مرت اليوم الذكرى السابعة للثورة في جو مشحون بعد التحركات الاجتماعية التي صاحبتها عمليات تخريب واعتداءات على الممتلكات العمومية وعلى المؤسسات في عديد المناطق بعد موجة التضخم وارتفاع الأسعار، وشكلت هذه الذكرى فرصة للعودة على ما تم تحقيقه خلال هذه السنوات بالقراءة والتحليل. ولئن اتفق أغلب المحللين على نجاح بلادنا في تحقيق خطوات هامة في مجال التحول الديمقراطي لإرساء نظام تعددي يحترم الحقوق الأساسية للمواطن ويؤسس لدولة القانون فإن النتائج الاقتصادية والاجتماعية لم تكن في مستوى التطلعات والطموحات التي رفعها المتظاهرون في أيام جانفي 2014 فبقيت مطالب الشغل والكرامة الوطنية بعيدة المنال لتنتج ما عرفناه من انكسار وتراجع الحماس الذي عشناه في الأيام الأولى للثورة. والقراءة السريعة للوضع الاقتصادي والاجتماعي لهذه السنوات تؤكد الطابع الهزيل للنتائج في هذا المجال وفشل السياسات الاقتصادية في خلق ديناميكية اقتصادية قادرة على إعادة الأمل في بلادنا لمئات الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل فالنمو بقي هشا ولم يتمكن اقتصادنا من استعادة نسق النمو لفترة ما قبل الثورة كما عرفت بلادنا تطورا خطيرا وانحدارا مفزعا لتوازناتها المالية فالمالية العمومية عرفت انتكاسة كبيرة إثر التطور الهام للمصاريف دون أن يصاحبه نمو بنفس المستوى لمداخيل الدولة كما عرف الميزان التجاري عجزا كبيرا بعد تطور وارداتنا دون أن نعرف نموا بنفس المستوى لصادراتنا. كما عرفت بلادنا تراجعا كبيرا للاستثمار واختيار المستثمرين اللجوء إلى وضعية انتظار وترقب نتيجة حالة عدم الوضوح التي سادت في هذه السنوات هذا التراجع في الاستثمار جعل من الاستهلاك القاطرة الأساسية للنمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة مما نتج عنه تزايد عجز التوازنات المالية الكبرى في بلادنا. كان لهذه الأزمة الاقتصادية الخانقة عديد الانعكاسات الاجتماعية فبقيت البطالة وبصفة خاصة بطالة أصحاب الشهائد في مستويات مرتفعة كما لم تتمتع المناطق المهمشة بالاستثمارات والاهتمام الذي طالبت به أيام الثورة. هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم خلق جوا من الإحباط وفقدان الأمل في قدرة الديمقراطية على تغيير الأوضاع وتحقيق مطالب الثورة. وهذا الوضع يتطلب في رأيي إعطاء المسائل والتحديات الاقتصادية كل الاهتمام الذي تستحقه فيجب علينا اليوم العمل بكل جدية وتقديم الحلول الضرورية لخلق ديناميكية جديدة ودفع الآلة الاقتصادية وهذا لن يكون برأيي بتطبيق الحلول والسياسات الاقتصادية التقليدية بل بتصور وابتكار حلول جديدة تكون قادرة على دفع الاقتصاد وإعادة الأمل في قدرة الديمقراطية على إعادة الأمل.