لمجابهة تشكيات المواطنين والتذمرات اللاذعة من نقص مادتي السكر والزيت المدعمين بالأسواق وخاصة لدى المتاجر الصغرى و«عطارة» الأحياء الشعبية والمناطق النائية، سارعت وزارة التجارة بالتعاون مع وزارة الداخلية بتشديد تدخلات الجهاز الرقابي والضرب بقوة في عمليات مداهمة للمخازن ومحاصرة المحتكرين والمضاربين ما مكن من حجز أطنان من السكر والزيوت المدعمة وإعادة ضخها في الأسواق وتوزيعها بالقنوات المنظمة لتعود إلى مستحقيها من الفئات المستفيدة من الدعم بدل تحويل وجهتها إلى بعض الأطراف المهنية ونحو بعض الأنشطة الربحية وتوجيه استعمالاتها في مجالات غير الاستهلاك الأسري بطرق ملتوية غير شرعية على حساب الفئات الاجتماعية الهشة للكسب السريع والربح الوفير. حصيلة الحملة الوطنية التي شملت كل الولايات ومكنت من حجز وفق ما أعلنه وزير التجارة عمر الباهي في لقاء إعلامي الجمعة الماضي107 أطنان من السكر و9230 لترا من الزيت النباتي المدعم ورفع 156 مخالفة لا شك أنها تطورت نهاية الأسبوع وعززت نسبيا مستوى التزويد في النقاط التجارية الصغرى التي تشكل عادة قبلة المواطن ضعيف ومتوسط الدخل ما يفترض تواصل العملية واستمرارها ولا تقتصر على بعض الحملات المحددة في الزمن التي بمجرد أن تخفت أضواء الإعلام المسلطة عليها حتى تهدأ وتيرتها وتعود التعاملات في الأسواق إلى سالف عهدها. للمحافظة على انتظامية التزويد بالمواد المدعمة وتثبيت توجيهها إلى مستحقيها دون سواها يتجدد الطرح القائم على ضرورة التعجيل بتنظيم مسالك التوزيع باعتبارها المشكل والحل. هي بالنسبة لمنظمة الدفاع عن المستهلك السبب الرئيسي لهيمنة الفوضى بالأسواق وقانون الغاب جراء التلاعب بالمواد وبالأسعار لكنها أيضا تعد جزءا أساسيا من الحل حسب سليم سعد الله الذي أعلن تمسك المنظمة بالدعوة الملحة إلى إصلاح مسالك التوزيع وتنظيمها للقضاء على البارونات المتحكمة في عدد من حلقاتها. وتعليقا على النتائج التي حققتها حملة مراقبة السكر والزيت النباتي المدعمين من عمليات حجز لكميات هامة من المادتين وإعادة ضخها بالأسواق أرجع سعد الله الأمر إلى أن المسألة تبقى رهينة دعم الجهاز الرقابي بالعدد الكافي من الموارد البشرية باعتبار الحاجة الكبيرة لتكثيف تدخلات أعوان المراقبة في هذه الظروف المعيشية الصعبة التي تحف بالمواطن. وبالنظر إلى ضعف عددهم الراهن وتعدد وتشعب التجاوزات المرتكبة في حق المستهلكين يتعين تعزيز هذا الجهاز لوجستيا وخاصة بشريا. مستغربا إقبال الحكومة على انتداب 600 مراقب جبائي والتغاضي كليا عن سلك المراقبة الاقتصادية التي تمثل الظهر الحامي للمستهلك. والخط الأمامي لمكافحة التجاوزات والمخالفات. إلى هذا تتأكد الحاجة إلى تشديد العقوبات المسلطة على المحتكرين والمضاربين وعدم الاكتفاء بمجرد خطايا مالية لن توقف نزيف التلاعب بالمواد المدعمة وإشاعة الفوضى بالأسواق. وهذا يتطلب مراجعة قانون المنافسة حماية للمقدرة الشرائية للمستهلك. كما طالب رئيس المنظمة الحكومة بلعب دورها كاملا وإلى النهاية في مقاومة غلاء الأسعار. وعدم اقتصار حضورها الإعلامي على بعض العمليات النموذجية كما كان الحال مطلع شهر نوفمبر والتي وإن أتت أكلها حينها من خلال تعدد عمليات مداهمة مخازن تبريد البطاطا وبعض المواد الفلاحية وإقرار تسعيرة خاصة بهذه المادة في مستوى المساحات الكبرى والمتوسطة فإن تقلبات أوضاع الأسواق والممارسات الاحتكارية تتطلب يقظة دائمة وملاحقة منتظمة للمهربين والمحتكرين لضمان انتظامية التزويد. وحول دور المنظمة في مقاومة غلاء الأسعار يقول سعد الله» سيبقى سلاحنا الدعوة إلى المقاطعة والتأكيد على ترسيخ هذه الثقافة لدى المستهلك وعدم الانسياق وراء جشع المضاربين والقبول بمستوى الأسعار المقر مهما كان مرتفعا..». وتعليقا على الاحتجاجات القائمة ضد قانون المالية لسنة 2018 تابع بالقول «لو اتبعت الحكومة سياسة اتصالية ناجعة وبادرت بتفسير لإجراءات قانون المالية وتحديد حجم تداعيات الترفيع في الأداء على القيمة المضافة على أسعار عدد من المواد والخدمات عند مناقشته وقبل اندلاع التحركات الاحتجاجية لما وقع المواطن في اللبس الحاصل الآن وفي الغموض السائد حول حقيقة حجم الزيادات على المواد المحررة..».