شهد قطاع النسيج في تونس تراجعا كبيرا على مستوى الإنتاج والتشغيل منذ سنة 2010، ورغم أن هذا القطاع يعد من أكثر القطاعات المشغلة لليد العاملة منذ السبعينات إلا أنه ظل طيلة عقود يشكو من ضعف الهيكلة ومحدودية الإنتاج .... قطاع النسيج وبعد إغلاق أكثر من 400 مؤسسة من مجموع ألفي مصنع للنسيج والملابس الجاهزة في بلادنا تسبب في تسريح آلاف العمال وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لعديد العاملين في هذا المجال خاصة مع غلاء المعيشة وتواصل انتهاك عدد كبير من الأعراف للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتهاون الدولة في تطبيق القوانين بتعلة تشجيع الاستثمار الأجنبي وخلق مواطن شغل للعاطلين عن العمل وفي هذا الإطار، نشير إلى دراسة ميدانية حديثة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي أكدت أن النساء العاملات في قطاع النسيج (85 بالمائة من اليد العاملة في النسيج من النساء) يعشن ظروفا صحية صعبة بسبب نظام التشغيل، الذي يصل إلى عشر ساعات عمل يوميا مع استراحة غذاء لا تتجاوز نصف الساعة على أقصى تقدير. «بنات المعمل»..وأغلبهن محتاجات وذوات مستوى تعليمي محدود يضطررن لامتهان هذا العمل الشاق بعقود تشغيل على خلاف الصيغ القانونية منها المناولة أو المشروطة بفترة محددة بأجر لا يتجاوز في الغالب 400 دينار في ظل قطاع يشكو بدوره الكثير من الهنات في السنوات الأخيرة. «الصباح الأسبوعي» رصدت التطورات الأخيرة، والتي يلعب فيها الصناعيون الأتراك دورا ، يبدو أنه لا يرضي جميع الأطراف الفاعلة في قطاع الإكساء بتونس إذ أن تنظيم الجامعة التونسية للنسيج والملابس وسفارة تركيابتونس وجمعية مصدّري النسيج والمواد الأولية بإسطنبول لمنتدى التعاون القطاعي للنسيج والإكساء بين البلدين لم يخلف أصداء طيبة لدى الطرف النقابي أو لدى منظمة الأعراف « UTICA» إذ يعتقد الطرفان أن القطاع يحتاج إلى إعادة هيكلة وتبني إستراتجية وطنية موحدة قبل البحث عن التعاون مع شركاء أجانب. من جهته، أكد نافع النيفر النائب الثاني لرئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس خلال منتدى التعاون، الذي أقيم يوم الاثنين المنقضي بضاحية قمرت انه على تونس الاستفادة من خبرة الأتراك في مجال النسيج خاصة وأن مشاركتهم قادرة على دعم القدرة التنافسية للنسيج التونسي في السوق الأوروبية وغيرها. وفي هذا الإطار نشير إلى التمويلات التي سيخصصها أحد البنوك التركية والتي تصل إلى 20 مليون دولار بهدف دعم الاستثمار المشترك التونسي التركي في بلادنا. ولعّل استياء الجامعة التونسية للنسيج والملابس من قرار وزارة التجارة، الذي حذف منتوج الملابس الجاهزة من قرار الترشيد في التوريد (والترشيد في التوريد هو قرار أصدره البنك المركزي في 10 أكتوبر 2017. ويدعو لعدم توريد البضائع التي لها مثيل في تونس دعما للإنتاج الوطني وحفاظا على مدخرات العملة الصعبة) فرض على صناعيي قطاع النسيج البحث عن سبل جديدة لإيجاد تعاون مثمر مع الأتراك يدعم الصناعة الوطنية عوض أن ينهكها أكثر. كاتب عام الجامعة العامة للنسيج والجلود والأحذية: انتهاكات حقوق العمال كبيرة .. أفاد كاتب عام الجامعة العامة للنسيج والجلود والأحذية المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل الحبيب الحزامي «الصباح الأسبوعي» أن قطاع النسيج في تونس شهد تقلصا كبيرا على مستوى الإنتاج منذ سنة 2010 ، تمثل في إغلاق 400 مؤسسة تونسية وأجنبية وفقدان قرابة 30 ألف موطن شغل وهو ما تسبب في تراجع الإنتاج ولم يعد ينشط في السوق حالياإلا 1776 مؤسسة. وعن الوضع المهني للعاملين في قطاع النسيج، بين محدثنا