بعد نجاح عرضه الموسيقي الطربي «شذى الألحان» في رمضان وصيف سنة 2017 وقد اشتمل على مقطوعات موسيقية وموشحات وأغان طربية وأخرى دينية وعلى فقرة من المالوف التونسي وعلى باقة من الأغاني التونسية والشرقية التي يحبها جمهوره لما فيها من طرب وأصالة، أصدر الفنان سمير الزغل مؤخرا ألبوما جديدا اختار له عنوان «مكتوب يا وعدي» وهو في نفس الوقت عنوان أولى الأغاني السبعة التي يشتمل عليها هذا الألبوم وهي «مكتوب يا وعدي» وقولوا لها» و«علاش..علاش» و«هالعالم واللي فيه هل الفجر عليه» و «الليلة عيد يا حبايب» و»يا عيني عالجموسي» و»توحشت وليدي». كل هذه الأغاني لحنها الفنان رياض بوراوي وكتب كلماتها ثلة من الشعراء من بينهم مصطفى زكيز « قولولها» وإيمان الداهش «مكتوب يا وعدي» وفخري بن دبة الذي كتب كلمات «تحوشت وليدي» ورياض بوراي الذي كتب «الليلة عيد يا حبايب». تميزت الحانها بالعذوبة والهدوء والتناسق مع الكلمات عبر فيها سمير بصوته الدافئ الحنون القريب من القلب عن الحيرة والأمل ولام فيها المحبوب على طول الغياب وتغزل بجمال الطبيعة ورد الاعتبار للفنان التونسي الكبير محمد الجموسي وذكر بما قدمه للأغنية التونسية وللفن بصفة عامة. وفي أغنية «توحشت وليدي» التي كانت كلماتها عميقة ومؤثرة جدا اشتكى من البعد والفقد ومن فراق اقرب الناس إلى القلب – الابن- الذي يترك بسفره فراغا كبيرا في النفس والحياة وتمنى رجوعه لتنتهي المعاناة والشعور بالغربة. ويذكر أن سمير الزغل لم يحد عن اختياراته الفنية منذ ظهر على الساحة الفنية التونسية على اثر مشاركته الناجحة جدا في برنامج «نجوم الغد» سنة 1971 حيث كانت موهبته مقنعة خولت له المشاركة في الفرقة القومية الأولى للموسيقى بسوسة سنة 1977 ثم أصبح منشدا بالشبيبة الموسيقية سنة 1978 ومنشدا ومطربا بفرقة التخت العربي سنة 1981 ومنشدا ومطربا بالمعهد الرشيدي للموسيقى التونسية منذ سنة 1985 وقد تميزت مشاركته في حفلات الرشيدية سواء تحت قيادة الراحل الطاهر غرسة وابنه زياد أو مع الراحل عبد الحميد بلعلجية والراحل محمد سعادة كما مع المايسترو نبيل زميط.. سمير الزغل اشتغل كثيرا وثابر خلال خمسة عقود من الحضور الفاعل على الساحة الفنية التونسية وأكد حضوره المتميز لا في مشاركته في المهرجانات التونسية والوطنية أو الجهوية فقط وإنما أيضا في مشاركاته الدولية حيث انه غنى في المهرجانات بالمغرب والجزائر ومصر وبمعهد العالم العربي بباريس وتألق في المشاركة في مهرجان قرطاج الدولي ضمن فرقة المعهد الرشيدي..هذه المشاركات مكنته من الحصول على العديد من الجوائز. أحب سمير الموسيقى والغناء منذ نعومة أظفاره حيث كانت له منذ صغره علاقة وطيدة مع الراديو فتعرّف على الدنيا من خلاله وتربى على الفن الاصيل والراقي الذي كان يذاع وقتها لأنه كان كفيفا ولكن عدم القدرة على النظر لم يمنعه من الدراسة والتميز فيها والعمل في القطاع البنكي الذي كان يعيل منه أسرته، فسمير لم يتخذ من فنه وظيفة ولم يعتبره يوما مصدرا للرزق وانما كان هواية يمارسها بعد العمل فملأت كل كيانه فصقلها وأتقنها ليلتحق بالفرقة القومية التي تكونت سنة 1977 ويحظى بإعجاب المرحومين صالح المهدي والبوراوي السوسي، وقد ساهما في وضعه في المسار الصحيح الذي يتلاءم مع مؤهلاته فسلكه ونحت فيه مسيرته المشرفة ولعل هذه الثقة ونوعية التكوين هما اللذان جعلاه لا يقبل مثل البعض من ابناء جيله ان ينزل الى مستوى الاغاني الهابطة التي تضمن الشهرة وتدر المال الوفير. ونوعية الاغاني والفن الراقي الذي اختاره لمسيرته واحترامه لنفسه ولموهبته لم يساعدا على تمكينه من الحضور الاعلامي الذي يستحقه ولكنه آل على نفسه أن لا يحيد عن مبادئه واختياراته الفنية وعن الموسيقى التي تنبع من القلب وتتجه مباشرة الى الوجدان.