تونس:أيها الشغالون بالفكر و الساعد:تحل ذكرى 1 ماي لهذا العام في ظل تعمق المصاعب الاقتصادية و الاجتماعية التي تعيشها بلادنا بما يزيد من عسر و حياة الأغلبية الساحقة من التونسيين. إذ بلغ خيار الاعتماد على الطلب الخارجي إلى طريق مسدود، و مع تراجع الاستثمار و الصادرات و مداخيل السياحة و العمال التونسيين بالخارج تسارعت وتيرة غلق المؤسسات والتخفيض في الإنتاج و تسريح العمال و تفاقمت جراء ذلك أعباء الموازنة و الضمان الاجتماعي و ازداد تفشي البطالة نظرا لعجز نسق النمو الاقتصادي الحالي على استيعاب ارتفاع الطلب المتنامي على الشغل وتوسعت دائرة التشغيل الهش الذي طال الوظيفة العمومية وتواصل مسلسل حصد أرواح العديد من الشباب التونسي فيما بات يعرف بقوارب الموت و شهدت القدرة الشرائية للشغالين و ذوي المداخيل المتدنية المزيد من التدهور جرّاء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية و تزايد ضغوطات الإنفاق على الخدمات الأساسية و ارتفاع نسبة التداين الأسري. كما ازداد تدني مستوى الخدمات الاجتماعية و برزت إرادة اقوى للتفريط في مجانية التعليم و تفاقمت أزمة نظام أنظمة الضمان الاجتماعي على خلفية تواصل عجز المنظومة الاقتصادية على إحداث مواطن الشغل بالاقتران مع اختلال التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية، في مقابل ذلك تزايد منسوب الاحتقان الاجتماعي في العديد من الأوساط و الجهات ليعبر عن نفسه في الكثير من المظاهر الاحتجاجية التي عرفت في بعض الحالات أشكالا مأساوية. ضمن هذا السياق يتطلع الشغالون التونسيون في حيرة و ترقب لنتائج الجولة الثامنة من "المفاوضات الاجتماعية" التي يعتزم الاتحاد العام التونسي للشغل خوضها في مناخ يحمل على الاعتقاد بأن نتائجها سوف لا تفي بتدارك انهيار المقدرة الشرائية و تحسين ظروف العمل و ذلك في ضوء الإعلان الرسمي عن تراجع نسبة النمو الاقتصادي و احتمالخضوعها للرهانات و الاستحقاقات السياسية و النقابية للمرحلة القادمة. من جانب آخر عرفت حالة الحقوق و الحريات و خاصة في أعقاب الانتخابات الرئاسية و التشريعية أكتوبر 2009 مزيدا من التدهور حيث تصاعدت وتيرة المحاكمات بغاية تجريم الإرادة المستقلة للمشاركة في العمل العام لتشمل الإعلاميين المستقلين و الطلبة النقابيين و بقي ملف الحوض المنجمي بعد إطلاق سراح قادة الحركة الاحتجاجية جرحا مفتوحا طالما لم تطو صفحة الملاحقات القضائية و الأمنية و لم تقع إعادة الاعتبار المهني و الحقوقي و الاجتماعي لكل من شملهم التعسف من أهالي المنطقة كما تستمر حالة التضييق و المحاصرة لكل الهيئات المدنية و السياسية المستقلة للحيلولة دون بروز البدائل السياسية الجادة في سياق حالة من الغموض الذي يلف مستقبل تونس نظرا لما يكتنف النهاية الدستورية للولاية الأخيرة للرئيس الحالي من تعتيم لذلك فإن الحزب الديمقراطي التقدمي يجدد مطالبته بإخراج المسألة لدائرة الضوء و يطرح ضرورة التوافق الوطني على قواعد دستورية و تشريعية و سياسية لانتقال السلطة بمشاركة كل التونسيين من أحزاب و جمعيات و شخصيات وطنية دون إقصاء أو استثناء و ذلك ضمن أوسع الدوائر الممكنة للحوار الوطني التي تتوج بندوة وطنية دستورية تحدد الأفق المستقبلي التوافقي لتطور البلاد و تؤهلها لرفع التحديات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية القائمة الأمر الذي يتطلب الإسراع بسن الإجراءات الانفراجية الضرورية لفتح الفضاء العمومي أمام المشاركة السياسية في الإطار الشرعي. إن الحزب الديمقراطي التقدمي الذي رفع لواء التغيير و الإصلاح يؤكد مجددا عدم جواز الفصل بين الحقوق المدنية و السياسية و بين الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و يرفض بشدة غياب التوازن في اهتمام السلطة بين المؤسسة الاقتصادية التي تتمتع بمختلف أصناف الإعفاءات و الامتيازات الضريبية و المالية و بين قوة العمل التي تجمد أجورها و تشدد عليها القبضة الجبائية عبر الخصم من المورد فضلا عن تراجع الإنفاق العمومي على الخدمات الاجتماعية فإنه يعلن يطالب الحكومة بالتعجيل في : 1 إقرار الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي و الفلاحي بما لا يقل عن 420 د و ذلك بمعيار دولارين في اليوم للفرد الواحد على قاعدة معدل التركيبة العائلية ب 5 أفراد. 2 الترفيع الفوري في الأجور و المرتبات في القطاعين العمومي و الخاص بنسبة 25 بالمائة و تعميمها على الجرايات. 3 إقرار تكفل الدولة بخفض نسبة التداين الأسري بنسبة 50 بالمائة. 4 الترفيع في مبلغ منحة انتفاع العمال عند التسريح لأسباب اقتصادية من 200 د إلى 300 د و الترفيع في مدة الانتفاع من سنة إلى سنتين على الأقل حتى توفر إمكانية إعادة الإدماج المهني. 5 تحجير كافة مظاهر التشغيل الهش و تجريم عدم التصريح بالأجور الحقيقية للصناديق الاجتماعية. 6 الترفيع في المدة القانونية للتتبع القضائي لديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المحمولة على المشغّل من 3 إلى 10 سنوات بمفعول رجعي لا يقل عن 5 سنوات. 7 إنهاء العمل بمساهمة الصناديق الاجتماعية في تمويل ميزانية وزارة الصحة. 8 تخصيص نسبة 20 بالمائة من المقابيض الجبائية بعنوان الضريبة غير المباشرة لصالح الصناديق الاجتماعية. 9 إقرار منحة البطالة للمعطلين من أصحاب الشهادات و تمتيعهم بمجانية العلاج حتى لحظة مباشرة العمل مع إعفائهم من دفع معاليم التنقل و المشاركة في المناظرات الوطنية. عاشت نضالات العمال التونسيين.