أن المؤسسات، التي تضم نقابات أساسية، يتمتع عاملوها بحقوقهم ويطبق عليهم القانون لافتا الانتباه إلى أن التجاوزات موجودة في بعض المؤسسات الأخرى خاصة على مستوى الضغط النفسي على العاملين والاعتداء عليهم لفظيا وجسديا وبصفة يومية خاصة وأن 85 بالمائة من العاملين في مصانع النسيج من النساء وأضاف كاتب عام الجامعة العامة للنسيج والجلود والأحذية في السياق ذاته أن هؤلاء العاملين يتعرضون لأمراض عديدة أبرزها تضرر الجهاز التنفسي بسبب المواد الكيمائية المستعملة في قطاع النسيج وفضلات الأقمشة إلى جانب الإصابات، التي قد تلحق بالعمود الفقري لطول ساعات العمل دون استراحات متعددة في اليوم الواحد وهذه الانتهاكات تطال كذلك ظروف الاستراحة والأكل التي تكون في الغالب غير صحية وفي مكان لا يوفر لا الراحة الجسدية ولا الراحة النفسية وشدد الحبيب الحزامي على أن الجامعة العامة للنسيج والجلود والأحذية ستطلق حملة لحماية حقوق العاملين في هذا القطاع خلال مؤتمرها القادم في 3 فيفري القادم بمدينة الحمامات وعن مسألة انسحاب عديد صناعيي قطاع النسيج من اتحاد الصناعة والتجارة وتكوينهم لجامعة خاصة بالنسيج والملابس للبحث عن سبل جديدة تطور هذا المجال الصناعي والتجاري، قال محدثنا أن هذا الانسلاخ يعود لأسباب شخصية بين الطرفين آملا أن يجتمع حقا الأعراف على هدف واحد يرتقي بقطاع النسيج ويحمي حقوق عماله وموظفيه، لا أن يرفضوا الزيادة في أجور يفرضها القانون، موضحا أن الأعراف لن يكونوا قادرين على تطوير هذا القطاع والتعاون مع مؤسسات أجنبية دون أن يكون للدولة دور في ذلك خاصة وأن المئات من الأعراف يستغلون حاجة الشباب لموطن شغل .فهذا المجال العمالي إذ توفرت الإرادة السياسية يمكنه تشغيل 300 ألف عامل في كامل أنحاء الجمهورية لا أن يكون منتصبا في 13 ولاية فحسب رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة والأقمشة :السلع التركية سبب البلية .. شدد محسن بن ساسي رئيس الغرفة الوطنية للملابس الجاهزة والأقمشة في حديثه ل«الصباح الأسبوعي» على أن منظمة الأعراف في قطاع النسيج ليست هي الجامعة التونسية للنسيج والملابس ولئن كانت الأهداف مشتركة وذات توجه واحد وهو دعم الصناعة الوطنية في هذا القطاع مشيرا إلى أن هناك مفاوضات لعودة هؤلاء الصناعيين إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة. وعن الإشكال، الذي يعيشه القطاع في الوقت الراهن ، أوضح محسن بن ساسي « التجارة الموازية وغزو السلع التركية لأسواقنا المحلية وراء تدهور القطاع وبالتالي علينا محاربة الفساد، الذي سهل هذه التجاوزات فبعد أن كان القطاع يشغل 220 ألف تونسي تراجع إلى 160 ألفا فيما أصبحت مرتبة تونس التاسعة على مستوى صادراتها للسوق الأوروبية «بعد أن كانت تحتل المرتبة الخامسة سابقا. وعن موقفه من التعاون المنتظر بين الجامعة التونسية للنسيج والملابس والصناعيين الأتراك في مجال النسيج كشف محدثنا أن هذا التعاون لن يكون مثمرا إلا إذ كان ذا فائدة لكلا الطرفين فما ينقص تونس هو المواد الأولية من الأقمشة وتركيا يمكن أن توفر ذلك فقطاع النسيج في تونس للأسف غير متكامل بسبب محدودية إنتاجه وعلى الدولة أن تكف عن «قراراتها الاعتباطية» كذلك وتجلس للنقاش مع أهل الذكر من الصناعيين التونسيين بعيدا عن البيروقراطية لإيجاد إستراتجية تحقق الازدهار لقطاع النسيج الوطني وتطور صناعة تحت مسمى» Tunisia «made in رئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس :مازلنا تحت مظلة العائلة الكبرى للأعراف وقطاع النسيج في حاجة لإعادة الهيكلة نفى رئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس نجيب قرافي