهم والتسبب لهم في مشاكل. ولأننا نستعمل الصورة بطريقة بدائية وكما اتفق لنا ولأننا أصبحنا نشاهد «أشرطة سينمائية وأفلاما» فمن الأفضل لنا العمل على تأهيل المستعملين الجدد ونشر ثقافة الصورة وتعليم الناشئة أبجدياتها ومبادئها بكل ما تتضمنه من قواعد وقوانين وتشريعات وتقاليد وأعراف. وفي هذا الإطار يتنزل مشروع الفنان منصف ذويب الرامي إلى تأسيس ورشات للسينما بالمؤسسات التربوية ونشر ثقافة الصورة لدى الناشئة وانجاز «ألف فيلم وفيلم» من خلال تأطير أطفال المدارس الابتدائية والإعدادية في مرحلة أولى، لإنجاز أفلام وثائقية من وجهة نظرهم»، وذلك في إطار شراكة مع وزارة التربية والمركز الوطني للسينما والصورة ومؤسسة رامبورغ تونس لتكوين جيل جديد مطلع على القواعد الأساسية للسينما. انطلق هذا المشروع في جانفي 2017 ويهدف لإنجاز ألف فيلم وثائقي على مدى ثلاث سنوات عبر القيام بتمارين سينمائية وتصور الواقع من خلال عيون الأطفال وفعلا تم تنظيم ورشات بمؤسسات تربوية في القصرين وسيدي بوزيد والقيروان وسوسة والمنستير وبنزرت وطبرقة وتطاوين وقفصة وتوزر. وقد ساهم المركز الوطني للسينما والصورة ومؤسسة رامبورغ تونس في تمويل هذا المشروع بمبلغ يقدّر بألف دينار لكل منهما وحظي المشروع بمثل المبلغ من وزارة التربية متمثلا خاصة في المسائل اللوجستية وقد اعتبرت الوزارة نفسها معنية مباشرة بالمشروع لأنها ترغب في إطلاق مدرسة صيفية لنشر ثقافة الصورة لدى أطفال المدارس استعدادا منها لبعث مهرجان سينما الطفل. علما بان وزارة التربية -وحسبما صرح به وزير التربية حاتم بن سالم خلال ندوة صحفية جمعته بكل من رئيس مشروع «ألف فيلم وفيلم» المنصف ذويب ومديرة المركز الوطني للسينما والصورة، شيراز العتيري يوم الاثنين 6 نوفمبر الجاري - تعتبر ان «أكبر إصلاح تعتزم المؤسسة التربوية القيام به يتمثل في إدراجها ضمن مشروع حضاري يجعل من الثقافة والرياضة، أبرز المكونات الإستراتيجية في الحياة المدرسية والنقلة النوعية التي نعمل عليها تقتضي ثورة تربوية تقوم على إدراج المسائل الثقافية في إطار المناهج التعليمية والعودة لإدراج الموسيقى كمادة إجبارية، وإعادة الروح للمسرح المدرسي من اهم وجوهها. وذلك درءا للتطرف وسدا لمنافذ تسرب الإيديولوجيات المتطرفة ستسلح المدرسة منظوريها بتصور ثقافي وحضاري يرتكز على الجانب الإنساني والحس الفني.»