شهد المركز الثقافي الدولي بالحمامات في الفترة الممتدة بين 9 سبتمبر و22 منه زخما فنيا طربيا راوح بين الموسيقى التونسية والشرقية ضمن فعاليات مهرجان المدينة بالحمامات 2008 بالفضاء السحري للمركز، تحديدا بحديقة وبهو دار سيباستيان، اذ تفاعل الجمهور مع سبعة عروض فنية طربية تونسية وعربية، حيث كانت سهرة الافتتاح التي حملت من العناوين «عن نغمة الآلات» مع مجموعة «أحمد الوافي لإحياء التراث» تحت إدارة الموسيقي التونسي توفيق خوجة الخيل «القائد وعازف العود» وبلحسن بالي «عازف الكمانش وسجير خوجة الخيل «عازف الرقش اضافة الى الصوتين كريم المليتي «منشدا وعازفا على آلة العود» وعائدة محمد . وافتتح العرض بمعزوفة صامتة «بشرف سماعي اصبعيين»، ثم غنت عائدة محمد وصلة مالوف «في نغمة الإصبعين» وثانية «في نغمة السيكاه». ليقدم اثرها كريم المليتي مجموعة من روائع علي الرياحي كأغنية»يا شاغلة بالي» و»يعيشها ويحميها» و»عايش من غير أمل في حبك» و»فيهش فايدة نزيد نخبي»، أما عائدة محمد فقد غنت لعليّة «يا مولى الجنحان الطاير» وهي أغنية من ألحان قائد الفرقة توفيق خوجة الخيل، وللهادي الجويني «حبي يتبدل يتجدد» في «ديو» مميز مع كريم المليتي وغيرها من الاغاني. في حين جاءت ثاني حفلات مهرجان المدينة الرمضاني بالحمامات ليلة الخميس 11 سبتمبر امتدادا للجو الطربي الأول، لكن في لون شرقي مع المصري وائل سامي الذي عرفه الجمهور العريض منشدا ضمن سداسي الحفني، وكذلك عازفا على العود في أكثر من مشاركة منفردة بمهرجانات المدن التونسية التي تتوافق كل سنة مع الشهر الكريم. وفي السهرة قدم وائل سامي باقة من روائع أغاني الزمن الجميل مفتتحا حفله الذي تواصل على امتداد الساعة ونصف الساعة بأغنية موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب «يا بابور رايح على فين» ليختتمه بأغنية تراثية تونسية»خلخال بورطلين»، كما غنى «يا ورد مين يشتريك» و»صافيني مرة» و»اسأل نجوم الليل» و»جفنه علّم الغزل» و»أنا في انتظارك» و»عندما يأتي المساء» و»كلّ دا كان ليه» و»بعيد عنك» و»خليك هنا» و»حب ايه» و»سيرة الحب»و»للصبر حدود» في كوكتال رائع لكل من محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم ووردة الجزائرية، كما اهدى جمهور الحمامات كوكتالا من روائع الأغاني التونسية كأغنية»ينجيك وينجيني» لعلي الرياحي و»كي يضيق بيك الدهر» للصادق ثريا. هذا دون أن ينسى اتحاف جمهور الحمامات بآخر انتاجاته الخاصة «يا واد..يا طيب» وسط عاصفة من تصفيق الجمهور. وكانت السهرة الثالثة مساء ليلة الجمعة 12 سبتمبر مع مجموعة»أنيس الخماسي» في عرض حمل عنوان «نغمة حب» وهو من ألحان وانتاج المايسترو عادل بندقة الذي افتتح الحفل بمعزوفة»تونس»، لتغني أسماء بن أحمد (خريجة سوبر ستار العرب 2006) واحدة من أفضل انتاجات عادل بندقة الأخيرة «سرك»، فأنيس الخماسي في أغنية»انت»، قبل أن تتهاطل الأمطار بغزارة في حديقة الدار، ليتم نقل المعدات الى القاعة الفسيحة لتتمة الحفل، وهو ما كان، لتتواصل السهرة الى حدود الساعة الواحدة صباحا وسط انتباه كبير من الجمهور الذي تفاعل مع الأغاني التالية:»كنت للّة» و»سرّك» و»يا مضيع عمري»و»بسمة» و»غنيلي» و»لا غيرك» و»شمعة» و»هات الصوت نغنيلك» ومعزوفات»ياما» «ليالي الاندلس» و»زعمة تصفالي». وتواصلت عروض مهرجان المدينة في أسبوعه الثانيمع المطرب السوري ضياء محمد أديب الدايخ (نجل الفنان الكبير أديب الدايخ) في وصلات من القد الحلبي والمواويل الغزلية برفقة تخته الأصيل بقيادة عازف القانون الفذ محمد نحّاس، فسهرة الإنشاد الصوفي مع حاتم الفرشيشي فالصوت الصوفي التونسي حاتم الفرشيشي وبطانته (فرقة موسيقية متكونة من 13 عازفا ، مطعّمة بآلات من التخت الشرقي إلى جانب الدفوف المعتمدة في السلامية) من خلال عرض «انشاد وارتجال» مساء السبت 20 سبتمبر، حيث أمتع الفرشيشي جمهور الحمامات بصوفيات في طريقة السلامية من خلال صوت يتقن الغناء لا الصياح في هذا الطقس الطقوسي المخصوص لعمالقة المنشدين والأصوات الحقّة، فرباعي خالد بن يحيى على آلة العود والبشير السالمي على الكمان والأسعد حسني ضابط ايقاع وعبد الكريم حليلو (تشلو) وهو العرض الحدث والحصري لمهرجان الحمامات 2008 الذي حمل من العناوين «تسنيم جاز» في مرافقة موسيقية للصوت الطربي الشاب عبير النصراوي، ليسدل الستار نهائيا على المهرجان مساء الإثنين 22 سبتمبر الماضي من خلال عرض امتدّ زهاء الساعتين من الطرب والتطريب أمّنه ليلتها الصوت الحلبي السوري الصاعد كنان باشا في مصاحبة موسيقية لتخت شرقي متكوّن من ثمانية عازفين. الغزل والقصيد الصوفي كان عنوان سهرة الإختتام التي أمتع فيها كنان جمهور الطرب الأصيل بباقة من الأغاني الطربية الحلبية المستلهمة من معين التراث الشامي، أو بما يصطلح عليه موسيقيا بالقد الحلبي، ليغني للمعلّم الأول في هذا المقام صباح فخري قدّك الميّاس ويا مال الشام وغيرها من الأغاني التي تغنّت بالعشق والغزل وسط تصفيق وتهليل كبير من الجمهور العريض الذي غصّ به بهو دار سيبستيان ليلتها. كما غنى كنان لعرّابه عمر سرميني على حد تعبيره باقة من الأغاني الصوفية والغزلية المستلهمة من اللون الموسيقي العربي القديم كالموشح والطقطوقة. هذا وغنى كنان في سهرته التي تواصلت ساعتين وربع الساعة دون انقطاع أغنية الراحلة التونسية الكبيرة عليّة «علي جرى» بطلب من الجمهور.