لا تزال التوازنات السياسية داخل نداء تونس غير واضحة بعد صعود أصوات مخالفة للموقف الذي كان أعلن عنه مسؤول السياسات برهان بسيس من خلال الدعوة إلى القطيعة مع حركة النهضة والمراجعة الجذرية لواقع العمل المشترك بين الحزبين. فقد اعتبر القيادي بنداء تونس خالد شوكات انه «لا يوجد صوت واحد داخل الحزب ذلك ان لدعاة التوافق صوتهم أيضا وان الحديث عن القطع مع شركائنا في الحكم هو موقف أشخاص وليس موقف الحزب وفق البيان الصادر عن المدير التنفيذي والذي لم يتعرض فيه إلى مسالة القطع والقطيعة». وأضاف شوكات «أن التوافق لم يكن مزاجيا حتى ندعو لفض الشراكة بل انه موقف وطني اتخذ بعقلانية من قبل رئيس الجمهورية الاستاذ الباجي قائد السبسي». وفي سؤال ل«الصباح» عن التوجهات العامة لاجتماع نهاية هذا الأسبوع اكد شوكات «أن كل الآراء موجودة وان الحديث عن تغييب التوافق هو في الأصل حديث سابق لأوانه لأنه لابد من عرضه أولا على هياكل الحزب التي ستكون لها الكلمة الفصل واعتقد ان كل ما قيل يندرج في اطار رد الفعل الطبيعي على هزيمة لم نتوقعها وبالتالي فان القرار يجب ان يأخذ الوقت الكافي من النقاش وهو ما لم يحصل». وختم شوكات قائلا: «إن الأمر لا يتعلق بالنداء فقط بل يتعلق باستقرار الوضع العام عموما». من جهتها أصدرت حركة النهضة بيانا اثر اجتماع مكتبها التنفيذي، ولعل ما يميزه هذه المرة انه لم يستعمل كما جرت العادة عبارة «تثمين التوافق» أو العمل «السياسي المشترك» في إشارة واضحة إلى أن للحركة موقفا غاضبا مما أتاه شركاؤها في النداء. كما تميز بيان المكتب التنفيذي بإدراجه لجملة كثيرا ما استعملتها الحركة قبل مارس 2013 (وهو التاريخ الموافق للقاء باريس) حيث عبرت النهضة «عن انشغالها من محاولة بعض الأطراف التي اقترن اسمها بالاستبداد والفساد، تسميم الأجواء السياسية والتشويش على المسار وتكريس منطق الاحتقان والاستقطاب وتقسيم التونسيين». من جهة أخرى دعا القيادي بحركة النهضة محمد القوماني نداء تونس الى مراجعة مواقفه وقال في هذا السياق «تسبّبت انقسامات نداء تونس في تشتيت واضح ومؤثر لقاعدته الانتخابية في 2014، ولعب حزب مشروع تونس خاصّة، وأمينه العام محسن مرزوق الذي رابط بألمانيا وألقى بكل ثقله، دورا حاسما في إضعاف مرشّح النداء وفوز ياسين العياري». واضاف القوماني «إن المشروع افتك جزءا مهمّا من الماكينة الانتخابية للنداء وشنّ حملة على الحزب ومرشحه وأخذ ثلث أصوات من شاركوا من القاعدة الندائية هذا إضافة إلى تأثير مرشّحين آخرين من المنشقين عن النداء». موقف القوماني شاركه فيه رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نورالدين العرباوي الذي لفت إلى أنّ «السبب المباشر لهزيمة مرشح نداء تونس هو الامين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق الذي اشتغل بقوة في ألمانيا ليتحصل مرشحه على 132 صوتا» مبينا « ان هذا العدد من الأصوات هو لندائيين سابقين ولو آلت لمرشح النداء لفاز في هذه الانتخابات». واضاف إنّ خصوم النداء والنهضة قد بذلوا كل ما في وسعهم لهزيمة مرشح النداء واستعمال النتيجة لضربهما وضرب التوافق الحاصل بينهما. وحول موقف النداء قال العرباوي إن مستقبل التوافق بين حركتي النهضة والنداء هو «خيار وطني استراتيجي وليس خيار أشخاص أو أحزاب». وبين في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أمس الأربعاء «أنّ حزب نداء تونس هو حزب شريك وصديق لحركة النهضة وما صدر عن قيادييه من تصريحات شأن داخلي لا يستدعي من الحركة التدخل». وفي رده على موقف عضوي حركة النهضة قال القيادي الشاب بمشروع تونس ايمن البجاوي «ان دخول المشروع للانتخابات في المانيا كان وفق رؤية وطنية جامعة وبرنامج حقيقي قابل للتطبيق بعيدا عن الوعود الزائفة وهو ما خلق شكلا من التواصل بين مرشحة الحزب والناخبين». واضاف البجاوي «استغرب ان ترمي حركة النهضة كرة فشل التوافق في ملعب مشروع تونس وعلى شخص الامين العام محسن مرزوق الذي يعمل على تأسيس مشروع وطني عصري جامع وهو ما بيناه في بياننا الصادر امس.» فهل تحافظ حركة النهضة على ما تبقى من شريكها في الحكم ام سينجح مرزوق في استمالة بقايا حزب النداء؟