انطلق صباح أمس 9 جانفي بضاحية «قمرت» بالعاصمة المؤتمر الرابع للناشرين العرب تحت شعار «الكتاب والنشر في الوطن العربي: الواقع والآفاق». مع العلم أن المؤتمر ينتظم منذ سنة 2009 بصفة دورية مرة كل ثلاثة أعوام وكانت الدورة الأولى قد انعقدت في العاصمة السعودية الرياض في حين احتضنت مدينة الإسكندرية الدورة الثانية وانتظمت الدورة الثالثة في مدينة الشارقة. وتواصلت الأشغال كامل نهار أمس وتتواصل اليوم ليختتم المؤتمر الذي ينظمه اتحاد الناشرين العرب بالتعاون مع اتحاد الناشرين التونسيين ووزارة الشؤون الثقافية مساء اليوم بإصدار البيان الختامي. وواكب عدد هام من أصحاب دور النشر من تونس ومن عدة بلدان عربية وعدد من المؤلفين ومن المفكرين من المشاركين في المؤتمر ومن الضيوف الجلسة الصباحية التي افتتحها وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين الذي أكد على مكانة الكتاب في سياسة الوزارة خاصة لاسيما مع إعلان سنة 2018 سنة مدن الآداب والكتاب في تونس. ولم يخف الوزير سعادته باحتضان بلادنا التي تم ترشيحها لتكون عاصمة للثقافة والتراث للعالم الإسلامي سنة 2019 للمؤتمر الرابع للناشرين العرب متوقّعا أن تصدر عنه توصيات من شأنها أن تساعد الحكومات في البلدان العربية على النهوض بالكتاب وعلى مواصلة جهودها من أجل رفع العقبات التي تواجه قطاع النشر وصناعة الكتاب. ومن جهته حيّا رئيس اتحاد الناشرين العرب، محمد رشاد بلدنا تونس التي تعتبر وفق وصفه جسرا لتواصل الثقافة العربية والحضارة الإسلامية مع الثقافات المتعددة في أوروبا أما بخصوص واقع النشر فقد نبه رئيس اتحاد الناشرين العرب من أن صناعة النشر في عالمنا العربي مازالت ضعيفة وتتهددها العديد من الصعوبات التي تحد من تطورها وذلك قبل أن يعدد القضايا التي يتناولها المؤتمر الرابع للناشرين العرب ومن بينها بالخصوص صناعة الكتاب ومضامين الكتاب وحماية حقوق الملكية الفكرية وغيرها. أما رئيس اتحاد الناشرين التونسيين محمد صالح المعالج فقد دعا إلى فتح ما أسماه بنقاش مسؤول وموضوعي لمعالجة جميع القضايا المطروحة في برنامج المؤتمر ومنها بالخصوص ما يتعلق بحرية النشر والملكية الفكرية والقرصنة وأزمة المضمون ومعارض الكتب العربية وتوزيع الكتاب. وتجدر الإشارة إلى أن برنامج المؤتمر يتوزع إلى ما لا يقل عن ثمانية محاور. ويتعلق المحور الأول بمكونات صناعة النشر في حين يهتم المحور الثاني بالمكتبات العربية وسياسة التزويد والفهرسة أما المحور الثالث فهو يتعلق بالنشر والتسويق الورقي والرقمي والكتاب الصوتي. ويهتم المحور الرابع بالمضمون في الكتاب العربي أما المحور الخامس فيتعلق بالملكية الفكرية. وتتعلق المحاور السادسة والسابعة والثامنة بالقضايا التالي: واقع حركة النشر في المغرب العربي وتحديات صناعة النشر في العالم العربي والرقابة في العالم العربي وبالوسائط الإعلامية والكتاب. تشخيص الأمراض في انتظار الحلول وإذا ما اعتمدنا على ما جاء في المحاضرات التي قدمت في الجلسة الأولى يوم أمس فإنه يمكن القول إن أبرز الإشكاليات التي تواجه قطاع النشر تتمثل في تحمل الناشر للمسؤولية الاقتصادية والثقافية للنشر في البلدان العربية وهي مسؤولية صعبة وتتطلب تسخير الجهود والإمكانيات المادية في حين أننا غالبا ما نصطدم بواقع لا يعتبر أن الكتاب والنشر من بين الأولويات. القضية الأخرى التي طرحت والتي ربما لا تقل أهمية تتعلق بالحلقات الأضعف في سلسلة الإنتاج أو في صناعة الكتاب وهي المؤلف الذي غالبا ما يجد نفسه مهمشا. وهناك أيضا مشكلة التوزيع والبيع وهناك من تحدث عن وجود أزمة في هذا الباب خاصة مع منافسة الوسائط الحديثة للكتاب الورقي وتقدم متدخلون ببعض المقترحات من بينها بعث مرصد عربي للكتاب قبل أن يشدد رئيس اتحاد الناشرين العرب على أننا لم ننجز إلى اليوم دراسات دقيقة مهمة حول الكتاب في الدول العربية وخاصة حول ميولات القراءة لدى القارئ العربي. ويبدو أن الأسباب مادية حسب تصوّره.. ويتوقع أن تتيح المناقشات مع تواصل الأشغال خاصة مع حضور ممثلين عن دور نشر في العديد من البلدان العربية سواء بالمغرب العربي أو بالمشرق ومن دول الخليج الفرصة للخروج بمقترحات عملية ودقيقة لأن الجميع تقريبا متفقون حول الصعوبات التي تواجه قطاع النشر في البلدان العربية والجميع يعرفون أن القرّاء العرب مقلّون جدا في مجال القراءة واقتناء الكتاب لكن مازلنا لم نحدد بعد الحلول أو المقترحات العملية التي يمكنها أن تساعد على علاج معضلة العزوف عن القراءة وعن الكتاب لأنها أصل الداء والسبب الرئيسي في أزمة الكتاب في العالم العربي. وإذا ما عدنا إلى محور اهتمام المؤتمر فإنه يمكن القول إن مهمة المؤتمرين لن تكون صعبة فيما يتعلق في تشخيص الواقع لأن الواقع واضح وجلي وإنما ينتظر منهم بالخصوص استشراف المستقبل ومعرفة إن كان للكتاب مستقبل في المنطقة العربية على ضوء ما نراه اليوم وهذه مهمة ليست يسيرة بطبيعة الحال...