تنتشر بعدد من مناطق معتمديّة القلعة الكبرى وعلى أطراف المدينة عدد من مصبّات النّفايات سواء منها المرخّص في استغلالها من قبل بلديّة المكان أو تلك التي يقترحها أصحاب بعض الأراضي الفلاحيّة المنخفضة والمتاخمة للأودية لتكون وجهة أصحاب الشّاحنات من ناقلي مختلف أنواع الفضلات والنّفايات بهدف ردم منحدرات هذه الأراضي وبسطها وجعلها في مستوى ارتفاع سائر الأراضي المجاورة فتغدو بذلك واقعا يخلق عديد الإشكاليّات البيئيّة والصحيّة التي تهدّد بشكل واضح ومباشر الثّروة الغابيّة والحيوانيّة فضلا عن كونها تمثّل خطرا حقيقيّا يمسّ من سلامة المائدة المائيّة بالجهة بحكم تواجد عدد كبير من الآبار على بعد أمتار قليلة من هذه المصبّات ونتيجة لتنوّع النّفايات التي يقع إلقاؤها بالمصبّات التي يتزايد عددها بغابة الزّياتين من سنة إلى أخرى فالمصبّ العشوائيّ (بئر حلاوة) مثلا الموجود على طريق 48MCيمثّل في أحيان كثيرة مصدر إزعاج للمتساكنين نتيجة للرّوائح الكريهة والخانقة التي تنبعث بعد كلّ عمليّة حرق للنفايات التي تتكوّن أساسا من بقايا أمعاء الدّواجن فضلا عن نفايات بلاستيكيّة لعدد من المؤسّسات الصّناعيّة وعمليّات حرق غالبا ما تتمّ دون أيّ متابعة أو مراقبة وهو ما يفسّر عديد الحرائق التي نشبت في هذا المصبّ وألحقت أضرارا كبيرة بغابات الزّيتون الموجودة في محيطه . ذات الوضع البيئي الخطير ولئن اختلف في بعض التّفاصيل ينسحب على مصبّ آخر يفتح على مستوى الطّريق السيّارة والذي يشهد بدوره اتّساعا مطّردا في رقعته يوما بعد آخر واكتساحا للأراضي الفلاحيّة المجاورة نتيجة انتشار وارتفاع أكوام فضلات البناء ونفايات المؤسّسات الصّناعيّة والمواد الصّلبة على اختلاف أنواعها وهو ما يسهم في تشكيل كارثة بيئيّة حقيقيّة . بقايا مستلزمات طبيّة في متناول الصّغار! يستقبل المصبّ العشوائيّ بوادي براهم في اتّجاه طريق ورّاد يوميّا آلافا من أطنان النّفايات والفضلات بما فيها بقايا مستخدمات ومستلزمات طبيّة (حقن إبر ضمائد..) يقع إلقاؤها في الوادي دون الأخذ بعين الاعتبار الاحتياطات الضّروريّة الواجبة من خلال الحرص على إحكام ردمها حتّى لا تكون في متناول الأيدي وبصفة خاصّة أيدي الأطفال الصّغار الذين يسجّلون حضورهم بكثافة أيّام الآحاد بغابات الزّيتون وهو ما يمثّل خطرا كبيرا يهدّد سلامتهم كما عبّر بعض الفلاّحين عن تذمّرهم من الرّوائح الكريهة التي تفرزها بقايا المستخدمات الطبيّة واستنكروا من طريقة التخلّص من هذه المواد الخطيرة ورأوا فيها كثيرا من الاستهتار وغيابا لروح المسؤوليّة وتساءلوا عن دور الشّرطة البيئيّة التي تمّ تركيزها في الفترة الأخيرة وتجهيزها بشاحنة جديدة وطالبوا بضرورة أن تضطلع هذه المصلحة بمسؤوليّاتها من خلال تأمين متابعة دقيقة للوضع البيئي بكامل مناطق المعتمديّة وتعقّب كلّ التّجاوزات والتصدّي للانتشار الملفت للمصبّات العشوائيّة لا الاقتصار فقط على ما يتمّ تسجيله من إخلالات بيئيّة وتجاوزات بوسط المدينة والمناطق الحضريّة . هل أضحت المدينة مصبّا للنّفايات؟ بالرّجوع إلى العدد الكبير من المصبّات التي ما فتئت تنتشر بالمعتمديّة وتتزايد من فترة إلى أخرى تساءل العديد من النّاشطين المدنيين والمهتمّين بالشّأن البيئي حول ما إذا كانت النيّة تتّجه بالفعل إلى تحويل غابة القلعة إلى مصبّ للنّفايات خصوصا بعد أن لاحظوا بصفة منتظمة شاحنات تتبع بلديّتي حمّام سوسة وأكودة مع مطلع وغروب شمس كلّ يوم تأخذ طريقها في اتّجاه المصبّ المنظّم الموجود بطريق الرّكنين وتساءلوا عن دور السّلط ومصالح وزارة الفلاحة في حماية غابات الزّيتون والمائدة المائيّة ممّا يتربّص بها من مخاطر .