صيحة فزع وصلتنا من عدد من أحباء البيئة ومن أهالي منطقة «بشاطر» من معتمدية بنزرت الجنوبية جرّاء ما تتعرض له واحدة من اجمل غابات الشمال التونسي وهي غابة المنارة بعد ان حوّلها بعض الأشخاص الى مصبّ مفتوح لنفايات مسالخهم. «الشروق» تحوّلت مطلع الاسبوع على عين المكان وفي طريقنا كنّا نحاول رسم صور لما يمكن ان نكتشفه بناء على المعطيات التي وصلتنا غير ان الواقع الذي وجدناه كان أخطر وأفظع مما توقعناه... أكوام كبيرة من فضلات الدواجن وطيور نافقة وجحافل من الذباب الأزرق والديدان البيضاء المتكوّنة من الفضلات وروائح كريهة غطّت رائحة «الكليل» والزعتر والسرْول والصنوبر المكوّنات الطبيعية للبيئة هناك. مذابح خارج القانون وأفادنا شهود عيان ان مصدر هذه الفضلات هي مذابح عشوائية للدواجن والأرانب منتشرة بالجهة على ملك خواص يعمدون الى إلقائها بعد ذبح الدواجن في أقرب مكان منهم دون مراعاة لمبادئ السلوك البيئي رغم وجود حرّاس غابات غير ان هؤلاء الحراس لعبوا دور «شاهد ما شافش حاجة». وقد اختاروا الغابات لإخفاء جرائمهم في غفلة من الحراس. خرفان ترعى من الفضلات الخطير في المسألة ان قطعانا من الخرفان ترعى باستمرار في تلك المنطقة ومنها من اصبح يرعى من هذه الفضلات مما يهدد حياتها بالخطر ويهدد حياة الانسان ايضا وهذا ما أكده لنا البيطري رضا غمران حيث اوضح لنا ان فضلات الدواجن او بقايا الدواجن يمكن ان تكون مصدرا لأنواع خطيرة من البكتيريا والامراض مثل بكتيريا السلمونيلا التي نجدها في بقايا الدواجن والتي تعيش في مجاري المياه وتخترق الموائد المائية وتتسبب في الإجهاض عند النساء والى موت الصغار والاسهال عند الكبار. كما ان مثل هذه البقايا قد تتسبب في ظهور أمراض خطيرة عند القطعان مثل «كوكسيديون» ومن أعراضه إسهال بالدم وقد يتطوّر الامر الى النفوق ويمكن ان يمرّ للإنسان كما يمكن ان تتسبب في ظهور مرض الديدان الشريطية لدى الأبقار. غياب لإدارة الصحة والغابات الملفت للانتباه في المسألة انها انتشرت في المنطقة كلّها تقريبا ولعل ما شجع أصحاب المذابح على المواصلة في هذا السلوك هو غياب إدارتي الصحة والغابات حيث أكد لنا بعض الأهالي أنهم اتصلوا بإدارة الصحة ولفتوا انتباه المسؤولين عليها لكنهم لم يجدوا اي تجاوب نفس الشيء مع إدارة الغابات والتي لديها نقاط حراسة فإنها اكتفت بالاستماع اليهم دون تدخل ويأمل أحباء البيئة وأهالي المنطقة ان تتحرّك الجهات المسؤولة لإيقاف هذا السلوك وردع المخالفين ورفع الفضلات قبل ان تشتد حرارة الطقس باقتراب فصل الصيف خاصة ان المنطقة تعتبر مزارا للمصطافين وملاذا للعائلات. كلاب بحجم خنازير وجود أطنان من هذه الفضلات جعل عددا كبيرا من الكلاب السائبة تستوطن الغابة وتأكل منها ليلا نهارا مما ضاعف من حجمها وجعلها شرسة تهدد اي شخص يحاول الاقتراب منها ويضع حياة حتى الأطفال من سكان المنطقة في خطر. الدجاج الحي هذه المذابح والمداجن لم تكتف بهذا التصرف بل عمد بعضها الى بيع الدجاج الحي بأسواق بنزرت وهو أمر ممنوع قانونا منذ 2006 حين تم تنظيم القطاع بعد ظهور أنفلونزا الطيور. الغريب في الأمر ان بعض طيور الدجاج يصل وزن الواحدة منها الى أكثر من 5 كلغ مما يطرح تساؤلات حول العلف الذي يقدّم لها. ملف في حاجة للمتابعة من إدارات البيئة والغابات والصحة قبل فوات الأوان.