فقدت الساحة الثقافة أمس السبت 30 ديسمبر المخرج السينمائي الكبير عمار الخليفي. وعمار الخليفي من مواليد 16 مارس 1934 وهو مخرج لخمسة أفلام أبرزها فيلم «الفجر» أول فيلم عرفه به جمهور السينما في تونس سنة 1966 وهو كذلك أول فيلم طويل تونسي بعد الاستقلال، تلاه فيلم «المتمرد» سنة 1968 ثم «الفلاقة» سنة 1970 الذي فاز بالجائزة الذهبية في مهرجان موسكو السينمائي الدولي سنة 1971، ثم فيلم «صراخ» سنة 1972 و«التحدي» سنة 1986. وعمار الخليفي كاتب سيناريو كل أفلامه ومنتج فيلم المتحدي، وتناولت هذه الأفلام تفاصيل عن التاريخ الوطني التونسي والملاحم النضالية ضد الاستعمار الفرنسي. اهتم الفقيد بالتاريخ التونسي، وألف عدة كتب في هذا المجال؛ من بينها «المنصف باي» و«بنزرت.. معركة بورقيبة»، كما ألف كتابا عن السيرة النضالية لصالح بن يوسف.. وكان فيلم «الفجر» الذي استحق عليه صاحبه لقب رائد السينما التونسية قد عرض في السينما وفي التلفزة ودور الثقافة والشباب منذ سنة 1966 مئات المرات. تدور أحداثه في السنوات الأخيرة من الحماية الفرنسية على تونس أي بين سنة 1954 و1 جوان 1955 تاريخ عودة بورقيبة منتصرا. ويروي قصة ثلاثة شبان انخرطوا في الكفاح الوطني ضد المستعمر الفرنسي واجتمعوا على حب تونس والتضحية من اجلها رغم اختلاف الطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها. الثلاثي تكوّن من مصطفى البطل (حبيب الشعري) عامل ميكانيكي من عائلة بسيطة ومنطقة شعبية وهادي (الفنان احمد حمزة) شاب من عائلة ميسورة الحال آمن بالقضية التونسية وتبناها، وحسن (الطاهر حواص) فلاح ملتزم بالقضية وموزع مناشير. انضم ثلاثتهم إلى خليّة لمقاومة المحتل الفرنسي وقاموا بعمليات عديدة من بينها الإفراج عن معتقلين تونسيين قبل إعدامهم ومهاجمة مخزن للأسلحة وقتل المتواطئين القوادة لفرنسا قبل ان يلتحق مصطفى للكفاح المنظم مع الثوار والفلاقة.. وقد قام بادوار البطولة فيه كل من حبيب الشعري وأحمد حمزة والطاهر حواص وحطّاب الذيب وجميلة العرابي وعبد الرزاق عبيريقة ومنجي يعيش وتوفيق العبدلي وشاركت فيه الراقصتان المشهورتان آنذاك زينة وعزيزة. وكانت مندوبية الثقافة بتونس قد كرمت الراحل عمار الخليفي في حفل انتظم بالمناسبة في مارس 2016 بمناسبة مرور 60 سنة على حصول تونس على استقلالها وقال حينها عمار الخليفي انه يريد أن يعبر عن عميق امتنانه لمن كرموه وعملوا على مزيد التعريف بمسيرته الفنية وأثرها في السينما التونسية وذكّر بفضل من ساعدوه على أن يكون عمار الخليفي السينمائي وكاتب السيناريو ونوه بما منحه إياه الأستاذ الشاذلي القليبي من ثقة وتشجيع لينجز أول فيلم سينمائي طويل تونسي مائة في المائة وكان رهانا كبيرا وتحديا عظيما بالنسبة لتلك الفترة من حياة تونس المستقلة حديثا وهو فيلم «الفجر». ونعت وزارة الشؤون الثقافية أمس في بلاغ لها بكل حسرة وأسى رائد السينما التونسية المخرج عُمار الخليفي صاحب أول فيلم تونسي بعد الاستقلال وعددت مناقبه ووصفت رصيده الثري سواء في المجال السينمائي أو في مجال البحث والكتابة التاريخية. ولا بد من الإشارة إلى أنه بفقدان عمار الخليفي فقدت تونس شخصية هامة وعلامة في الثقافة وذاكرة مهمة، على أمل أن تبقى أعماله حية في الذاكرة وأن تستثمر في التعريف بفصول من تاريخ تونس التي وصفها المخرج الراحل بدقة واجتهد في حفظها للأجيال القادمة.