في تصريحه ل«الصباح الأسبوعي» أن يكون انسحاب صناعيي قطاع النسيج من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة قطعا للعلاقات مع العائلة الصناعية الكبرى للأعراف في البلاد مؤكدا أن الجامعة التونسية للنسيج والملابس الحديثة النشأة هي على غرار الابن، الذي يستقل عن بيت والده ليشق طريقه بنفسه وحين يشعر أن والده وفر له أجواء أفضل في البيت يمكنه أن يعود قائلا : «اتحاد الصناعة والتجارة من غير قطاع النسيج ضعيف والعكس صحيح ونحن لا ندعو للتجزئة ولا للتفرقة ..هي محاولة للبحث عن سبل نجاح جديدة لدعم الصناعة الوطنية» وأقر رئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس نجيب قرافي بوجود صعوبات كبيرة يشكو منها قطاع النسيج في تونس منها الذاتي ومنها الموضوعي مشيرا إلى أن المعاملة غير العادلة من قبل الاتحاد الأوروبي للصادرات التونسية في النسيج وقلة حرفية المسوؤلين وراء الكثير من المشاكل في هذا القطاع، الذي يعتبر من أعمدة الاقتصاد وأحد أهم قطاعاته المشغلة. واستدرك محدثنا قوله بلفت الانتباه إلى أن المؤشرات الايجابية ستطرح قريبا خاصة وأن سنة 2017 شهدت انتعاشة في المجال ومن المنتظر أن يستقطب القطاع 60 ألف موطن شغل جديد في الثلاث سنوات القادمة نافيا أن يكون التعاون مع الصناعيين الأتراك قادرا على تحقيق الكثير خاصة وأن الجانب التركي يبحث عن الربح التجاري فحسب سفير تركيابتونس ل"الصباح الأسبوعي":الشراكة التركية التونسية قادرة على توفير 20 ألف موطن شغل في قطاع النسيج كشف السفير التركي بتونس عمر فاروق دوغان في لقاء مع «الصباح الأسبوعي» أن قطاع النسيج في تركيا بدأ إنتاجه في سنة 1980 وحقق منذ ذلك الوقت 30 مليارا من الصادرات وهو من القطاعات الأكثر هيكلة في الاقتصاد التركي رغم انه مر مؤخرا بسنة صعبة على مستوى التعاون التجاري مع تونس إذ بلغت هذه الخسائر 10 بالمائة موضحا أن بلاده لا ترغب في أن تكون وراء خسائر تونس التجارية وذلك تعليقا على قرار مجلس نواب الشعب بخصوص قانون المالية لسنة 2018 الذي نص على أن تكون السلع التركية الموردة ذات مقاييس معينة مع محدودية توريدها إلى تونس. وشدد السفير التركي بتونس عمر فاروق دوغان في ذات السياق على أن تركيا شريك استراتجي لتونس قائلا: «نحن نهتم كثيرا بالتعاون مع شريكنا التونسي ونسعى لتطوير الاستثمار المشترك بينا وذلك بتخصيص تمويلات وخلق فرص للشراكة بيننا وفي مجال النسيج خاصة لأنه يمثل كذلك لتونس قطاعا حيويا يشغل 165 ألف عامل.» وأشار محدثنا إلى تراجع مرتبة تونس من الخامسة إلى التاسعة على مستوى التصدير للأسواق الأوروبية في قطاع الإكساء رغم أنها تستحق مكانة أفضل قائلا «لذلك كان هدف لقائنا مع الصناعيين التونسيين والبحث في شراكة تجمعنا هو الترفيع في مستوى الانتاج التونسي وقدرته التنافسية في الأسواق الأوروبية خاصة وأن تركيا هي المصدر الأول في قطاع النسيج لأوروبا في تنافس مع آسيا الشرقية وتحديدا الصين وبنغلادش مضيفا: «سعينا لدعم تونس باعتبار انها تدفع اداءات للحصول على مواد أولية وتصدير إنتاجها لأوروبا على عكس تركيا لذلك سيقدم هذا التعاون الكثير لتونسوتركيا معا فنحن نملك مواد أولية مهمة وتونس منبع للكفاءات الشابة والمتعلمة والمختصة وهي الأولى في إفريقيا في المجال كما أن هذه الشراكة ستفتح مجالا أكبر لفرض التشغيل.» وأقر السفير التركي بأن تونس تملك إنتاجا في مجال النسيج وكفاءات جيدة لكنها في حاجة لتطوير القطاع ليكون أكثر تنافسية على الصعيد العالمي وأن تخصيص بنك تركي لتمويلات تقدر ب20 مليون دولار قادرة على تشغيل 20 ألف شاب تونسي إلى جانب وجود 165 ألف تعتبر إضافة كبيرة.