تتسم تجربة غازي الزغباني المسرحية بالثراء والتنوع والبحث فإلى جانب أعماله التونسية انفتح على فضاءات مسرحية أجنبية على غرار عمله مع المسرح الكوري وانجازه لعملين مسرحيين بكوريا الجنوبية وتعاونه مع تجارب ألمانية وأخرى فرنسية.. ولئن استلهم هذا المخرج والممثل جل أعماله الركحية من الأدب العالمي واقتبس العديد من روائع مسرح العبث على غرار «سوايع» (عن المغنية الصلعاء ليو جين يونسكو) و»الطرح» (عن الخادمات لجون جيني) و«عقاب أحد» عن «حديقة الحيوان لادوارد آلبي) إلا أن أحدث إنتاجه للموسم الثقافي الحالي «الهربة» والمنتظر برمجة عرضه - قبل الأول- يوم 14 ديسمبر الحالي فيعد أولى ثمار تعاونه مع كاتب تونسي وهو حسن الميلي الذي يكتب باللغة الفرنسية.. عن هذا العمل المسرحي الجديد - وتدور أحداثه في ماخور بين مومس ومتطرف ديني- وعن تجربته السينمائية القادمة وبرامج فضاء «الأرتيستو» للموسم الثقافي 2017/2018 كان ل«الصباح الأسبوعي» هذا اللقاء مع المخرج والممثل غازي الزغباني: ● «الهربة» مقتبسة عن «La P..Savante» فهل اخترت تغيير العنوان الأصلي للعمل خوفا من ان تثير المسرحية جدلا قبل مشاهدة مضمونها؟ - وجدت أن هذا العنوان مناسب أكثر للعمل وحين اقترحته على الكاتب حسن الميلي أعجب به، شخصيا أفضل أن يكتشف الجمهور العمل وأن لا يحكم على المضمون من العنوان و»الهربة» المقتبسة عن مسرحية باللغة الفرنسية للكاتب التونسي حسن الميلي (نشرت في سنة 2013) بعنوان «La P..Savante» تدور أحداثها في ماخور وتسلط الضوء على الخور الذي نعيشه اليوم في تونس من خلال شخوص تتفاعل في هذا الفضاء المتسخ والمتعفن ومن بين هذه الشخصيات العاهرة. وهذا المشروع لن يكون الأخير مع الكاتب حسن الميلي فهناك تعاون آخر في القريب. ● أحداث مسرحية «La P..Savante» لحسن الميلي تدور في الثمانينات فهل سيكون الإطار الزمني نفسه ل«الهربة» وما المختلف في اقتباس عمل لكاتب تونسي عن المسرح الأجنبي؟ - الإطار الزماني للقصة الأصلية في الثمانينيات لكن قمنا بإسقاط أحداثها على الراهن.. من سيشاهد المسرحية سيدرك أن ما عاشته تونس من قبل يتكرر اليوم. احترمت البنية الأساسية للعمل ولو لم تمسني المسرحية لما قمت بتقديمها هي «تونسة» للعمل أكثر منها اقتباس، فقد سبق وقدمت اقتباسات لكتاب عالميين من مسرح العبث وأول مرة أقدم عملا لكاتب تونسي وهو عمل يحمل الكثير من الدلالات والرمزيات ● وهل ان اختيار نادية بوستة يعود لجرأة الدور أم عن قناعة بطاقاتها الفنية؟ - لا أعتقد أنه يمكن للممثلات رفض هذا الدور ونادية ممثلة تملك فكرا ووعيا يمنحانها قدرة على تقديم هذا الدور، الذي لا يصور حياة عاهرة عادية تناقش «الكليشيات» وإنمّا مومس عارفة ومدركة وسيشاهد الجمهور نادية بوستة في دور مختلف، جريء وقوي أجادت تقديمه فهي تبتعد عن «العاهرة» الكلاسيكية المقترحة فنيا في جل الأعمال وتتفاعل مع بقية شخصيات المسرحية لتعكس العفن والخور المنتشر في حياتنا الاجتماعية والسياسية الراهنة. ● اختيار شخوص سلبية مومس، متشدد ديني وحريف في ماخور.. هل هذه تونس اليوم في اعتقادك؟ - لن أقول أن تونس اليوم صارت ماخورا لكن الكثير من المظاهر الاجتماعية والسياسية تجعلنا نشعر وكأننا في ماخور.. الشخصيات الثلاث سلبية في المجتمع لكن في العمل ستقوم بفضح الكثير من خور مجتمعنا الراهن والمكان (الماخور) يرتبط بالأوساخ والعفن، الذي يرمز لعديد السلبيات المتراكمة في حياتنا، المسرحية تعري وتفضح المجتمع كما تضعنا في مواجهة مع ذواتنا وعلاقتنا مع جسدنا والأخر.. فهناك علاقة تفاعلية بين الشخصيات الثلاث: المتشدد الديني يقترح صورة مختلفة عن المتعلم الذي يتحول إلى متشدد لأسباب عديدة نكتشفها خلال أحداث «الهربة» وهي فئة اجتماعية أكثر خطورة من غيرها إذ تستغل علمها سلبا ضد المجتمع فيما يكون دور الحريف رغم مساحته الصغيرة محرك للأحداث ومؤثر جدا في تطورها وتعري المومس هذه المظاهر الكاذبة للمجتمع وتواجه زيفه. ● تعود مرة أخرى للتعاون مع محمد حسين قريع؟ - أعتقد أنه حان الوقت في تجربتي لتأسيس مجموعة تعمل في أجواء وفكر واحد وهذا العمل الرابع مع محمد حسين قريع وهناك تعاون قادم ودوره مهم جدا في تأثيره على الأحداث وحضوره يضيف للعمل ● وماذا أعد فضاء «الأرتيستو» للموسم الثقافي الحالي؟ - سنعمل على تقديم ثلاثة عروض مسرحية «الهربة» باعتبارها العمل الأساسي وهو ذاتي وغير مدعوم مع العودة لبرمجة عقاب أحد و«وزن الريشة» إلى جانب «لقاءات الأرتيستو» المسرحية في دورتها الخامسة ماي القادم إلى جانب نص «سيكاتريس» لحاتم جوهر والذي سنقدمه للدعم في شهر مارس مع برمجة العمل الفرنسي التونسي «la solitude» عن نص عالمي ل»برنار ماري كولتيس» ونصه «في عزلة حقول القطن» وسيكون للسينما نصيب في برمجتنا من خلال مهرجان «فيلم الهاتف الجوّال» في دورته الثانية ومهرجان جديد في دورته التأسيسية سيكون للفيلم المنجز بإمكانيات ذاتية دون ميزانية ويسعى لتسهيل انجاز أفلام الشباب المنخرطين في ورشة «الأرتيستو» الخاصة بالفن السابع. ● هناك اهتمام متزايد من قبلك بالمشاريع السينمائية هل ننتظر فيلما قريبا؟ - سنة 2018 ستكون سنة السينما بالنسبة لي إذ سأكون حاضرا كممثل في أكثر من فيلم وأسعى كذلك لتصوير مشاريعي السينمائية، منها عمل وثائقي عن الجنوب التونسي . «الهربة» بطولة نادية بوستة٫ غازي الزغباني ومحمد حسين قريّعة عن شاب متخرّج حديثا ومتشدّد دينيّا يهرب من الشرطة وسط أزقّة الأسواق العتيقة بتونس فيجد نفسه مجبرا على الاختباء في غرفة مومس في ماخور المدينة فيتوسّل اليها أن تساعده مرغما على تحمّل جملة من المفارقات بين أفكاره الدينيّة المتشدّدة وتحرّرها المفرط فتضعه في مواجهة مع ذاته وأفكاره وتزداد الوضعيّة تعقيدا وطرافة بدخول زبون إلى الغرفة.. ممّا يضطره إلى الاختباء تحت السرير غير قادر إلاّ على الانتظار.