أثارت قضية «الاشاعة» التي تم ترويجها حول وفاة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بداية الاسبوع الجاري ردود أفعال متباينة فلئن اعتبر البعض انه لا يصح ترويج مثل هذه الأخبار الزائفة التي تمس بسلطة عليا في البلاد فان نصوص الاحالة في القضية أثارت جدلا كبيرا اذ اعتبرها البعض لا تتماشى والفعل المرتكب والذي لا يتجاوز مجرد نشر أخبار زائفة لا غير. وفي هذا السياق ذكر الأستاذ وسام عثمان محامي المتهمين في القضية ل «الصباح» ان منطلق التتبع كان بعد ان أعلمت وحدة مكافحة الارهاب بالقرجاني النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس ان هناك من «فبرك» خبر وفاة رئيس الجمهورية باسم القناة التلفزية «فرانس 24» وأنزله على «الفايسبوك» وقدمت اسم منوبيه على أساس أنهما من قاما بعملية «الفبركة» فأذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ بهما ووجهت اليهما تهمة «ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الداخلي بغاية تغيير نظام الحكم عن طريق نشر أخبار زائفة من شأنها المساس بالأمن العام» رغم ان منوبيه قاما بنشر الخبر ثم محوه بعد عشرين دقيقة فقط بعد تيقنهما أنه عار من الصحة . وأضاف المحامي انه لم يتم تمكين موكليه من حقهما في الاستعانة بمحام رغم مطالبتهما بذلك، وقال في خصوص نص الاحالة ان ملف القضية لا يتضمن أي اساءة لرئيس الجمهورية أو شتم أو اهانة تستوجب توجيه تهمة «ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة» باعتبار انه لا وجود لدليل مادي على «الاعتداء على أمن الدولة الداخلي لغاية تغيير نظام الدولة» والتي اعتبرها تهمة خطيرة تبين أن التهم سياسية بالأساس سيما وان الفرقة التي بحثا لديها استفسرتهما عن انتمائهما السياسي فأجابا أنهما ناشطان في أحد الأحزاب. وأضاف أن جريمة «ارتكاب أمر موحش» في المجلة الجزائية تحيل على مجلة الصحافة التي وقع نسخها بالمنشور عدد 105 بمعنى ان تلك التهمة أصبحت لاغية كما أن المنشور عدد 105 خاص بالصحافة والنشر وتطبق أحكامه على الصحافة والنشريات بمختلف أنواعها وليس على «الفايسبوك» باعتباره وسيلة تواصل اجتماعي ومحكمة التعقيب الفرنسية في قرارها في قضية تخص «الثلب» على صفحات «الفايسبوك» اعتبرته فضاء خاصا وليس فضاء عاما وبالتالي لا يمكن تتبع المواطنين من أجل تدوينات «فايسبوكية» وبالتالي فلا وجود لجريمة أصلا اضافة الى ان كلا المتهمين قاما بفسخ تدوينتيهما بعد عشرين دقيقة من تنزيلها . خروقات اجرائية وأكد المحامي أن وجود عديد الخروقات الإجرائية وغياب ضمانات المحاكمة العادلة – على حد تعبيره- ومس بالحقوق الاجرائية الأساسية التي تبطل إجراءات التتبع كما ان قناة «فرانس 24» لم تقدم شكاية في الغرض ورغم ذلك فانه بعد انتهاء الأبحاث فقد وجهت النيابة العمومية لموكليه تهمة «نسخ وتقليد واستعمال علامة مسجلة بدون اذن صاحبها» وأضاف ان منوبيه سيمثلان أمام قاضي التحقيق يوم الاثنين 27 نوفمبر الجاري . ارتداد على حرية التعبير من جهته ذكر القاضي عمر الوسلاتي ل»الصباح» انه ورغم استهجانه لهذه «الاشاعة» ولكنها لم «تعكر صفو النظام العام» نظرا لتعدد وسائل تكذيبها بكل الطرق والوسائل والتجاء رئيس الجمهورية للتشكي والسرعة التي تميز بها سير القضية باعتبار أنه تم المس برئيس الجمهورية وتحويل القضية من «نشر أخبار زائفة» طبق المرسوم 115 والتي يكون العقاب فيها خطية مالية الى «ارتكاب أمر موحش» والتي تتطلب توفر الركن المادي مثل ان تحدث «الاشاعة» اضطرابات او مظاهرات او ارتباكا على المستوى الأمني وهذا مالم يحدث . وأضاف انه في دولة ديمقراطية لا يمكن الحديث على مسألة «ارتكاب أمر موحش» فالأكاذيب والأخبار الزائفة كلها تنضوي تحت «جرائم النشر» فنصوص الاحالة لا تتناسب مع دولة ديمقراطية تؤمن بحرية الرأي والتعبير لأن الأخبار الزائفة بدورها تدخل في حرية التعبير ولا يتجاوز عقابها الخطية المالية حسب المرسوم 115 باعتبار انها جريمة نشر استعملت فيها الوسائل المدرجة بالفصل 50 من المرسوم ولكن تهمة «ارتكاب أمر موحش» ليس لها أي صلة بالموضوع اضافة الى غياب أي وسائل مادية تثبت تهمة «قلب نظام الحكم» سيما وانه وبعد نشر «الاشاعة» لم تحصل أي مخلفات مثل اضطرابات أو غيرها كما ان الخبر الزائف وقع تكذيبه بسرعة وبالتالي لاوجود لأي مخلفات سلبية . «فيديو» المرزوقي واستدل الوسلاتي بقضية «فبركة» فيديو للرئيس السابق محمد المرزوقي الذي كان تقدم بقضية ضد قناة «الحوار التونسي» بسبب ما اعتبره «فبركة» لتصريحات أدلى بها في دولة قطر حول الوضع في سوريا تم تقديمها على أساس أنها في علاقة بتونس ورغم ذلك لم تتم احالة الاعلاميين المحالين فيها من أجل تهمة «الاعتداء بأمر موحش على رئيس الجمهورية» فالشخص عندما يصبح شخصية عامة يصبح عرضة للإشاعات واذا تمت الاحالة وفق المرسوم 115 والذي يستوجب عقوبة تتمثل في خطية مالية فلا يمكن ايداع المتهمين بالسجن باعتبار ان النص يقر خطية مالية فحسب وليس حكما سالبا للحرية . وأكد الوسلاتي ان توجيه مثل هذه التهم للمتهمين يمثل أول «ارتداد» على حرية التعبير ففي اطار حرية التعبير يمكن نشر أية اخبار عن الشخصيات العامة وهي معرضة للإشاعات والأكاذيب التي يمكن تكذيبها فلا يمكن لنفرين فقط على غرار المتهمين في هذه القضية قلب نظام الحكم فهذا غير معقول بالمرة باعتبار ان هذا الأمر يستوجب وجود شبكة كاملة تعمل في هذا الاطار وتخطيط وتحضير وغيره من الأفعال المادية.