اختارت مؤسسة التلفزة التونسية عدم إنتاج عمل درامي خاص برمضان 2018، رغم الإعلان في الموسم الماضي عن إنتاج جزء ثان من مسلسل «الدوامة» للمخرج نعيم بالرحومة والاكتفاء بإنتاج أعمال أخرى لتترك المنافسة في هذا المجال للقطاع الخاص باعتبار أن المشروع الدرامي لسامي الفهري الجديد يتمثل في عمل درامي تاريخي ضخم يتمحور حول شخصية «علي بن غذاهم» والمرحلة التاريخية لتونس في القرن الثامن عشر ومدته ثلاثين حلقة. وهي المرة الأولى تقريبا في تاريخ هذه المؤسسة في العقود الأخيرة، التي تغيب فيها عن الإنتاج الدرامي لعدة أسباب لعل من أبرزها ضيق الوقت خاصة أنه لم تعد تفصلنا عن الموسم الرمضاني سوى أشهر قليلة ثم حرص القائمين عليها على تقديم أعمال قيّمة على أكثر من صعيد لاسيما بعد حالات الجدل والمخاض والتجاذبات التي عرفتها في سنوات ما بعد الثورة بسبب الإنتاج الدرامي رغم ما حققه العمل الدرامي للموسم الرمضاني الماضي من نجاح في استعادة الثقة في دراما التلفزة التونسية خاصة بعد هزّة «وردة وكتاب» للمخرج محمد رجب وما رافقته من انتقادات واسعة. يأتي هذا القرار بعد أن لعبت نفس المؤسسة دورا كبيرا في زرع وتكريس ثقافة الدراما التونسية لدى التونسيين ودأبها على الإنتاج الدرامي خلال العقدين الأخيرين وهي المرحلة التي سجلت دخول المؤسسات التلفزية الخاصة إلى المشهد السمعي البصري وسوق الإنتاج الدرامي مما خلق منافسة في مجال الإنتاج بقطع النظر عن مدى انعكاس هذه المنافسة على قيمة ومستوى الأعمال الدرامية التونسية. «الحجامة 2» غير مؤكدة في الجانب الآخر اختارت نفس هذه المؤسسة الوطنية التوجه إلى ما هو كوميدي ترفيهي من خلال إنتاج عملين من نوع «سيتكوم» ينتظر ان تحسم إدارة التلفزة في الاختيار المطروح في المجال بداية الأسبوع القادم ولم يتم الحسم بعد في إمكانية مواصلة التجربة مع سيتكوم «الحجامة» وتقديم جزء ثان للعمل، إضافة إلى إنتاج منوعات وألعاب تؤثث برمجة رمضان على القناتين الأولى والثانية، فيما قررت نفس المؤسسة مواصلة التجربة مع العمل الدرامي الموجه للأطفال والعائلة التونسية على حد السواء وذلك من خلال إنتاج جزء ثان من السلسلة الموجهة للأطفال «جنون القايلة» للمخرج أمين شيبوب وذلك بعد النجاح والاستحسان الذي وجدته النسخة الأولى من هذا العمل من قبل المشاهد التونسي في رمضان الماضي. مسلسل «الدقلة في عراجينها» خارج رمضان يبدو أن توجه التلفزة التونسية لعدم المجازفة بخوض التجربة وتسجيل الحضور في محاولة للاستفادة من التجارب السابقة والاستجابة لمطالب واقتراحات البعض لهذا المرفق العمومي وذلك بتقديم وإنتاج أعمال درامية جادة تنفتح على الأدباء والكتاب والمؤرخين التونسيين تروج للثقافة والحضارة الوطنية وتكرس في أهدافها وشكلها ومضمونها ترسيخ تاريخ تونس ووطنيتنا لدى الأجيال الناشئة بصفة خاصة والمواطن التونسي عامة على غرار ما قدمته الدراما المصرية أو السورية والتركية. وما عزز هذا التوجه أيضا هو الإقبال الذي ما انفكت تحظى به الأعمال الدرامية في البرمجة التلفزية التونسية على حد السواء. خاصة أن المسلسلات أصبحت مادة أساسية في البرمجة التلفزية وتعد مقياسا لنجاح برمجتها من خلال الاحتكام لها في عمليات سبر الآراء التي تقود بها المؤسسات المختصة في المجال. وعلمنا في نفس السياق أن التلفزة التونسية انطلقت في ضبط متعلقات إنتاج عمل درامي تاريخي ضخم من حيث التكاليف المادية او من حيث القيمة الفنية والثقافية يتمثل في تحويل رواية «الدقلة في عراجينها» للراحل البشير خريف إلى عمل درامي. وستوكل مهمة كتابة السيناريو الخاص بهذا العمل التاريخي إلى «مجموعة» أي في شكل ورشة يشارك فيها فنيون ومخرجون وكتاب مع المحافظة على «روح ولب» القصة الأصلية. وينتظر ان يعرض هذا العمل خارج السياق الرمضاني في مسعى من نفس المؤسسة للقطع مع تقاليد الإنتاج الرمضاني. وفيما يتعلق بهذا العمل الدرامي التاريخي الضخم سوف لن تتكفل مؤسسة التلفزة الوطنية وحدها بالإنتاج نظرا لارتفاع تكلفة الإنتاج الدرامي وفي إطار سياسة ترشيد النفقات، سيتم البحث عن شراكة مع منتجين من القطاع الخاص من أجل ضمان انجاز عمل متكامل.