لأوّل مرّة منذ تأسيسه، تخرج الخلافات الداخلية والمواقف المتضاربة بين قيادي آفاق تونس إلى العلن بعد اجتماع مجلسه الوطني المنعقد يوم السبت 16 ديسمبر الجاري والتصويت بالأغلبية على قرار مغادرة الحزب حكومة يوسف الشاهد. فقد أعرب تسعة قياديين من أعضاء الهيئة التنفيذية والمكتب السياسي والمجلس الوطني والكتلة النيابية لحزب آفاق تونس في بيان عن استيائهم العميق ممّا أسموه «ممارسات مريبة راجت داخل الحزب خلال الأيام الأخيرة لتطويع مؤسسات الحزب والتأثير بالضغط عليها وحملها على اتخاذ قرارات بعيدة عن المصلحة الوطنية»، مؤكدين تشبّثهم بوثيقة قرطاج التي «انبثقت عنها الحكومة ودعمهم لها كضمان للاستقرار السياسي والاجتماعي»، محمّلين رئيس الحزب ياسين إبراهيم مسؤولية هذا القرار وتبعاته من "تقسيم داخل الحزب وتأزم للوضع السياسي خارجه والتنكّر لوثيقة قرطاج». أمضى على هذا البيان كلّ من فوزي عبد الرحمان نائب رئيس الحزب ووزير التشغيل وسميرة مرعي نائبة الرئيس ووزيرة الصحة سابقا ورياض الموخر رئيس المجلس الوطني المستقيل ووزير البيئة وهشام بن أحمد عضو الهيئة التنفيذية وكاتب دولة للتجارة الخارجية وعبد القدوس السعداوي الناطق الرسمي باسم الحزب وعضو الهيئة التنفيذية وكاتب دولة لدى وزيرة الشباب والرياضة وحافظ الزواري وأنور العذار وهاجر بالشيخ أحمد وفاتن قلال النواب بالبرلمان. في هذا السياق اتصّلت «الصباح الأسبوعي» بالقياديين فوزي عبد الرحمان وسميرة مرعي لمزيد التوضيح والاستفسار عما آلت إليه الأوضاع داخل الحزب إلاّ أنّهما رفضا الإدلاء بأي تصريح إعلامي بهذا الشأن. الجدير بالتذكير أنّه منذ أشهر يُهدّد ياسين إبراهيم رئيس الحزب بالانسحاب من وثيقة قرطاج ومن حكومة يوسف الشاهد، ومنذ فترة أيضا وجّه إبراهيم العديد من الانتقادات لقرارات حكومة الوحدة الوطنية وأيضا للائتلاف الثنائي بين النهضة والنداء وخصوصا لقانون المالية ما اعتبره عدد من مراقبي الشأن العام والسياسي بالمواقف المتشجنّة والمتناقضة في نفس الوقت. كثيرون لم يتفاجؤوا بقرار أغلبية المجلس الوطني بالانسحاب من حكومة يوسف الشاهد ومغادرة وثيقة قرطاج، كما لم يستبعدوا في ذات الاتجاه هذا التصدّع الذي حدث صلب الحزب فهي نتيجة متوقعة حسب نظرهم بدأت تبرز ملامحها من خلال التذبذب الحاصل في كتلته النيابية ونتائج تصويتها التي أحيانا لا تكون موحّدة. لكن عضو المكتب السياسي والمكلّفة بالإعلام بالحزب زينب التركي أوضحت ل»الصباح الأسبوعي» أنّه «خلال المجلس الوطني الاستثنائي عبّرنا بكلّ وضوح عن رفضنا لقانون المالية بما أنه يتعارض مع رؤية الحزب وبرنامجه ولا يخدم مصلحة المواطن وقد تواصل النقاش على مدى 6 ساعات كاملة بمشاركة أكثر من 100 شخص». وأضافت التركي أنّه «خلال النقاش أربعة أعضاء من ممثلي الحزب في الحكومة قدموا رأيهم الرافض لمغادرة الحكومة والانسحاب من وثيقة قرطاج، لكن أكّدوا في نفس الوقت أنّهم سيلتزمون بقرار المجلس الوطني مهما كانت نتائجه، وذهبوا إلى أكثر من ذلك حيث أكّد رياض الموخر أنّه إذا قرر المجلس الخروج فسأقدّم استقالتي من الحكومة يوم الاثنين». وفي ردّ على سؤال «الصباح الأسبوعي» حول «أسباب تغيير الموقف وإصدار البيان للعلن واتهام رئيس الحزب بالتفرّد بالقرار» أفادت القيادية زينب التركي أنّ «العديد من قياديي الحزب عبروا عن رفضهم التهديدات بالتجميد والاستقالة والتعبير عن الرأي بالخروج للعلن لأن الديمقراطية تفرض الاحتكام لقرارات أعلى سلطة للحزب ألا وهي المجلس الوطني». ورجّحت المكلفة بالإعلام أن «يكون إصدار البيان مجرد قرار انفعالي من قبل القيادين الموقعين عليه والحزب لن يتخذ حاليا أية إجراءات في انتظار مناقشة المسألة من قبل هياكل الحزب « ورفضت محدثتنا التعليق على أن يكون السبب وراء رفض الانسحاب من الحكومة ووثيقة قرطاج مرّده التشبّث بكرسي الوزارة. لكنها في ذات الوقت استنكرت ما جاء على لسان وزير التشغيل فوزي عبد الرحمان بخصوص السلوك التسلطي لرئيس الحزب ياسين ابراهيم وقالت «استغرب من مثل هذا التصريح والحال أنّه أكّد في العديد من المناسبات أن قياديي الحزب لا يخضعون إلى أية ضغوطات وأن قرارات الحزب تؤخذ صلب مؤسساته وهياكله». وتساءلت زينب التركي «هل لأن التصويت جاء ضدّ رغبته أصبح ياسين إبراهيم متسلّطا ويتخذ القرارات بصفة أحادية ..؟»