سارع رئيس آفاق تونس ياسين إبراهيم أول أمس خلال أشغال المجلس الوطني «للافاقيين» بالتأكيد على رغبة حزبه في البقاء ضمن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد في وقت تناقلت فيه الكواليس السياسية أن بقاء آفاق في الحكومة مسالة وقت فقط لا غير. فقد اعتبر رئيس الحزب في تصريح إعلامي «أنه لا وجود لرابط بين دخول الحزب في جبهة برلمانية جديدة وإمكانية الخروج من الحكومة» مضيفا أن الحزب حسم أمره بخصوص مواصلة المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، وذلك بمناسبة انطلاق أشغال المجلس الوطني للحزب بالعاصمة، (السبت 11 نوفمبر 2017). وأوضح أن الغرض من الدخول في جبهة برلمانية هو تكوين قوة برلمانية قادرة على التفاوض حول المسائل المتعلقة باستكمال مسار الانتقال الديمقراطي عبر إعادة التوازن داخل البرلمان والعمل على توحيد المواقف إلى جانب إضفاء النجاعة على العمل التشريعي خاصة فيما يتعلق بانتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتركيز المحكمة الدستورية ومناقشة مشروع قانون الجماعات المحلية. تبريرات وفي توضيحه لفكرة الدخول في جبهة برلمانية برر إبراهيم ذلك بغياب التنسيق الكافي بين من أسماهم نواب «العائلة التقدمية» في مجلس نواب الشعب وتفكك حزب نداء تونس بالإضافة إلى التقارب الكبير الذي حصل بين نواب حركتي نداء تونس والنهضة مذكرا بأن آفاق تونس كان قد دعا إلى تكوين جبهة برلمانية كبيرة منذ أفريل 2016 «غير أن النداء رفضها بسبب حياده عن العقلية التي تم الانطلاق منها غداة انتخابات 2014 بعد عقد شراكة مع أطراف سياسية منافسة»، وفق تعبيره. ويؤكد تصريح إبراهيم حالة الارتباك الواضحة لآفاق تونس، حيث يدرك أن خروج حزبه من الحكومة يعني بالضرورة نهاية آفاق الذي لا يمكن له أن ينتعش إلا في ظل حاضنة حكومية، وأظهرت مواقف الحزب منذ تكوين حكومة حبيب الصيد حجم «ماكيافلية» الحزب الذي كثيرا ما راوغ حتى شركاءه في الحكم من أجل البقاء تحت شمس السلطة. خلافات مع أكثر من طرف فقد اختلف آفاق تونس مع شريكه في الحكم سابقا الاتحاد الوطني الحر بسبب حقيبة الاستثمار الدولي التي كانت بيد ياسين إبراهيم حيث اتهمه سليم الرياحي بالفشل في إدارة الوزارة وان الوطني الحر سينجح في حال تسلم هذه الحقيبة وهو ما اعتبره آفاق ضربة في خاصرة الائتلاف الحاكم حينها. خلافات آفاق لم تتوقف مع شركاء الحكم لتندلع خلافات جديدة بينه وبين نداء تونس حين اعتبر رئيسه إبراهيم أن ما يحصل في النداء من انشقاقات وخلافات قد اثر بوضوح على أداء الحكومة وأربك الدولة وهو ما رفضه النداء على لسان رئيس الكتلة سفيان طوبال والقيادي خالد شوكات. ولم تكن تصريحات آفاق بمعزل عن حكومة يوسف الشاهد نفسها حيث يشكل الحزب شريكا في الحكم رغم عدد كتلته النيابية التي لم تتجاوز 10 عناصر، وكان ياسين إبراهيم وفيا في «شريان الشبوك» السياسي ليعلن عن تخوفه من فشل حملة رئيس الحكومة المناهضة للفساد، داعيا إياه للبحث داخل «البيت الحكومي» عن فاسد محتمل في إشارة منه إلى زميله في حزب الجمهوري سابقا الوزير مهدي بن غربية والوزير السابق عبيد البريكي اللذين اتهمها بالفساد وبلغ الأمر لاعتبار وجود بن غربية في الحكومة «فضيحة»0 ليرد بن غربية فاتحا النار على إبراهيم وحزبه بشأن ملفات «لازارد» التي لا تزال غامضة رغم المبررات القانونية التي أظهرها آفاق في أكثر من مناسبة. مواجهة النهضة واصل ياسين إبراهيم التدرج في خلافاته ليدرك حركة النهضة فقد انتقد خلال إشرافه على اجتماع حزبي بجهة دوار هيشربتونس العاصمة «التوافق بين حزبي النهضة والنداء لانعدام الثقة بينها ولظهر الفشل الذريع بينهما» مشيرا أنه لم «تتم فيها محاسبة ومساءلة المسؤولين في فترة حكم الترويكا عن العمليات الإرهابية والاغتيالات وحوادث العنف التي عصفت بأمن التونسيين وأربكت مسار الانتقال الديمقراطي». وقال إبراهيم إن «ربط حركة النهضة انخفاض العنف والإرهاب خلال هذه الفترة بتوافقها مع النداء أمر غير مقبول، لأنه لا مكان للعنف في السياسة»، معتبرا أن «حديثها عن تحولها بين ليلة وضحاها إلى حزب مدني خارج إطار الإسلام السياسي أمر لن يصدق إلا بوجودها في صفوف المعارضة خمس سنوات على الأقل حتى يقف التونسيون على صدق النوايا ويلمسون ذلك في ممارستها لدورها في المعارضة كحزب مدني ينبذ العنف». وبالعودة إلى سلسلة الأحداث فقد تبين أن خلافات آفاق مع بقية شركائه قد ارتبطت زمنيا مع كل حدث سياسي سواء تعلقت بتكوين حكومة الشاهد الأولى أو الثانية أو الانطلاق في مناقشة قانون المالية أو حتى بداية الحرب على الفساد. فخلافات إبراهيم مع مختلف مكونات الحكم وحتى الحكومة نفسها يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن خروج آفاق من الحكومة لم يعد سوى مسالة وقت رغم رغبة قياداته في البقاء. فكيف لآفاق أن يبقى في حكومة الوحدة الوطنية وقد جعل من نفسه جهة غير مرغوب فيها سياسيا؟ وهل يخير الحزب البقاء في الحكومة تحت شعار الانحناء حتى تمر العاصفة؟ وكيف لآفاق أن ينجح والحال انه يطبق سياسة الجلوس على كرسيين؟ وهل تكون الجبهة البرلمانية الجديدة الحاضنة السياسية لآفاق تونس؟